السؤال
السلام عليكم.
مشكلتي انعدام الثقة بالنفس، ووسواس قهري، ورهاب اجتماعي، واكتئاب، ذهبت لطبيب نفسي والآن أستعمل فلوكستين (بروزاك-ساليباكس) جرعة 40 مل جراما، وفافرين 50 مل جراما، هذه الجرعة أستعملها منذ شهر ونصف تقريبا، مع العلم أني لخبطت في الجرعة خلال هذه الفترة، يعني غيرت في الجرعات مثل يوم 25 مل جراما من الفافرين، ويوم أزيد الجرعة لـ50 مل جراما، ويوم أتركه وأعوض بالفلوكستينن جرعة 60 مل جراما، لكن أنا الآن ملتزم بجرعة 40 مل جراما للفلوكستين، وجرعة 50 مل جراما للفافرين منذ 5 أيام تقريبا، ولكن لم أشعر بالتحسن.
الوسواس -ولله الحمد- خف بدرجة بسيطة، لكن الرهاب، وانعدام الثقة، كما هي، فما هو الحل؟ وهل الجرعات هذه مناسبة أم أرفعها أم أغير الدواء بالكامل؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمن الشروط والمعايير الرئيسية لأن يستفيد الإنسان من العلاج الدوائي هو أن يلتزم التزاما قاطعا بالجرعة الدوائية، وأن يوفي المدة الزمنية، وأن تكون له إرادة التحسن، بمعنى أن يثق تماما، وبإذن الله تعالى أن هذا الدواء سوف يفيده ما دام قد وصف له من جانب طبيبه الثقة.
أنت ذكرت أنك لم تكن منتظما في تناول الدواء أو كان هنالك نوع من التأرجح والتذبذب في الجرعات، هذا أمر نعتبره انتهى -إن شاء الله تعالى-، وأنت الآن بدأت بداية جيدة وممتازة، فأنت تتناول الآن الفلوكستين بمعدل أربعين مليجراما في اليوم، وهذه جرعة ممتازة جدا، والفافرين بجرعة خمسين مليجراما في اليوم أيضا هي جرعة جيدة، لكن تحتاج أن تزيدها بعد أسبوعين من الآن وتجعلها مائة مليجرام.
بالنسبة للتحسن -أيها الفاضل الكريم- كما ذكرنا وفي أوقات سابقة أن هذه الأدوية تعمل من خلال البناء الكيميائي، والبناء الكيميائي يتطلب الصبر عليه حتى يتأتى للإنسان، هذه الأدوية ليس لها فعالية حقيقية قبل أسبوعين أو ثلاثة من بداية العلاج، وحين نقول فعالية حقيقية لا نعني مطلقا أن فعاليتها سوف تكون في أفضل الحالات، لا، لن تصل لمرحلتها القصوى أبدا، كثيرا من الناس لا يبدو عليهم تحسن حقيقي إلا بعد خمس أو ستة أشهر من تناول الدواء وبصورة منتظمة.
فيا أخي: خمسة أيام ليست كافية، وعشرة أيام ليست كافية، وأسبوعين في بعض الأحيان ليست كافية، اصبر على الدواء، وتناوله بانتظام، وكما ذكرت لك استمر على الفلوكستين كما هو وعدل جرعة الفافرين واجعلها مائة مليجرام بعد أسبوعين من الآن.
أنا على ثقة تامة أنك سوف تنتفع جدا من العلاج، ودائما الاستجابة الدوائية للوساوس تكون بطيئة، وكذلك بالنسبة للرهاب الاجتماعي، ولكن في نهاية الأمر -إن شاء الله تعالى- سوف تكون استجابة واضحة وقوية وصلبة وسوف تستمر.
إذن عليك أن تستوفي شروط نجاح العلاج التي ذكرتها لك، وأن تصبر، وأن تضيف إلى ذلك بعض التعديلات السلوكية، أن تكون إيجابيا في تفكيرك، أن تقهر الوساوس، وتحطمها وتتجاهلها واستبدالها بفكر مخالف، أن تتساءل: (ما الذي يجعلك تخاف من المواقف الاجتماعية؟ أنت لست بأقل من الآخرين)، وأن تتخذ خطوات عملية فعلية للتواصل: الصلاة في جماعة، زيارة الأرحام والأصدقاء، ممارسة الرياضة الجماعية، المشاركة في أعمال الخير، حضور الأنشطة الثقافية، الاطلاع، مشاركة الناس في أفراحهم وأتراحهم ومناسباتهم.
أمام الإنسان فرص عظيمة لأن يكتسب الأجر ولأن يعالج مشكلته مثل الوساوس والقلق والتوترات، فكن على هذا المنهج.
ويا أخي الكريم: كلمة (ليس لي ثقة في نفسي) لا أحب هذه الكلمة أبدا، لأنها ليست واضحة معالم، كما أنها اتهام يلقيه الإنسان على نفسه دون مبرر في بعض الأحيان، الثقة بالنفس تأتي من خلال أن يحكم الإنسان على نفسه من خلال أعماله وليس مشاعره، أعماله على نطاق العبادة، على نطاق النجاح الوظيفي، على نطاق الدراسة، على نطاق بر الوالدين، التواصل الاجتماعي، ممارسة الرياضة... إلخ، هذه كلها أفعال، وهذه كلها أعمال، متى ما أوفاها الإنسان حقها سوف يحس بالسعادة وسوف يحس أنه أصبح مفيدا لنفسه ولغيره.
هذا هو الذي نأمله منك ونرجوه، ونشكرك كثيرا على رسالتك الطيبة هذه، ونسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد.