السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله لكم في خدمة المسلمين، ولا حرمتم كريم الأجر.
سؤالي حول الاختيار بين الزواج أم التجارة.
أخوكم في الله حائر بين الزواج وبين بداية عمل تجاري, فأنا شاب -ولله الحمد- أحب ديني كثيرا، وأصلي وأصوم وأتسامح، لكنني مللت العيش في إسبانيا، ولا أريد الرجوع إلى كثرة الفتن والمغريات للعمل هناك، وأريد أن أستقر في بلدي وأتزوج؛ حيث ليس لدي رأس مال كثير قد يكفيني للتجارة به أو الزواج؛ حيث في الحالة الأخيرة علي الرجوع لإسبانيا لجمع رأس مال جديد، فهل أبدأ التجارة أم أتزوج؟
علما أنني أعيش في بلدي مع الوالدة ذات الطابع الصعب، فعدة مرات قد تطردني من المنزل إن لم ألب بعض طلباتها المتعصبة تجاه أفراد عائلتي أو لم أصغ لأوامرها, وهذا ما يخيفني إن تزوجت فيحدث هذا الشيء.
أفيدوني بارك الله فيكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فمرحبا بك أيها الأخ الحبيب في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى لك التوفيق، وأن ييسر لك أمرك كله، وأن يكفيك بحلاله عن حرامه، ويغنيك بفضله عمن سواه.
نشكر لك تواصلك معنا، كما نشكر لك حرصك على البعد عن الافتتان في دينك، ونسأل الله تعالى أن ييسر لك الخير.
لا شك أيها الحبيب في أن الفرار من مواقع الفتن في الدين من أعظم المقاصد الذي حث عليه الشرع الحنيف، فالدين رأس المال، وكما قال القائل:
الدين رأس المال فاستمسك به واهرب بدينك آخر البلدان
فإذا كنت ترى من نفسك القدرة على الصبر والتعفف عن الزواج في هذه الأيام حتى تتمكن من بناء مشروع تجاري يدر عليك ما تحتاجه من الدخل، وقد يبارك الله عز وجل لك فيه فيتيسر لك الزواج، فإذا كنت تقدر على التعفف والصبر فنصيحتنا لك أن تبدأ عملك التجاري على بركة الله، مستعينا بالله سبحانه وتعالى، ولعل في ذلك خيرا بعد استخارة الله عز وجل ومشاورة العقلاء من أهلك الذين يدركون مجاري الأمور في البلد الذي أنت فيه.
أما إذا كنت تخاف على نفسك الوقوع في الحرام فخير لك أن تبدأ بالزواج وتستعين بالله تعالى على ذلك، وسيجعل الله عز وجل من عسرك يسرا ما دمت تتوخى وتتحرى الحلال وتبتعد عن المعصية بقدر استطاعتك، فإن الله عز وجل وعد ووعده لا يتخلف، فقال سبحانه: {ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب}.
فنسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير وأن يبصرك بمواطن الصواب، وأن يأخذ بيدك إلى ما فيه نجاحك وفلاحك، ونوصيك بالإحسان إلى أمك بقدر الاستطاعة، فإن برها من أسباب بل من أعظم أسباب دخول الجنة، كما أن الإحسان إليها يعود عليك بالبركة في عمرك وفي جهدك وفي مالك، فاحرص كل الحرص على إرضائها في غير معصية الله تعالى، وألن لها الجانب، وأحسن لها في الخطاب، وقل لها قولا كريما كما أمرك الله تعالى، واحرص على تقديم ما تقدر عليه لها من الخير ما يسرها ويفرحها، فإن دعوة من أمك قد تصادف أبواب السماء مفتوحة فيكتب الله عز وجل لك بها السعادة في دنياك وآخرتك.
نسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير حيث كان ويرضيك به، وأن يجعل لك من كل عسر يسرا.