السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,،،
أنا فتاة عمري 22 سنة، أحب الله كثيرا، أريد أن أطيعه ولا أعصيه, ولكني أحس أني أعصيه، قلبي دائما يؤنبني, ولا أدري لماذا أحس بالقلق والضيق دائما، ودائما تراودني أفكارا سلبية عن الحياة وعن دراستي وزوجي -الذي دائما أتشاجر معه على أشياء ليس لها معنى وهو حنون معي-.
وأحوالي في البيت مع والدي -الحمد لله, ولكني تعبت كثيرا من الحياة, ولا أعلم لماذا أفعل ذلك وأنا بهذا السن!
أرجوكم ساعدوني, وانصحوني, جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ lmariem حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت, وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يهديك صراطه المستقيم.
كما نسأله تبارك وتعالى أن يصرف عنك كيد شياطين الإنس والجن، وأن يوفقك في حياتك الإيمانية, وفي حياتك الزوجية، وأن يجعلك من صالحات المؤمنين، ومن سعداء الدنيا والآخرة.
وبخصوص ما ورد برسالتك – أختي الكريمة الفاضلة – من أنك تحبين الله تعالى كثيرا، وتريدين أن تطيعيه دائمة, ولا تعصيه، ولكنك تشعرين بأنك تعصينه.
أقول لك -أختي الكريمة الفاضلة-: إن مجرد الشعور في حد ذاته ليس شيئا، وإنما العبرة بالمعاصي التي يقع فيها الإنسان، فكونك تشعرين مجرد شعور بذلك، هذا حقيقة لا يدل على أنك تعصين الله تبارك وتعالى، وإنما عليك -بارك الله فيك- أن تجتهدي في التزام أوامر الله تعالى؛ لأن الإسلام يقوم على ثلاث مجموعات من التكاليف :
• المجموعة الأولى هي: الأوامر التي وردت في كلام الله تعالى وكلام النبي عليه الصلاة والسلام، ونحن مطالبون بأن ننفذ هذه الأوامر على قدر استطاعتنا، كما قال الله تبارك وتعالى: {فاتقوا الله ما استطعتم}, وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم).
إذن نحن أمام الأوامر والتكاليف الشرعية الواردة في القرآن والسنة مطالبون أن نجتهد على أقصى ما نستطيع في تنفيذ هذه الأوامر، والذي لا نستطيع عمله نستغفر الله عز وجل منه, ونتوب إليه من تقصيرنا فيه.
• والمجموعة الثانية هي: المحذورات والمنهيات, والمحرمات والمكروهات، وهذه هي الأشياء التي نهانا الله تبارك وتعالى, أو نهانا عنها النبي صلى الله عليه وسلم، وهذه كما قال الله تبارك وتعالى: {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما}, وكما قال الله تبارك وتعالى عنها: {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا}.
فالأشياء التي نهانا الله عنها, أو نهانا عنها النبي عليه الصلاة والسلام كالكذب, والغش, والغيبة, والنميمة، والخيانة, والزور، وأكل الربا، وغير ذلك، هذه أشياء يجب علينا أن نتركها كلية لله سبحانه وتعالى؛ لأن الله تبارك وتعالى كما أخبرنا في قوله جل جلاله: {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} أي نحن مطالبون بالانتهاء والتوقف نهائيا عن المعاصي سواء أكانت صغيرة أو كبيرة، فإذا وقعنا في شيء من ذلك فكما قال الله تبارك وتعالى: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا}.
ولكن كيف يغفر الله لنا؟
قال سبحانه وتعالى: {إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم} فإذا وقعت في ذنب من هذه الذنوب فعليك بالتوبة والاستغفار، ويغفر الله تبارك وتعالى لك.
• وأما المجموعة الثالثة والأخيرة فهي: الحدود التي حدها الله تعالى، وهذه الحدود أعتقد أنه لا علاقة لك بها الآن؛ لأن هذه الحدود حدها الله تبارك وتعالى كالحدود في المواريث, وتقسيم المواريث, والأنصبة على الناس، وهذه في الغالب استعمالها قليل في حياة معظم الناس.
