السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أرجو التكرم بشرح مرحلة ما بعد الاكتئاب بالتفصيل.
وهل القلق والتوتر سمة رئيسية لهذه المرحلة؟
وما الواجب فعله بعد 5 شهور من العلاج المتواصل للاكتئاب باستخدام عقار ريميرون ليلا و(deanxit)نهارا؟
ولكم جزيل الشكر والتقدير.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو زيد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته/ وبعد،،،
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونشكرك كثيرا على تواصلك مع إسلام ويب.
لا شك أن الاكتئاب النفسي أنواع وأشكال ومراحل ودرجات، هنالك الحالة البسيطة، وهنالك الحالات المتوسطة، والحالات المطبقة، وهنالك الاكتئاب المصحوب بأعراض قلقية شديدة، أو وسواسية، وهنالك الاكتئاب الذي تكون الصورة الرئيسية فيه هي صورة أعراض عضوية، فهنالك أنواع كثيرة، ويقال إنه يوجد أربعة وثلاثون نوعا من الاكتئاب النفسي، وفي كثير من الحالات يصعب التعميم، أي أنه ليس من الأمر الجيد من الناحية العلمية أن نعامل كل حالات الاكتئاب كأنها طيف واحد من الأمراض، ولكل إنسان خصوصيته، ولكل إنسان ظروفه الاجتماعية والنفسية، وكذلك شخصيته، والظروف المحيطة به التي يجب أن نراعيها حين توضع خطة العلاج.
لذا ننصح دائما الإخوة والأخوات لعلاج الاكتئاب بأن الأمر ليس تناول الأدوية فقط، فهناك أشياء كثيرة مهمة، نعم تناول الدواء والالتزام به ركيزة علاجية أساسية، ولكن الآليات الأخرى تعتبر مهمة.
بالنسبة لمرحلة ما بعد الاكتئاب, والتي تعرف في كثير من الكتب العلمية، هي فترة الثلاثة أشهر التي تعقب نوبة الاكتئاب، وتكون فيها جل الأعراض الرئيسية للاكتئاب، والتي يكون على رأسها الشعور بالكرب والكدر قد زالت، وفي هذه المرحلة قد يحدث قلق وتوتر بسيط لبعض الناس، وقد يكون هنالك تخوف بأن الاكتئاب سوف يرجع ويعود.
مجموعة أخرى من الناس قد تأتيهم نوبات من الانشراح البسيط، وهذا يتطلب المراقبة الطبية اللاصقة؛ لأن الاكتئاب في مثل هذه الحالة قد يكون من النوع ثنائي القطبية، والهدف من العلاج الدوائي دائما هو أن تصحح المسارات الكيميائية الخاصة بالموصلات العصبية، والتي يعتقد أنها أحد المسببات أو العوامل الرئيسية في الاكتئاب، وحين يتحسن الإنسان على هذه الأدوية يجب أن يجتهد، ويثابر في موضوع تأهيل نفسه اجتماعيا وسلوكيا ونفسيا.
وذلك من خلال إدارة الوقت بصورة صحيحة، والتفكير الإيجابي، والحرص على العمل، وعدم التباطؤ حيال الواجبات الاجتماعية، وتغيير نمط الحياة، وحسن إدارة الزمن، وحسن إدارة الحياة، فهذه أشياء مهمة جدا لمرحلة ما بعد الاكتئاب، وذلك لأنها -إن شاء الله تعالى- تضمن للإنسان استمرارية التعافي، ولابد أن أشير إلى أن هنالك أنواعا من الاكتئاب بطبيعتها انتكاسية ومزمنة، يعني أن الاكتئاب متوقع أن يحدث في هذه الحالات مرة أخرى، وفي هذه الحالة لابد من النصح بالاستمرار على الدواء لمدة طويلة، لا تقل عن ثلاث سنوات مثلا.
وهنالك عدد من الناس نستطيع أن نقول (40 إلى 50 %) لا تنتابهم نوبات أخرى، وهذا شيء جميل، وهناك أناس من الممكن أن يعيشوا حياتهم بصورة طبيعية، أما الذين تحدث لهم حالات القلق والتوتر البسيط فهذه يمكن تخطيها بممارسة الرياضة، والمثابرة، والتفكير الإيجابي، أما إذا حدث مع القلق والتوتر اضطراب في النوم فهذا مؤشر أنه ربما تكون هنالك بدايات انتكاسة مرضية.
فيا أخي: الواجب هو أن يراقب الإنسان نفسه، لكن ليس بوسوسة، أو تخوف شديد؛ لأن الوسوسة والتخوف الشديد ربما ترجع للإنسان الانتكاسة المرضية مرة أخرى.
ثانيا: الحرص الشديد على تطبيق الآليات السلوكية التي تجعل الإنسان ينعم بالتعافي، ويستمر معه، وهذا نوع من التأهيل النفسي المهم جدا، هذا هو الذي نراه مهما وضروريا، وهذا هو الذي يحدث بعد نوبات الاكتئاب التي يتم علاجها، أما عقار ريمانون و deanxit فهي أدوية جيدة ومتميزة بعد أن يكون الإنسان في حالة ممتازة لمدة شهرين أو ثلاثة على الأقل، بعد ذلك يمكن أن توضع خطة تخفيض الدواء؛ لأن الرزمة العلاجية الدوائية الصحيحة تتكون من فترة تمهيدية للعلاج، وفترة علاجية حقيقية، ثم الفترة الوقائية، والاستمرار والتوقف التدرجي عن الدواء، وفي مثل هذه الحالات يتم التوقف عن الريمانون تدرجا في الأول، ثم بعد ذلك يتم سحب الديناكسيد.
بارك الله فيك, وجزاك الله خيرا، وأسأل الله لك العافية.