العلاقة بين الأمراض العضوية والنفسية

0 563

السؤال

أنا شاب أبلغ من العمر 30 عاما، متزوج، أعاني منذ 5 أعوام من أعراض مختلفة في جسمي، مثل: الانتفاخ، والتجشؤ، وآلام في أجزاء بطني، مع تغير في طبيعة البراز من إسهال وإمساك، وبعدها عانيت من زيادة في ضربات القلب، وآلام في الكتف والرقبة، وغيرها، ذهبت إلى طبيب باطني, وقال لي: إنه قولون عصبي، وأعطاني أدوية كثيرة، ولكن لم يتغير شيء، وبعدها صارت نفسيتي متعبة، وصرت أخاف من الموت والأمراض الخطيرة، حتى صرت شبه منطو على نفسي، وذهبت إلى أخصائي باطني، وقال لي: عندك اكتئاب، وأعطاني علاجا - والحمد لله - خفت الأعراض كثيرا، ولكن مازالت المخاوف، ولكن أقل بكثير.

عملت فحوصات بالسونار, وتحاليل لأنزيمات الكبد, والغدة الدرقية، وفحوصات براز, وغيرها، وكانت سليمة - والحمد لله -, ومنذ سنة تقريبا حدث ألم في رجلي اليسرى، يمتد من الحوض حتى القدم، ويكون الألم على جانبي الفخذ، حتى قدمي، عملت أشعة مقطعية، وقال الدكتور: إنه شد عضلي قوي، وأعطاني العلاج، ولكن دون فائدة، علما بأنني أعاني من التهاب جيوب أنفية مزمن.

أفيدوني أفادكم الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

هذه الأعراض التي تعاني منها هي -كما قيل لك- أعراض القولون العصبي، وما يؤكد ذلك أنك تعاني منها منذ 5 سنوات دون أن يؤثر ذلك على جسمك من الناحية العضوية؛ لأن القولون العصبي ليس مرضا عضويا، وإنما اضطراب في وظيفة القولون، وكل التحاليل والصور الشعاعية تكون طبيعية، وهو ليس بسبب جرثومة, أو ورم، ولا يتحول إلى أي مرض عضوي، وإنما قد يبقى مع الإنسان لفترة طويلة جدا، وقد يدوم مدى الحياة، ولا يؤدي إلى نقص في الوزن, أو وجود دم في البراز.

أعراض القولون العصبي تكون بشكل آلام في البطن، خاصة أسفل البطن، مع وجود انتفاخ نتيجة وجود الغازات، وإسهال يتناوب مع الإمساك، وأحيانا خروج مخاط في البراز، والإحساس بعدم الإفراغ الكامل للبراز بعد التغوط، وكثير من المرضى يشعرون بتحسن الألم بعد التغوط.

من أفضل وسائل علاج القولون العصبي ممارسة الرياضة بانتظام، ويفضل تطبيق تمارين الاسترخاء، فهي تساعد كثيرا على التخفيف من التوتر، فأعراض القولون العصبي تنتج في الأصل عن وجود قلق داخلي، وربما درجة بسيطة جدا من الاكتئاب، فالنفس والجسد مرتبطان ارتباطا وثيقا، فوجود القلق مثلا ينعكس سلبا على بعض الأعضاء في الجسم, مثل: القولون، وكذلك عضلات الرأس, والرقبة, وأسفل الظهر، وكذلك الصدر، لذا نجد الكثير من الناس يشتكي من توترات في هذه العضلات، كما هو الحال عندك.

لا بد وأن الأعراض التي تشكو منها في الرجل هي من شد العضلات في منطقة الحوض، ولابد وأن الطبيب قد استبعد انضغاط جذر العصب، أو ما يسمى عرق النسا، فأعراض الشد العضلي في الحوض قد تنتشر إلى الكاحل، إلا أنها لا تصل إلى القدم، ولا تترافق مع تنميل, أو تخدير، وتزيد الأعراض في وضعيات معينة، ويستطيع الطبيب المختص التمييز بين عرق النسا, والآلام العضلية لمنطقة الحوض.

أحيل باقي رسالتك إلى استشاري الأمراض النفسية، لمساعدتك في حل الأمور النفسية، والتي يمكن أن تكون المفتاح لكل الأعراض التي تعاني منها.

+++++++
انتهت إجابة الدكتور محمد حمودة
وتليها إجابة الدكتور محمد عبد العليم الأخصائي النفسي:
+++++++

بارك الله فيك, وجزاك الله خيرا، ونشكرك كثيرا على تواصلك مع إسلام ويب.

أعراض القولون العصبي وكما نستطيع أن نتلمس من الكلمة نفسها أي كلمة العصبي, والتي يقصد بها العصابي, يعني أن المنشأ والمكون النفسي أساسي جدا في أن يكون السبب الرئيسي لأعراض القولون العصبي، والطبيب الباطني الذي ذكر لك موضوع الاكتئاب هو مصيب لدرجة كبيرة؛ لأن الدراسات أشارت أن حوالي 60% من الذين يعانون من أعراض القولون العصبي, أو الانشدادات العضلية الجسمية الخارجية, مثل الشعور بالتنميل هم في الأصل يعانون من قلق نفسي, وحوالي 20% يعانون اكتئاب نفسي، وحالات كثيرة جدا نجد أنها تستجيب للأدوية المضادة للاكتئاب, والقلق, وبصورة ممتازة, وهذا أيضا دليل قاطع على أن الحالة ذات منشأ نفسي.

الذي أنصح به كما نصحك الأخ الطبيب هو أن تكون حريصا على تمارين الاسترخاء, وكذلك التمارين الرياضية، وأرجو أن لا تتنقل كثيرا بين الأطباء ، والحالة واضحة جدا, وتنقلك بين الأطباء سوف يدعم هذه الأعراض لديك, وحين تسمع تفسيرات مختلفة من مختلف الأطباء، فهذا ينتج عنه المزيد من القلق والتوتر, وربما هذه الأعراض النفسوجسدية، نحن بالطبع لا نحرمك أبدا من مراجعة الأطباء, لكن هذا يجب أن يكون بشيء من الترتيب, ودراسات كثيرة أشارت إلى أن الذهاب إلى الطبيب بصورة دورية مرة كل ثلاثة أشهر أو أربعة أشهر من أجل الفحوصات العامة سوف يكون كافيا.

إدارة الوقت, وكذلك إدارة الحياة, وذلك من خلال تغير نمطها, مع الاستفادة القصوى وجد أنها تساعد الناس كثيرا في عدم الانشغال في الأعراض، وهنالك أدوية جيدة جدا تساعد في علاج حالتك, وهذه أود أن أنصحك بتناولك لها بعد أن تتأكد من نوعية الدواء الذي أعطاه لك الطبيب الباطني, فربما يكون أعطاك دواء في الأصل هو مضاد للقلق أو الاكتئاب.

الدواء الذي أنصح به يعرف باسم دوقماتيل Dogmatil, واسمه العلمي هو سلبرايد Sulipride, وجرعته هي (50) مليجراما صباح ومساء لمدة شهرين, وبعد انقضاء هذه المدة تخفف الجرعة إلى كبسولة واحدة في المساء لمدة شهر, ثم تتوقف عن الدواء، هذا هو العلاج المساعد, وليس الرئيسي, أما العلاج الدوائي الرئيسي والأساسي فهو دواء يعرف باسم لسترال, واسمه الآخر زولفت, واسمه العلمي هو سيرترالين Sertraline وهو دواء جيد جدا, الجرعة هي أن تبدأ في تناوله بمعدل نصف حبة أي (25) مليجراما يتم تناولها ليلا بعد الأكل لمدة أسبوعين, وبعد ذلك ترفعها إلى حبة كاملة ليلا لمدة ستة أشهر, وثم تخفض الجرعة إلى نصف حبة ليلا لمدة شهر, ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة شهر, ثم تتوقف عن تناول الدواء.

شرب النعناع المغلي والمركز وجد أيضا أنه ذو فائدة كبيرة, كما أن تناول البقدونس له فائدة.

أسال الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات