قلق وتوتر إذا جلست مع مجموعة من الأشخاص مع ضيق في النفس... ما العلاج؟

0 392

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.

أرجو من الدكتور محمد عبد العليم التكرم بالإجابة عن سؤالي.

مشكلتي أني أعاني من قلق وتوتر دائم، خاصة إذا كنت أجلس مع شخص أو مجموعة من الأشخاص، أشعر أن جسمي مشدود دائما، وأنفاسي تضيق، خاصة إذا أكلت أو سمعت القرآن، أو أي نص ديني، أو إذا شرحت موادي التعليمية للطلاب، كما أني لا أستطيع أن آخذ نفسا وأنا في وضعية النوم، إذ يجب أن أجلس حتى آخذ نفسا، وإذا كنت في جلسة أخرج لكي أرتاح.

أرجو أن تساعدني، وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونشكرك كثيرا على تواصلك مع إسلام ويب.

من شرحك البسيط والمقتضب لكنه واضح ومفيد، أقول لك:

إن حالة القلق التوتر الظرفية التي تعاني منها، تحمل السمات البسيطة للقلق الاجتماعي، أو الرهاب الاجتماعي، لكن بفضل الله تعالى درجة معانتك من الدرجات البسيطة جدا، فهذا المرض قد يكون على شكل حالة شديدة وقوية ومعيقة، ولكن في بعض الأحيان تكون متوسطة وبسيطة وخفيفة جدا، في هذه الحالة نعتبره ظاهرة، وليس مرضا، وأنا أعتقد أن حالتك لم تصل إلى الدرجة المرضية أبدا.

الشيء الذي سوف يفيدك حقا هو أن تلم بالحقائق، وأن تصحح مفاهيمك حول هذه الحالة، القلق والتوتر الذي يأتيك هو شعور داخلي خاص حقيقي بالنسبة لك، لكنه لا ينعكس أبدا على الآخرين، بمعنى أن لا أحد يلاحظ أنك قلق أو متوتر؛ لأن كل التفاعلات هي تفاعلات داخلية، ولا تؤثر أبدا على السلوك أو المظهر الخارجي، هذه حقيقة مهمة جدا.

كثير من الإخوة والأخوات الذين يعانون من الخوف الاجتماعي بدرجاته المختلفة؛ يأتيهم هذا الشعور بأنهم تحت المراقبة، وتحت نظر الآخرين، وهذا يسبب لهم فشلا، وإدانة اجتماعية، ونوعا من افتقاد للمكانة، أو حتى التحقير، أو شيئا من هذا القبيل، هذا -يا أخي- ليس صحيحا، يجب أن تتأكد من هذه الحقيقة.

والشد العصبي والضيق في النفس هي مشاعر داخلية، تحس بها أنت نتيجة لتغيرات فسيولوجية بسيطة، ولكنها نسبية؛ لأن هذه التغيرات ليست بالشديدة، فهي لا تنعكس على الآخرين، وهذا مهم.

ثانيا: أخي من أهم سبل العلاج أن لا تتجنب هذه المواقف، وعلى العكس تماما عرض نفسك، وكرر هذا التعرض، وامنع الاستجابة السلبية، واقصد بالاستجابة السلبية التجنب والتهرب من هذه المواقف حتى حين تحس بالقلق والتوتر استمر في المواجهة، وهذا هو المحك العلاجي الإيجابي الحقيقي.

ثالثا: أخي أعط لنفسك قيمة خاصة فيما تقوم به من عمل، وهو أنك معلم، وتعرف أن هذه مهنة راقية، وفيها كثير من الخير.
فيا أخي: ما تقوم به من دور أنت مؤهل له، ومقتدر، ويمكن أن توظف هذه الوظيفة لأن تفيد نفسك والآخرين، إذن –أخي- لا تقلل من شأنك، ولا من شأن ما تقوم به.

رابعا: أنصحك بأن تطور من مهاراتك الاجتماعية البسيطة، ودائما أبدأ بالسلام فهذا مهم جدا، ومن يبدأ بالتحية -وبشيء من الانشراح والتبسم في وجه أخيه- يكسر كل الحواجز النفسية، ويحس بشيء من الاسترخاء والراحة والأريحية في داخل نفسه، فكن -يا أخي- حريصا على هذا النمط السلوكي، وأنا أثق تماما أنه سوف يفيدك كثيرا.

التواصل الاجتماعي الجماعي، مثل مشاركة الناس في مناسباتهم الاجتماعية، وحضور المنتديات الثقافية والعلمية، وممارسة الرياضة الجماعية، كلها -يا أخي- فيها نوع من التدريب النفسي الجيد جدا.

بالنسبة لموضوع النفس: وأنت في وضعية النوم يجب أن تجلس حتى تأخذ نفسا هذا كله نوع من النمط الوسواسي الذي أصابك، نسبة لهذا القلق الذي تعاني منه، وهي حالة جزئية بسيطة جدا مرتبطة بحالة القلق العام، والذي تمثل وظهر وتأصل في شكل قلق اجتماعي كما ذكرت لك.

عليك أيضا بتمارين الاسترخاء، ونوصي بها كثيرا، وتطبيقها بصورة منتظمة يفيدك كثيرا، ويمكنك أن تتدرب عليها من خلال مقابلة أخصائي نفسي، أو تصفح أحد مواقع الإنترنت، أو الحصول على كتيب، أو شريط، وسوف تجد فيها فائدة.

سوف يكون من الجيد جدا أن تتناول أحد الأدوية المضادة للقلق والمخاوف، وعقار زولفت (Zoloft )، وأيضا اسمه لسترال (Lustral) واسمه العلمي هو سيرترالين (Sertraline) أعتقد أنه سيكون دواء جيدا، وأنت محتاج له في جرعة صغيرة، وليس جرعة كبيرة، والجرعة المطلوبة هي أن تبدأ (25) مليجراما -أي نصف حبة- تناولها ليلا بعد الأكل، واستمر عليها لمدة عشر أيام، ثم بعد ذلك اجعلها حبة كاملة، واستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم خففها إلى نصف حبة ليلا لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء، الدواء دواء سليم، وفعال جدا، وغير إدماني، وغير تعودي.

أسأل الله تعالى -أخي الكريم- أن يجعل لك فيه خيرا ومنفعة، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات