كيف أجعل نيتي خالصة لوجه الله؟

0 680

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

أسأل الله أن يبارك في جهودكم, وأن ينفع بكم, ويزيدكم علما, وأن يجعل ما تفعلونه في ميزان حسناتكم وبعد:

بدأت طريق الالتزام منذ سنة أو أكثر تقريبا، والحمد لله لم أحد عن الطريق إلى الآن، لكنني لا ألبث أن أشعر بفتور, ونقص همة, على عكس ما بدأت به أول التزامي.

لكن أكثر ما يؤرقني هي مشكلة قد تبدو بسيطة في ظاهرها لكنها –والله- كبيرة، وأخشى أن تحبط أعمالي بسببها، عانيت من عدة ظروف قاسية من قبل حطت من ثقتي بنفسي، وجعلتني أخشى أي نقد، وأجرح من أي كلام لا يعجبني، وأنفعل كثيرا.

لكنني -والحمد لله- أصلحت من نفسي الآن بفضل من الله، لكن بقي هناك أمر، ولعل هذا من أكبر الأسباب في ما أعانيه الآن: وهو أني أحب سماع أي كلمة طيبة جميلة, أو ثناء, أو أي كلام تفخر به نفسي، وكلما نويت أن أفعل شيئا لوجه الله وبدون أن أشعر يخالطه حب المدح والثناء، بل إنني أحاول أن أقنع نفسي بأنه من العادي أن لا يقابل كل عمل أفعله بمدح، فإذا بي أجد نفسي أنتظر شكر الناس, وأغتاظ إن لم يشكروني، والله أعلم بما يحتد داخلي من صراعات لأجل هذا الأمر.

لن أطيل عليكم، بالمختصر: نيتي أتعبتني، أريد أعمالا خالصة لوجه الله وحده، لا أعمالا مهددة بالإحباط، حاولت إصلاحها مرارا وتكرارا ولم أجد لهذا من سبيل.

أرشدوني وفقكم الله لخيري الدنيا والآخرة، دعواتكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مسلمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

حفظك الله ورعاك، أشكرك على تواصلك مع الشبكة الإسلامية.

لما قرأت مشكلتك عرفت من خلالها أنك تريدين أن تحققي النجاح، وتصعدين سلم المجد، وتنجحين في الدنيا، وتطمحين للنجاح الحقيقي في الآخرة، ولكن ضعف اليقين في نصر الله وتوفيقه وتثبيته لك بالقول الثابت في الدنيا والآخرة، وغياب حسن الظن به سبحانه، وعدم ثقتك بنفسك وقدراتك، جعلك تعيشين في دوامة.

- حاولي –أخية- أن ترمي المشاكل وراء ظهرك، وسيري نحو الأمام، واقرئي سير الناجحين والناجحات من العظماء الذين تركوا بصماتهم في هذه الحياة, وخلدوا ذكراهم لتجدينهم تعبوا في حياتهم, وواجهوا المخاطر والمشاكل حتى وصلوا إلى درجة النجاح والعلو.

- اعملي جاهدة على تحقيق أهدافك، فما استحق أن يعيش من عاش دون هدف؛ لأنه يكون جاهلا بحكمة الله في خلقه؛ لأننا خلقنا للعبادة والعمل، فحاولي أن تركزي على أولوياتك، وضعي خطتك، وارسمي صورة واضحة في ذهنك، تستطيعي أن تحققي مزيدا من النجاح والتميز.

- وطدي علاقتك بالله عز وجل؛ حتى تكون لديك طاقة إيمانية، والزمي دائما الذكر والدعاء والاستغفار، واستمعي إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا، ومن كل هم فرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب) .

- احذري لصوص الطاقة الذين يسلبون منك حب النجاح, وحب العمل, وحب الترقي والصعود إلى المجد، ومن أنواع اللصوص لص تشتت الذهن الذي تعانين منه، فحاولي أن تحصري قواك الذهنية، واكتبي مشكلتك على ورقة، واسألي نفسك أسئلة صريحة، وحاولي أن تكتبي الحلول لهذه المشكلة، وطبقيها على أرض الواقع، ولا تشغلي نفسك بما ليس مفيدا لك، وتذكري دائما قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم : (من أصبح منكم معافى في جسده آمنا في سربه عنده قوت يومه فكأنما حاز الدنيا بحذافيرها) فلماذا هذه الحيرة!؟

- استخيري الله تعالى قبل أن تقدمي على أي عمل، وإذا اطمأننتي له فتوكلي على الله.