أما معظم الأمور فتكون إما في الأوامر التي أمر الله بها, أو في النواهي التي نهى الله عنها، ولذلك قال الله تعالى: {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا}, والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم، وما نهيتكم عنه فاجتنبوه), أو كما قال صلى الله عليه وسلم.
فعليك أن تجتهدي في تنفيذ الأوامر على قدر استطاعتك، وأن تجتهدي أيضا في ترك المحرمات كبيرها وصغيرها، وإن حدث تقصير في بعض هذه الأشياء فمن رحمة الله بنا أن فتح الله لنا بابا يسمى باب التوبة، فنتوب إلى الله تعالى ونستغفر، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يستغفر الله ويتوب إليه في المجلس الواحد أكثر من سبعين مرة أو مائة مرة، إلى غير ذلك من النصوص التي وردت في هديه صلى الله عليه وسلم في التوبة والاستغفار.
فعليك بالتوبة والاستغفار، واعلمي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من تاب تاب الله عليه), والله تبارك وتعالى قال: {فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا * يرسل السماء عليكم مدرارا * ويمددكم بأموال وبنين * ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا*}. فعليك بالإكثار من التوبة والاستغفار، وهذه -بإذن الله تعالى- هي حل العلاقة بينك وبين الله تبارك وتعالى.
فيما يتعلق بالأفكار السلبية على حياتك, وعلى دراستك, وعلى زوجك: أنا أنصحك بعمل الآتي:
• بالرقية الشرعية، فعليك بعمل الرقية الشرعية, إن استطعت أن تقومي بذلك بنفسك فذلك خير، وإن لم تستطيعي فمن الممكن أن يساعدك في ذلك إما الوالدة, أو الوالد, أو زوجك في رقيتك الرقية الشرعية، لاحتمال أن تكوني محسودة؛ لأنك مازلت في سن صغيرة, وقد من الله عليك بالزواج, والدراسة, وغير ذلك، فقد يكون حسدك بعض الناس, وأنت لا تشعرين.
فعليك بالرقية الشرعية، وإن لم تجدي أحدا فمن الممكن أن تستعيني ببعض الأشرطة التي فيها الرقية الشرعية, وتستمعي إليها، وإذا لم يتيسر لك ذلك أيضا فلا مانع أن تستعيني ببعض المشايخ الرقاة الذين يعالجون بالرقية الشرعية، بشرط أن يكونوا من أهل الالتزام بالسنة، وأن لا يستعملوا وسائل بدعية أو شركية في رقيتهم.
• عليك بالدعاء والإلحاح على الله تعالى أن يصلح الله حالك، وأن يجعلك الله من الصالحات القانتات، كذلك أن يصلح ما بينك وبين زوجك، وأن يصلح ما بينك وبين والديك، وأن يعينك في دراستك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، فعليكم عباد الله بالدعاء) والله تبارك وتعالى قال: {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم}.
فإذن عليك بالدعاء, والإلحاح على الله تعالى أن يصلح الله حالك، وأن يصلح الله أمورك كلها، وأن يجعلك سعيدة في هذه الحياة، وأن يذهب عنك هذا التعب, وهذه المشاكل.
• كذلك أيضا أوصيك بكثرة الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام بنية إصلاح الحال، وكذلك كثرة الاستغفار كما ذكرت.
• كما أوصيك بالمحافظة على أذكار الصباح والمساء، فإنك بذلك ستكونين في أسعد حال -بإذن الله تعالى-.
هذه الأمور التي ذكرتها كلها عوامل تساعد على السعادة, والأمن, والأمان, والاستقرار, وتحسين علاقة العبد بربه، فعليك بذلك -خاصة الدعاء- واسألي أيضا والديك الدعاء لك؛ لأن دعاء الوالدين للولد لا يرد، كما أخبر النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم، ونحن في الموقع نسأل الله أن ييسر أمرك، وأن يشرح صدرك، وأن يجعلك من سعداء الدنيا والآخرة.
هذا وبالله التوفيق.