السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيكم على هذا الموقع الأكثر من رائع.
سؤالي هو: أنا أم لطفلين وحامل بشهري الثالث، وكنت قد عانيت بطفلي الثاني من اكتئاب ما بعد الولادة، بدأ بعد ولادتي بابني بثلاثة شهور، تميز بالعصبية الشديدة، حتى إني أضرب ابني الأكبر بدون رحمة، لأصل آخر النهار ويدي تؤلمني من ضربه وعصبيتي وشد أعصابي.
لكن لم يؤثر على مستوى نومي، لهذا طبيبة النساء وصفت لي فقط سلبيريد 50 مرة واحدة مساء، وقالت إنه لا يؤثر على الرضيع، وعلى العكس يدر الحليب.
لكني للأسف لم أواظب عليه، إلى أن تطورت حالتي بعد 5 شهور أخرى، وانعدم النوم، وبالنهار تأتيني نوبات ثلاث مرات يوميا، وأكثر، وفجأة دوار، وعدم اتزان، وأحس أن الأكسجين انقطع عن صدري، وزغللة وطنين، وخفقان، ونفضات بالجسم أكثر من الرعشة، وكنت لا زلت أرضع.
وصف لي الطبيب سلبيرايد 50 لكن 3 مرات مع الأنديرال، تحسنت جدا جدا -الحمد لله-، وها هو ابني عمره سنتان وشهران، والآن حامل بالثالث بالشهر الثالث.
ما نصيحتكم لي بعد الولادة؟ هل أتناول فورا سلبيرايد؟ علما بأنه أثناء حملي الآن تأتيني فترات لا أقدر على النوم، أو فجأة خوف من لا شيء، وخفقان ورعشة بجسدي، أحاول أن أتجاهلها وأقوم فورا بتمرين الاسترخاء، وتظل قرابة الساعتين.
تخوفي هو ما بعد الولادة، هل سأصاب بنكسة -لا سمح الله- وهل صحيح سلبيرايد لا يؤثر على الرضيع، وهل أبدأ به فورا بعد الولادة -بإذن الله تعالى- ومهما كانت الولادة نوعها؟
أنا بطبيعتي قلقة، وأحمل الأمور فوق ما تحمله وأدعو ربي أن يغير هذه النفسية التي أتعبتني في حياتي.
أرجو النصح منكم؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم سعد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
جزاك الله خيرا على ثقتك في هذا الموقع وعلى تواصلك، ونسأل الله لك العافية ويمر حملك على خير، وتكون الولادة سعيدة، وترزقي بالذرية الصالحة.
إني أنصحك نصيحة مهمة جدا، وهي أن لا تعيشي تحت القلق التوقعي، والذي أقصده بذلك إذا كان قد حدث لك اكتئاب نفاس -أو ما بعد الولادة- في المرة السابقة ليس من الضروري أبدا أن يحدث لك في هذه المرة، لا بد أن يكون مستوى تفكيرك على هذا النمط.
وجد ومن خلال دراسات كثيرة أننا قد نستجلب القلق وكذلك الاكتئاب لأنفسنا، وذلك من خلال توقعاتنا المتشائمة.
أنا أقدر تماما مشاعرك، وأقدر تماما مستوى تخوفك، لكني أريدك أن تطوري نفسك فكريا ومعرفيا، وتقولي (ليس من الضروري أن يأتني الاكتئاب في هذه المرة، وحتى إن أتاني فسوف يكون بسيطا، وأنا قد تعاملت معه، وأعرفه جيدا، وأعرف كيف أهزمه)، هذه توجهات فكرية معرفية مهمة جدا وضرورية.
بالنسبة للعلاج إذا حدثت لك نوبة من عدم الارتياح بعد الولادة -إن شاء الله تعالى-: أولا حقيقة أنا لا أفضل أن ترضع الأم وأن تتناول دواء في الوقت ذاته، هذا من ناحية المبدأ، والسبب الرئيسي في ذلك أن كبد الطفل في الثلاثة أشهر الأولى من عمره لا تكون في درجة من النضوج والاستواء الذي يساعد على استقلاب الأدوية وتمثيلها أيضا كما هو معرف، ومهما كانت درجة إفراز الدواء بسيطة في الحليب لكن هذه النسبة لا تقل عن خمسة إلى عشرة بالمائة تحت أي حال من الأحوال، هذا من ناحية.
بعد مضي ثلاثة أشهر لا مانع أن تستعمل الأدوية، ولكن بمحاذير، فليست كل الأدوية جيدة، والسلبرايد لا بأس من استعماله لكن يجب أن تكون الجرعة في حدود الخمسين إلى مائة مليجرام.
أنا أفضل أن يتم تناولها مرة واحدة، وأن تتخلصي من الحليب الذي يتجمع في الساعات الثمانية الأولى بعد تناول الجرعة، تتخلصي من هذا الحليب، لا تعطيه للطفل، والحليب الذي يتكون بعد ذلك يمكن إرضاع الطفل منه، حتى موعد الجرعة التالية.
هذا نوع من التحوط الجيد والمفيد والذي يشعر الأم بالطمأنينة، وفي ذات الوقت لا يشعرها أيضا بأي نوع من القلق أو الشعور بالذنب حيال الصغير.
السلبرايد دواء بسيط جدا، ودرجة استجابتك الممتازة له -وللإندرال- يدل وبصورة واضحة أن حالتك بسيطة، أعتقد أن هذه بشارة طيبة، وهذا أمر يحفزنا جميعا لأن نكون متفائلين حول ما سيأتي في المستقبل.
هذا هو الذي أود أن أذكره لك، ولا تتخوفي، توكلي على الله تعالى، وطبقي الآليات العلاجية الجيدة، وهي: تمارين الاسترخاء، والتفكير الإيجابي، تغيير نمط الحياة، وأن لا تعيشي تحت القلق التوقعي، وأنا أبشرك جدا إذا وصلت الأمور لأسوأ مرحلة فالعلاجات متوفرة وفاعلة وممتازة، وحتى إن اضطرت المرأة أن تتوقف عن إرضاع الطفل من الثدي فهذه ليست كارثة وليست مصيبة أبدا.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.