- اعلمي أن الثقة بالله ثم بالنفس من المقومات الرئيسة لاستثمار الإنسان أفضل ما لديه من طاقات وإمكانات، فأنت عندك طاقة كامنة وإرادة وعزيمة تحتاج إلى من يحركها، استمعي إلى قوله تعالى:(وفي أنفسكم أفلا تبصرون) ولكنك تحتاجين إلى بذل المزيد من الجهد, والأخذ بالأسباب, وقبله التوكل على الله, فالنجاح لابد له من دفع الثمن، وبلا شك صاحب الإرادة والعزيمة القوية يصل إلى القمة, ويرتقي سلم المجد، وعلى العكس الذي ليس له إرادة ولا عزيمة فلا يمكن بحال من الأحوال أن يتقدم ولو خطوة إلى الأمام، فهو مصاب بالإحباط والكسل والفتور والتسويف.

- ولكي تقوي عزيمتك لابد أن تكون لديك الرغبة في النجاح، ولابد أن يكون لك الدافع الذي يحثك على تقوية عزيمتك وإرادتك، وأنت من يملك مفاتيح هذه الآلية، ومقاليد القرار، ولكن يحتاج منك إلى خطوات تساعدك على الوصول إلى الهدف.

- إذا أردت أن تقوي عزيمتك وإرادتك فعليك أولا بالطاقة الروحانية، وأقصد بها الطاقة الإيمانية، بأن تتوكلي على الله أولا.

فاشدد يديك بحبل الله معتصما *** فإنه الركن إن خانتك أركان

- حاولي أن تغذي طاقتك العاطفية، وأقصد بها علاقتك مع أسرتك و صديقاتك وجيرانك، فإن أصابها خمول فسينتقل إليك هذا المرض بلا شك, ولن تستطيعي أن تتقدمي إلى الأمام خطوة، فحاولي أن تحبي لغيرك ما تحبين لنفسك، وحرري طاقتك، وهذا سيخلق لديك طاقة قوية في أعماقك ويجعل منك إنسانا ذا إرادة، إنسانا كريما سخيا.

- حاولي أن تقرري في نفسك بأنك ستقوين من عزيمتك وإرادتك، فإذا قررت دون تردد فستصلين -بإذن الله تعالى- إلى الهدف.

- أيقظي ضميرك فهو جهازك الذي يحركك إلى النجاح، فهو الذي يأمرك وينهاك, وهو الذي يقدمك أو يؤخرك، وهو صوتك الذي ينبعث من أعماق نفسك فحاولي أن تصوبيه في الطريق الصحيح كي يعطيك القوة والعزيمة والإرادة.

- عليك بصحبة الخيرات الناجحات؛ تأخذين منهن وتتأسين بهن، وابتعدي عن ذوات النفوس المهزومة والإرادة الضعيفة.

- لا تبني حياتك على التسويف, ولكن تعلمي دائما بأن تقومي بالعمل في وقته، فهذا يعطيك طاقة وقوة تساعدك في التغلب على عقبات الطريق.

- حاولي أن توطني نفسك، بأن رحلة ألف ميل تبدأ بخطوة واحدة.

- ذكري نفسك بالأنشطة والأعمال التي حققت فيها نجاحا عاليا كلما شعرت بالإحباط والتردد.

- حاولي أن تواجهي ضعف الإرادة بشجاعة وحزم، ولا تدعي الظروف تهزمك، وتذكري دائما أن الحياة مملوءة بالعوائق والنكسات.

- حاولي أن تحافظي على عبادتك، ولا تضيعي منها شيئا فهي زادك في الدنيا والآخرة.

وأخيرا: أختي الفاضلة: مشكلتك ليست مرتبطة بالنية وإنما هي انعدام الثقة بالنفس جعلك تترددين في عمل أي شيء, وإذا عملت أي شيء يتعبك التفكير في نتائج هذا الفعل، فاطمئني فأنت صحيحة سليمة -ولله الحمد-، فهذه مجرد وساوس وقفت كعقبات في طريق نجاحك, سرعان ما تزول بقوة الإيمان, والعزيمة, والمضي قدما في أعمال الخير، والصبر, والاحتساب.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات