ضيق وتعرق وسرعة ضربات القلب هل هذه أعراض مرض نفسي؟

0 694

السؤال

السلام عليكم.

أود شرح حالتي بالتفصيل.

في البداية: أنا ممرض، ولكني حاليا لا أعمل منذ تخرجي قبل سنتين في مجال التمريض وذلك بسبب أنه وفي السنة الأخيرة فقط من الجامعة -وهي بداية المشكلة- شعرت بضيق نفس بسيط، وتعرق، وسرعة ضربات القلب خلال صلاة التراويح، هذا الأمر تكرر لمدة 10 أيام، وذلك بسبب الضغط، والحرارة، وهو أمر ليس لأول مرة يحدث معي، بل يحدث في أغلب الأحيان، ولكن في تلك المرة سبب لي الحالة النفسية التي أنا بها الآن، وذلك بشكل مفاجئ، فقد ربطت بين ما شعرت به وما سوف أراه في مادتي العناية الحثيثة والصحة النفسية في ذلك الفصل، وبالفعل بدأت المخاوف من المرض، وأن يحصل لي ما أشاهده في هذين القسمين، وهذا يحدث لأول مرة، ولم يحدث خلال أول 3 سنوات في الجامعة أبدا، وكنت مستمتعا في تخصصي، وفي تدريبي العملي، واستمرت هذه الحالة حتى نهاية السنة الأخيرة، بعد تخرجي لم أعمل في التمريض، وعملت في مجال الدعاية الطبية، فخفت بشكل كبير جدا المخاوف من المرض حتى أنها اختفت بشكل شبه تام.

لكن حقيقة ما أعاني منه حاليا هو كالآتي: عندما أخرج إلى منطقة خارج منطقتي أشعر كأن شيئا سوف يحدث لي (دوخة، قلق... الخ)، يزداد هذا الشعور كلما كانت المنطقة أبعد، طبعا هو في الغالب شعور وتفكير يلازمني، وأحيانا يتحول إلى قلق جسدي (تعرق، سرعة ضربات القلب) يختفي ويذهب، أشعر بالراحة أحيانا، بالقلق أحيانا، وأحيانا أخرى قليلة أذهب إلى خارج منطقتي، ولا أشعر بأي شيء ولكن -لله الحمد- لم يحدث لي شيء مما أفكر فيه أبدا، حتى أنني ذهبت إلى العمرة، ولم يحدث لي أي شيء سوى ما قلته سابقا من شعور، وتفكير، وتقلب في الحالة، وكذلك عندما يكون الجو غائما يحدث لي ما قلته سابقا، مع العلم أن فصل الشتاء كان من أحب الفصول لدي.

