السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اعذرني -يا دكتور- سأطيل الحديث لأحكي لك بالتفصيل: منذ ثلاثة أشهر أصابني صداع شديد جدا، لدرجة أني لا أستطيع الوقوف دائما على السرير، واستمر معي أسبوعا كاملا، وكانت امتحانات منتصف الفصل في نهاية ذاك الأسبوع, علما بأني طالب متفوق في دراستي، ذهبت لأقدم الامتحان وأنا مصاب بالصداع، وحصلت على درجة سيئة، وعندما كنت مصابا بالصداع كنت أفكر كثيرا، فهل هذا ورم في المخ؟ أم نزيف في المخ؟
بعدما ذهب الصداع بدأت أشعر بالكثير من الآلام في جسدي, والوخز في كل مكان، فكل يوم أفكر في شيء؛ حيث إذا أصابني في صدري أكتب في الإنترنت ما أعراض سرطان الرئة أو الثدي؟
استمرت هذه الحالة، وأصابني ضيق تنفس شديد جدا، لدرجة أني كنت أشعر أني سأسقط على الأرض مغمى علي, وأنا أخاف من الموت، علما بأني عندما كنت مصابا بالصداع نقص وزني ما يقارب 7 كيلوغرامات، وفقدت شهيتي، وإلى الآن مستمرة هذه الحالة؛ حيث إن ابن خالتي أمس قال لي إن من أعراض السكتة القلبية شلل في نصف الوجه، وبعدها جلست أفكر فيه كثيرا، وأصابني قلق حتى أصبت به, ولم أستطع أن أحرك فمي أو خدي لمدة نصف ساعة، وبعدها ذهب، وتأتيني الآلام في كل مكان، فأكتب هل أنا مصاب بسرطان كذا وكذا، ومن قبل شهر انتشرت إشاعة عن وجود الأرملة السوداء في البحرين، ولا أعرف هل هذه حقيقة أم إشاعة؟ فجلست أفكر فيها، حتى بدأت أحس بقرص في كل مكان من جسدي، أي أن شيئا يقرصني، وإلى الآن أجلس طول الليل أنفض الفراش، أي أحركه لكي أتأكد من عدم وجودها، وأجلس ساعات وأنا أفتش بحيث إني لا أنام إلا ساعة، وهذه الحالة مستمرة إلى الآن, كل هذا من بعد الصداع!
علما بأنه لا يوجد لدي اكتئاب، فأرجوك -يا دكتور- ساعدني لأني تعبت كثيرا بصورة فظيعة، فهل هي حالة نفسية أم عضوية؟ tكلما فكرت في أعراض مرض مثل سرطان أو سكتة، أحس بالآلام في المكان الذي جلست أفكر فيه.
شكرا وآسف للإطالة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فنشكرك على عرضك الواضح والمتميز لحالتك، والذي سيساعدنا -إن شاء الله تعالى- في التشخيص.
أنت تعاني من مخاوف مرضية, ولا شك في ذلك، وهذا يسمى بالمراء المرضي، وهي ليست حالة عضوية بأي حال من الأحوال، إنما هي حالة نفسية، وهذا لا يعني أي عيب في شخصك الكريم، فربما يكون لديك بعض الهشاشة النفسية والقلق، وما يسمى بالتأثير الإيحائي؛ حيث إننا الآن نعيش في عالم كثرت فيه الأسقام والأمراض -فالله المستعان– وهذا أثر كثيرا على الناس، المعلومات هنا وهناك بعضها صحيح وبعضها خطأ، تسمع أن هذا مات موتة فجاءة، وهذا قد مات بالسرطان، وهذا مات بأزمة قلبية، وكذا وكذا، وهذا لا شك أنه أثر على وجدان كثير من الناس وجعلهم شعوريا ولا شعوريا على مستوى العقل الظاهر ،وعلى مستوى العقل الباطن تنتابهم هذه المخاوف.
إذن ما بك هو حالة نفسية بسيطة تنتاب كثيرا من الناس، والحل هو أن تكون في كنف الله, وفي حفظ الله {له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله}، {وإن عليكم لحافظين}، {قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون}، فسلم أمرك لله، وتوكل عليه، واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك, وما أخطأك لم يكن ليصيبك، فأنت لست مريضا, ولن يصيبك إلا ما كتب الله لك، وكل المطلوب هو أن تحقر هذه الأفكار، أن تكون أكثر توكلا على الله، وكما تعرف التوكل هو أمل, وهو عمل, وتدبر بالقلب وبالعقل، وأن تكون قناعة الإنسان قناعة صارمة وتامة ومكتملة في أنه في حفظ الله وحرز الله، وهذه مهمة جدا.
عليك بقراءة الأذكار – أذكار الصباح والمساء – أذكار المناسبات، أذكار الوقاية والحفظ من المرض، هذه مهمة جدا، وفي ذات الوقت أنصحك أن تصرف انتباهك عن هذا النوع من التفكير، بأن تجتهد في دراستك، وأن تروح عن نفسك بما هو مشروع، وأن تمارس الرياضة، أن تبر والديك, هذا كله يبدل ويغير مشاعرك بصورة إيجابية جدا -إن شاء الله تعالى-.
سيكون أيضا من الجيد أن تذهب إلى الطبيب الباطني أو طبيب الأسرة مرة واحدة كل ستة أشهر، تقوم بإجراء فحوصات طبية عامة، وفي مثل سنك هذه الفحوصات ليست ضرورية، لكنها وسيلة ممتازة جدا للقضاء على المخاوف والتوهمات والمراء المرضي.
هذا هو الذي أنصحك به، وإن اشتدت عليك هذه المخاوف المرضية, ولم تتمكن من مقاومتها بالطرق التي ذكرناها لك – بالرغم من أنها جيدة – فلا مانع من أن تتناول العقار الذي يعرف تجاريا باسم (بروزاك)، واسمه العلمي هو (فلوكستين)، تناوله بجرعة كبسولة واحدة بعد الأكل لمدة ثلاثة أشهر، ثم كبسولة يوما بعد يوم لمدة شهر، وإن شاء الله تعالى تجني منه فائدة كبيرة جدا.
أنت لست مريضا عضويا، هذه حالة نفسية معروفة جدا، وإن شاء الله تعالى سوف تزول عنك تماما إذا اتبعت ما ذكرناه لك.
أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.