السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكرا جزيلا لكم على هذا الموقع المتميز الذي حاز ثقة الكثيرين.
أعاني من الرهاب الاجتماعي وأعراضه، خاصة في المقابلات واجتماعات العمل، وقد ذهبت إلى الدكتور وشرحت له قصتي، وقد صرف لي (السيروكسات) حبة لمدة أسبوع، ومن ثم رفعنا الجرعة إلى حبتين إلى موعد المراجعة القادمة تقريبا شهر، لنرى مدى التحسن، وهل تكفي حبتان أو أكثر، كما عملت ثلاث جلسات استرخاء عضلي، تحت إشراف أخصائي، وبعدها أخذت cd مسجلا عليه صوته، وطلب مني أن أعمل جلستين في الأسبوع، على الأقل في البيت، كما طلب مني أن أعمل الاسترخاء التنفسي.
سوالي: ما فائدة الاسترخاء العضلي والاسترخاء التنفسي؟ وكيف يعمل كل واحد فيهما على علاج الرهاب الاجتماعي؟ وما تأثيرهما على الجهاز (سمبثاوي وباراسمبثاوي)؟
كما أريد أن أسأل عن طريقة العلاج، وكم المدة التي أحتاجها من أجل الشفاء بإذن الله؟ وهل يوجد نصائح توجهونها إلي؟
بارك الله فيكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ above moon حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
بالنسبة للعلاج الدوائي: ما قام به الطبيب هو إجراء صحيح وسليم جدا، وعقار زيروكسات بجرعة أربعين مليجراما يعتبر هو العلاج الأمثل لعلاج حالة الرهاب الاجتماعي، فقط أود أن أنبهك بأن تكون حريصا في تناول هذه الجرعة العلاجية بكل التزام وللمدة المطلوبة، ومن بعدها سوف ينقلك الطبيب إلى الجرعة الوقائية ثم جرعة التوقف.
سؤالك حول الاسترخاء هو سؤال جيد جدا وممتاز، والعلاقة ما بين علاج الرهاب الاجتماعي وتطبيق الاسترخاء هي علاقة علمية ثابتة؛ وذلك لأن الرهاب الاجتماعي في الأصل هو نوع من القلق النفسي والاسترخاء هو من أفضل مضادات القلق النفسي، فإذن التأثير هو تأثير غير مباشر على الرهاب الاجتماعي، ولكنه تأثير مباشر على القلق، وكما ذكرنا الرهاب الاجتماعي هو أصلا نوع من القلق الخاص جدا.
الاسترخاء يعمل من خلال عدة منظومات: من خلال المنظومة النفسية لدى الإنسان، وكذلك الوجدانية، والفسيولوجية، ومن متطلبات الاسترخاء:
أولا: يجب أن تكون هنالك قناعة تامة بفائدته. هذه مهمة جدا، والتركيز عليه – هذا مهم – والتطبيق السليم لاسترخاء العضلات وكذلك التنفس، فإذن الاسترخاء هو فكر ومشاعر وسلوك في نفس الوقت، وهذه هي المكونات الرئيسية لعلاج معظم الحالات النفسية.
الاسترخاء يؤدي إلى شيء من تنظيم إفراز الأدرانلين، ويعرف أن الأدرانلين هي المادة التي تثير الجوانب الفسيولوجية لدى الإنسان في أوقات القلق والخوف، وتسارع ضربات القلب، والرعشة، وكل هذا.
حين يعيش الإنسان لحظة من لحظات الاسترخاء يحدث له نوع من الارتباط الشرطي، والارتباط الشرطي مع وضع الإنسان الجديد هو أن يكون مسترخيا وأن يكون في حالة هدوء تام مع نفسه - وهذا الهدوء هدوء جسدي، وكذلك هدوء نفسي – هنا يرتبط القلق بهذا الهدوء، وهذا ارتباط شرطي، ويعرف أن المتضادات لا تلتقي، فلا بد أن يذهب أحدهما، إما أن يذهب القلق وإما أن يذهب الاسترخاء، والذي يحدث أن الاسترخاء يفرض نفسه على القلق ومن ثم يذهبه، ولذا يكون قد تم فك الارتباط الشرطي ما بين القلق وما بين الاسترخاء، وحدث ارتباط شرطي جديد وهو الراحة النفسية وزوال القلق والاسترخاء.
تمارين التنفس التدرجي ممتازة جدا، بجانب الاسترخاء العضلي، فهي تتيح للإنسان أن يستنشق كميات أكثر من الأكسجين، وهذا الأكسجين بالطبع حين يدخل الدورة الدموية ومن خلال ضخ الدم لأجزاء الجسم المختلفة - خاصة خلايا الدماغ – هنا ترتفع نسبة التمثيل الأيضي الإيجابي في الدماغ، وهذا بالطبع أيضا يساعد على تحسين التركيز والراحة النفسية وراحة البال إن شاء الله تعالى.
كما تعرف حتى ما كان يسمى بالتنويم المغناطيسي والتنويم الإيحائي هي في الأساس نوع من الاسترخاء، وهذه أثبتت فوائدها في الماضي، وهنالك ممارسات كثيرة مثل اليوجا وغيره فيها جوانب مفيدة جدا لإزالة القلق.
بالنسبة لسؤالك عن رأيي حول طريقة العلاج: أرى أنها طريقة جيدة وممتازة جدا، فاعتمادك على الاسترخاء أمر أساسي، والدواء بانتظام عامل علاجي مهم، ويجب أن تدعم ذلك بالتفكير الإيجابي وإدارة الوقت بصورة صحيحة.
عليك بالمواجهة وتحقير فكرة الخوف ذاتها، وتصحيح مفاهيمك حول الرهاب الاجتماعي، وذلك من خلال أن تعلم أن ما يحدث لك من تغيرات فسيولوجية كتسارع في ضربات القلب أو الرعشة أو الشعور بالتلعثم هي مشاعر خاصة بك، مشاعر داخلية ليست مكشوفة أو مفضوحة أو مرئية بواسطة الآخرين، هذا من أكبر مسببات الحرج الاجتماعي للناس الذين يعانون من الرهاب الاجتماعي، دائما يأتيهم شعور أن هناك عملية متلفزة لكل ما يقومون به، وهذا يجعلهم يحبطون ويحسون بشيء من ضعف الذات وعدم تأكيدها.
تأكد - أخي الفاضل الكريم – أن هذه المشاعر مشاعر داخلية وخاصة جدا ولا أحد يلاحظها.
لا بد أن يكون هنالك تطبيقات سلوكية مختلفة - كما ذكرنا – تقوم على المواجهة، وهنالك مواجهات وجدت أنها مفيدة جدا مثل ممارسة الرياضة الجماعية وهي من أفضلها، ومشاركة الناس في مناسباتهم الاجتماعية، وزيارة الأرحام، وحضور حلقات التلاوة والدروس والمحاضرات العلمية والثقافية، والصلاة في المسجد في الصف الأول، هذه إضافات علاجية سلوكية إيجابية جدا، وإن شاء الله تعالى يجني الإنسان منها أيضا خيري الدنيا والآخرة، ولمزيد من العلاجات السلوكية راجع هذه الاستشارات: (269653 - 277592 - 259326 - 264538 - 262637 ).
أشكرك كثيرا - أخي الفاضل الكريم – وقد سعدت كثيرا برسالتك، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.