أما أكثر ما يزعجني، وبشكل كبير جدا، ولأبعد الحدود هو: أنه عندما يسافر صديق لي أو قريب إلى منطقة بعيدة أشعر وكأنني أنا الذاهب إلى تلك المنطقة، وكأنني أريده أن يعود، وبأنني سوف أتوتر وأقلق إذا لم يعد، ومن ضمن التفكير أني أيضا عندما تشتد علي أشعر وكأنني أريد الهروب إلى أي مكان تختفي فيه هذه الأعراض، وأنني حتى لو تناولت مهدئا نفسيا لن أهدأ إلا إذا عاد هذا الشخص، ولكن -الحمد لله- لم يحصل شيء أبدا مما أفكر فيه طوال هذه الفترة، ولكنه الشعور والتفكير المزعج، هذه الحالة خلال الثلاث سنوات، لازمتني في أول سنة، ثم اختفت بشكل شبه تام لمدة سنة ونصف، والآن عادت لي من شهر 3-2011 إلى الآن، وبشكل قوي، فأنا أشعر وكأني في صراع داخلي لتحدي هذه الحالة، ونبذها، وتحقيرها، وما إلى ذلك، ولكن أشعر أحيانا بأنها أقوى مني، وتتغلب علي، وتصل لدرجة القلق الجسدي -يستمر لفترة بسيطة- يأتي ويذهب على فترات، وهذه الحالة تشتد عندما أعاني من التعب والإرهاق من قلة النوم، فهي تسيطر علي عندما أكون متعبا ومرهقا، وتكون خفيفة، أو حتى معدومة عندما أكون مرتاحا ونائما بشكل كاف، طبعا هي ليست حالة عاطفية أبدا؛ لأني لم أعان منها سابقا أبدا، ولا مما ذكرته سابقا أبدا طوال حياتي، ولا يوجد تاريخ مرضي أو وراثي لدى العائلة بالكامل، ولا يوجد أحد بالعائلة يعاني من أي حالة نفسية، عائلتنا متماسكة -والحمد لله- واقتصاديا وضعنا ممتاز، التزامي الديني ممتاز، لا يوجد تغير في حياتي، أنام وآكل بشكل طبيعي، علاقاتي بأصدقائي ممتازة، لكنها أثرت على عملي، وهي سبب عدم عملي في المشافي، وكمندوب للدعاية الطبية، أو الخروج في رحلات، أو مناطق بعيدة مع الأصدقاء؛ كما أنني عاطل عن العمل، وحظي بالحياة عاثر للآن -والحمد لله-، وهذا ما زاد من الحالة سوءا، كثرة الفراغ، وقلة الحظ، والشعور بالإحباط نوعا ما نتيجة العطل عن العمل، وحقيقة أنني لم أتحصل على عمل أصلا، وليس بسبب الحالة فقط، باختصار حالتي هي الشعور والتفكير، وسيطرة أو تسلط هذه الأفكار أحيانا، وتحولها أحيانا لقلق جسدي، تناولت دواء denaxit ولكن لم أشعر بتحسن أبدا، تناولت دواء (solotic 50 mg) وهو نفس تركيبة الزولفت بناء على استشارة طبية من الإنترنت حبة لمدة 3 شهور، خلالها لم أشعر بأي تحسن، رفعت الجرعة إلى حبتين لمدة شهر، ولم أشعر بتحسن، ولم أستمر على العلاج بسبب المال، وبسبب أنني لم أتحسن.

أريد التخلص من هذه الحالة الغريبة عني، وخصوصا هذه الحالة الأخيرة التي ذكرتها لكم؛ لأنها أشد ما يزعجني حقيقة، فما التشخيص الدقيق لحالتي؟
وما العلاج المناسب لها؟
(إذا بالإمكان وصف أدوية لي موجودة بالأردن).
وما نسبة الشفاء من هذه الحالة النفسية؟
وهل هي مرض نفسي أم حالة نفسية؟

آسف جدا للإطالة، وأتمنى إجابة وافية وكاملة عن حالتي، وشكرا جزيلا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ali حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فنشكرك على رسالتك هذه، وعلى رسائلك الثلاثة السابقة، وأنا أؤكد لك أنني قد اطلعت على رسالتك هذه بكل حرص ودقة، وأستطيع أن أقول لك: إن حالتك هي مثال حقيقي لما يعرف بقلق المخاوف الوسواسية، بدأت معك الحالة في شكل نوبات هرع وهلع، وبعد ذلك أصبحت تنتابك نوبات القلق ثم المخاوف، وتداخلت معها بعض الشكوك الوسواسية، أو ما نسميه بالقلق التوقعي.

العلاج يتكون من علاج بيولوجي –أي دوائي– وعلاج اجتماعي، وعلاج نفسي سلوكي.

العلاج الدوائي: أنا أعتقد أن عقار سيرترالين –والذي يعرف تجاريا باسم لسترال أو زولفت– هو من الأدوية المتميزة، والناجحة جدا مع كثير من الناس، لكن – سبحان الله – نقول إن الدواء الذي يناسب شخصا ما قد لا يناسب شخصا آخر؛ وذلك لأن هذه الأدوية تعمل من خلال تأثيرها المباشر على كيمياء الدماغ، وذلك من خلال التحكم الجيني في الأدوية.

عموما الإنسان حين لا يفيده دواء ينتقل إلى دواء آخر، مع شيء من الصبر، وأن يكون المزاج تحسنيا، من هنا قد يستفيد الإنسان من الدواء كثيرا.

بالنسبة للعلاج الدوائي: يمكن أن تنتقل إلى دواء آخر -كما ذكرت لك- لكن بكل أسف هذه الأدوية كلها مكلفة، وهذه إشكالية أساسية، ونحن دائما نراعي سعر الدواء؛ لأن ظروف الناس متفاوتة ومختلفة.

إذا كان بالإمكان أن تذهب إلى طبيب نفسي حتى ولو لمرة واحدة، ربما يفيدك الطبيب بأن يصف لك الدواء ذو السعر المعقول في الأردن، نحن قطعا من خلال هذه الاستشارات نحاول جل جهدنا أن نصف ما هو مناسب من الناحية الصحية، ومن الناحية المالية، لكن قطعا الطبيب الذي سوف يناظرك ويفحصك هو في وضع أفضل من حيث تقييم الحالة، ومن حيث وصف الدواء المناسب ماديا بالنسبة لك.

عموما إذا كان أمر الذهاب للطبيب ممكنا فهذا هو الأفضل، وإن لم يكن ممكنا فأنا أقول لك: بقي أمامك أن تجرب دواء آخر غير الزولفت، والدواء المناسب في علاج مثل هذه الحالات، وسعره قد يكون معقولا، هو عقار يعرف تجاريا باسم (فافرين)، ويعرف علميا باسم (فلوفكسمين)، والجرعة هي أن تبدأ بخمسين مليجراما، تتناولها ليلا بعد الأكل، و بعد شهر ارفعها إلى مائة مليجرام، استمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم خفضها إلى خمسين مليجراما ليلا لمدة شهرين، ثم توقف عن تناول الدواء.

هنالك عقار يعرف تجاريا باسم (سبرالكس)، والذي يعرف علميا باسم (إستالوابرام)، وهو دواء فاعل، وناجع جدا، لكن بكل أسف مكلف نسبيا، وإن كنت قد سمعت أنه ربما توجد مستحضرات تجارية من هذا الدواء في الأردن، فإن وجدته تحت مسماه العلمي (إستالوبرام) ربما يكون هو الأفضل حتى من الفافرين.

وجرعة السبرالكس هي أن تبدأ بجرعة عشرة مليجرامات، تتناولها ليلا بعد الأكل، وبعد شهرين ارفعها إلى عشرين مليجراما ليلا، استمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم خفضها إلى عشرة مليجرامات ليلا لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم اجعلها خمسة مليجرامات – أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرامات – واستمر عليها لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.

إذن أمامك خيارات كثيرة جدا فيما يخص العلاج الدوائي.
بالنسبة للعلاج الاجتماعي: فهو مهم، ويتمثل في: تغيير نمط الحياة، وذلك من خلال إدخال أشياء جديدة على حياتك، وكل إنسان يستطيع أن يقدر وضعه وظروفه وكيفية إدارة وقته، ممارسة الرياضة، التواصل الاجتماعي، الأنشطة الثقافية... هذه كلها مفيدة جدا.

بالنسبة للعلاج السلوكي يتمثل فيما يعرف بالعلاج المعرفي، والذي يقوم أصلا على مبدأ تحقير الفكر التشاؤمي السلبي، واستبداله بفكر إيجابي، وتطوير المهارات الفكرية، والمهارات العملية... هذه كلها تضيف للإنسان إضافات جيدة جدا، والإنسان لا يمكن أن يغير نفسه معرفيا إلا إذا بذل جهدا في أن يدير وقته بصورة صحيحة، ويحس بقيمة الحياة، وبقيمة الزمن، وبقيمة الوقت، هذه كلها ذات عوائد إيجابية جدا.

أنا سعيد أن أعرف أنك ملتزم بواجباتك الدينية، هذه -لا شك- إضافة عظيمة من ناحية التأهيل والسلوك، ونسأل الله تعالى أن يكتب لك الأجر.

حالتك ليست مزعجة كما تتصور، هي بسيطة، أنا لا أقلل أبدا من وطأة الشكوى النفسية، وأعرف الألم الذي تسببه لصاحبها، لكن من وجهة نظري يمكنك أن تكون إنسانا فعالا، وتتخلص من هذه الأعراض -إن شاء الله تعالى-، وإن بقي منها الشيء القليل يمكنك أن تتكيف وتتواءم معه.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله تعالى لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات