السؤال
السلام عليكم
في البداية: أشكركم على هذا الموقع الرائع.
أنا شاب أبلغ من العمر 45 سنة، أعاني من مشكلة متمثلة في عدم قدرتي على الاختلاط بالناس، وأجد صعوبة في حضور المناسبات العائلية، وأحاول التهرب من الحضور بأي شكل من الأشكال، كذلك في العمل لا أحاول الاختلاط بزملائي في العمل، وفي حالة وجود اجتماعات خاصة بالعمل فإنني أحاول أن أتهرب من الحضور، وإذا حضرت فدائما أحضر وأكون صامتا دون أي تعليق حتى ولو كان لدي أسئلة أو أجوبة لبعض محاور الاجتماع .
وكذلك عند مقابلة أي شخص سواء أعرفه أو لا أعرفه، فإنني أحاول إنهاء مقابلتي معه في أقصر وقت ممكن.
نقاط مهمة:
- سبق لي أن استخدمت دواء السيروكسات لفترة طويلة اجتهادا مني، وذلك بعد متابعة نصائحكم لبعض مرضى الرهاب الاجتماعي، لكنه سبب لي ارتفاعا كبيرا في هرمون الحليب، ولم أجد أي تغير.
- ليس لدي أي شعور بالشوق أو الحنين لوالدتي وإخوتي، رغم أنني أعيش بعيدا عنهم منذ التحاقي بالعمل منذ عشرين سنة تقريبا, ولا أزورهم إلا في الأعياد والمناسبات الكبيرة فقط.
- شخصيتي هادئة جدا، ولكن عندما أغضب أكون عصبيا جدا.
- لا أتكلم كثيرا سواء في المنزل أو خارج المنزل.
- عندما كنت في العشرينات من العمر كان وضعي أفضل من الآن، رغم أنني أعاني من الخجل منذ طفولتي.
- لدي أخ مصاب بمرض الفصام منذ عشر سنوات، وعمره الآن 48 سنة، ولم يتم علاجه؛ لأنه رافض فكرة أنه مريض.
- أنا متزوج ولدي أربعة أبناء ولله الحمد.
- عندما أتكلم مع أي شخص فدائما أجيد التحدث بطلاقة ولله الحمد، ولا يشعر الشخص الذي أحدثه بأن لدي أي مشكلة، ولكنني أتهرب دائما من التحدث.
أرجوك يا دكتور: ما هو مرضي؟ هل هو رهاب اجتماعي أم نوع من الفصام؟
وتقبل تحياتي.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سعد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإن حالتك واضحة جدا، ولا علاقة لها بمرض الفصام، إنما الذي تعاني منه هو نوع من الرهاب الاجتماعي مع وجود مزاج اكتئابي، والمزاج الاكتئابي هو الذي يجعل مشاعرك سلبية حيال الآخرين، خاص الذين من المفترض أن نحبهم مثل الوالدة والإخوة، فالشعور الاكتئابي هو الذي يبني لديك هذه المشاعر السلبية، كما أن الاكتئاب يقلل كثيرا من الطاقات النفسية والجسدية، ويجعل الإنسان يحس بملل داخلي، ويدفعه نحو اختصار الأمور.
أنت ذكرت معلومة طيبة جدا، وهي أنك تتهرب دائما من التحدث مع الآخرين، وهذه يكون القلق والرهاب الاجتماعي قد لعب فيها دورا، لكن أعتقد أن المزاج الاكتئابي أيضا قد لعب دورا مهما.
أنت لا تعاني أبدا من أعراض مرض الفصام، وبالنسبة لأخيك أسأل الله له العافية، ولا بد أن يعالج، والآن أصبحت العلاجات متوفرة وجيدة ومتميزة جدا، وهنالك وسائل كثيرة جدا لإقناعه بالذهاب للعلاج، ليس من الضروري أن يقال له أنك مريض نفسي أو أنك تعاني من كذا وكذا، والآن توجد عيادات نفسية داخل المستشفيات العامة، وهذه مفيدة جدا لعلاج مثل هذه الحالات، كما أنه توجد إبر يمكن أن تعطى أسبوعيا أو شهريا، وتوجد أدوية يمكن أن تذوب ذوبانا كاملا في المشروبات.
فأرجو أن تأخذ المبادرة وتتقدم لمساعدة أخيك، وهذا إن شاء الله تعالى في ميزان حسناتك، وسوف يجعلك تحس بشيء من الرضا حول ما قمت به نحو أخيك.
بالنسبة لك: أنا أريدك أن تتدرج في التواصل الاجتماعي؛ فهذا مهم جدا، ابدأ بأهل بيتك وبمن معك، وأبنائك وزوجتك، اجلس معهم لفترات أطول، حاول أن تناقشهم، وأن تسعى لتحسين أحوال الأبناء، راجع معهم دراساتهم..هذا نوع من بناء التواصل الاجتماعي في محيط آمن ومطمئن، وبعد ذلك انتقل لدرجة أخرى وهي مثلا أن تكون أكثر احتكاكا وحوارا مع الجيران ومع المصلين في المسجد..هذه خطوة ثانية.
ثم الخطوة الثالثة وهي أن تصر على نفسك بأن تطرح مواضيع مع زملائك في العمل وتصبر نفسك على نقاشهم، ثم اخرج بعد ذلك لمشاركة الناس على نطاق أوسع كالمناسبات الاجتماعية..هذا مهم جدا ومفيد جدا لك، فمن خلال هذا تبنى حقيقة المهارات الاجتماعية، والإنسان الذي يحس أن لديه علة من هذا القبيل يجب أن لا يستسلم ويجب أن لا يتركها، لأن علاجها سهل، وهو اتباع المنهج التدرجي وهو ما نسميه بالتعرض أو التعريض مع منع الاستجابة السالبة، ودائما يجب أن تبني في نفسك أن لديك أشياء طيبة وجميلة، وهذه الأشياء الجميلة في حياتك يجب أن تكون سببا لإزالة ما هو سلبي، وفي حالتك هو هذا النوع من التهرب الاجتماعي الذي تحدثت عنه.
حاول أن تبني نوعا من الهوايات الجميلة، كالقراءة مثلا ، وممارسة الرياضة الجماعية، والمشاركة في حلقات تلاوة القرآن، والانخراط في العمل الخيري والثقافي، وحضور المحاضرات والدروس الدينية، فيمكن للإنسان أن يطور نفسه، ويحصد أكثر من فائدة بفعل عمل معين.
بالنسبة للعلاج الدوائي: أرى أنه مفيد وسوف يساعدك كثيرا، وأعتقد أن عقار مثل الفلوزاك سوف يكون جيدا – والذي يسمى أيضا تجاريا باسم بروزاك، ويسمى علميا باسم (فلوكستين) هو دواء يفيد أصلا في الاكتئاب والقلق، ولكنه ذو فائدة أيضا وذلك حسب الأبحاث الحديثة أنه اتضح أنه يعالج مثل هذه الحالات، كما أنه لا يؤثر على الهرمون الحليب أو شيء من هذا القبيل، ولا يؤدي إلى زيادة في الوزن.
جرعة الفلوكستين المطلوبة في حالتك هي كبسولة واحدة، تناولها في الصباح بعد الأكل، وبعد شهر اجعلها كبسولتين يوميا لمدة أربعة أشهر، ثم اجعلها كبسولة واحدة في اليوم لمدة ثلاثة أشهر، ثم كبسولة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.