رفض وتأخير الزواج من الفتيات... وكيفية القضاء على ذلك

0 536

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاكم الله خيرا على ما تقدمونه من عظيم الخدمة لأبناء أمتنا الإسلامية.

استشارتي كالتالي:
ما ألاحظه في هذه الأيام في بلدي -بلد عربي مسلم- كثرة رفض الشباب من قبل الفتيات, بحجج عدة, مثل أن الفتاة تصلي الاستخارة ولا ترتاح أو ما زال الوقت مبكرا- -تجد الفتاة في العشرينات من عمرها وتقول مبكر- أو ترفض بسبب أنها تريد إكمال دراستها للماجستير, وغيرها من الحجج والأسباب.

صدقا هنالك قصص مؤلمة, تجد أستاذا جامعيا يطلب الفتاة الجامعية للمرة الأولى فترفض، والثانية فترفض، وإلى المرة الخامسة فتوافق, فيقولون هي معها حق لأنها لو وافقت أثناء دراستها الجامعية فإنها سوف تتضرر دراستها، فما صحة مثل هذا الكلام؟

سؤالي: أين كل هذه التصرفات من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: \"إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه ...\" إلى آخر الحديث؟ ومتى نقول أن هذا الرفض مخالف للحديث؟ ومتى نقول أنه نصيب وقضاء وقدر من الله؟

أي بمعنى آخر هل هذه التصرفات صحيحة من قبل الفتيات؟ وغالبا ما يبررنها بأنه نصيب، وما الحل لهذه المشاكل؟

أرجو أن يتم تحويل استشارتي للأستاذ الهنداوي والشيخ موافي عزب، وأرجو الإجابة على كل أسئلتي لعلي أفيد غيري في هذا الموضوع, أنا أعاني من إقناع غيري بحل مثل هذه المشاكل, نجد الآن كثيرا من الفتيات قد تقدم بهن السن ولم يتزوجن, وكذلك كثير من الشباب, وأصبح رأي الناس أن أفضل سن للزواج هو بعد الثلاثين من العمر, لتصل بعض الإحصائيات للفتيات التي تجاوز عمرهن الثلاثين ولم يسبق لهن الزواج ال145 ألف.

جزاكم الله خيرا، أرجو الإجابة عن جميع أسئلتي, وأعتذر على الإطالة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ شاب حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يجزيك خيرا، وأن يثبتك على الحق، وإذا لم تكن متزوجا نسأل الله تبارك وتعالى أن يمن عليك بزوجة صالحة طيبة مباركة، وإذا كنت متزوجا نسأل الله تبارك وتعالى أن يبارك فيك وفي أهلك، وأن يكرمك بذرية صالحة تكون عونا لك على طاعته وحجابا لك من النار.

بخصوص ما ورد برسالتك – أخي الكريم الفاضل – فإن هذه القضية التي أشرت إليها من القضايا الخطيرة التي أصبحت تشكل ما يعرف بالظاهرة في حياة المسلمين؛ حيث أن الوضع الذي أصبحت عليه الأمة الآن قد اختلف كثيرا عما كانت عليه سابقا، أمور كثيرة قد تغيرت ودفعت إلى هذه الظاهرة المؤلمة والمخجلة، من هذه الأمور ما يعرف بنظام التعليم، فإن الفتاة في سابق عهدها لم تكن تحرص هذا الحرص على إكمال التعليم الجامعي وما فوقه؛ ولذلك كانت من سن السادسة عشرة أو الخامسة عشرة تجد نفسها مستعدة لكي تكون زوجة وأما، وكما ذكر الشافعي – رحمه الله تعالى -: (إني لأعرف امرأة زوجة – أو قال جدة – في عمر الثانية عشرة أو الرابعة عشرة عاما من عمرها)، لماذا لأنها تزوجت مبكرا، وكان هذا هو حال الناس جميعا لعدم وجود مثل هذه الأمور التي وجدت الآن في حياة الناس.

التعليم الجامعي الآن من سوءاته الكبرى حقيقة تعطيل أو تأخير سن الزواج لدى الفتيان والفتيات، رغم أنه لم يثمر إلى حد كبير في نهضة الأمة كما تعلم، بل ترتب عليه إخراج كم هائل من العاطلين والعاطلات، إلا أنه أضاع أعمار الناس سدى، وهذا أعتبره حقيقة صنما أصبح الآن يقدسه الناس من دون الله تبارك وتعالى، ويلتزمون به التزاما كما لو كانت الأرزاق متوقفة عليه، وهذا كما ذكرت لك هو من أهم التحديات التي تواجه الشباب المسلم والفتيات المسلمات الآن، رغبة الأسرة في أن تتعلم الفتاة، ورغبة الأسرة أيضا في أن يكمل الشاب تعليمه، تظل الفتاة عالة على أسرتها لأكثر من عشرين عاما، وكذلك يظل الشاب عالة على أهله نفس السن أو يزيد، في حين أن هذا كله حقيقة يتعارض مع ما ينبغي أن يكون، فإن الله تبارك وتعالى جعل الإنسان مكلفا تكليفا كاملا في سن البلوغ، وسن البلوغ هذا أحيانا قد يبدأ من الثانية أو الثالثة عشرة، تستطيع هذه الفتاة أن تؤسس وتقيم أسرة رائعة موفقة، وكذلك الرجل.

إلا أن صنم التعليم هذا بهذه الطريقة أدى كما ذكرت إلى تأخر سن الزواج لدى الفتيان والفتيات.

الإسلام حقيقة لا يمنع التعليم والتعلم، بل على العكس فإنه يحض على ذلك، ونحن أمة (اقرأ) كما لا يخفى عليك، أما أن يتحول التعليم إلى شيء ضار بالأمة ومعطل لمقوماتها ومقدراتها فهذا الذي ينبغي إعادة النظر فيه، خاصة وكما ذكرت لك أن هؤلاء الخريجين الذين يتخرجون كل عام لا يجدون فرصتهم في سوق العمل، لأن التعليم أصبح لمجرد التعليم وفقط، بصرف النظر عن كونه يخدم الأمة، يحقق مقاصدها الكبرى، يحقق غاياتها العظمى، بل إن المسألة أصبحت كما قالوا: (إن هي إلا أرحام تدفع) جامعات تستقبل الآلاف المؤلفة كل عام وتخرج أيضا كذلك آلافا مؤلفة كل عام إلى الشارع، بعد أن تكون الفتاة قد قضت فترة طويلة في أمور قد تؤدي إلى إلحاق الضرر بعفتها، وبكرامتها، وبأخلاقها أيضا وحيائها، خاصة في البلاد المفتوحة تتعامل مع الرجال أحيانا أو مع الشباب ومع الجنس الآخر أحيانا منذ السنة الأولى من عمرها في المرحلة الابتدائية وتظل كذلك، فيصبح تعلقها بالرجل أقل، لأنها قد تكون في خلال حياتها قد تعرفت على عشرات من الشباب، وقد تكون أقامت علاقات بصورة أو بأخرى، فتجد أحيانا أن علاقتها مع زوجها تجدها فاترة؛ ولذلك ارتفاع نسبة الطلاق في العالم العربي والإسلامي أصبحت شيئا مروعا، عندما تعلم أن هناك دولة من الدول أصبحت نسبة الطلاق بها تصل إلى خمسين بالمائة، وأضحت الفتاة والفتى ليس لديهما الحرص على استمرار مؤسسة الأسرة أو على استمرار أداء رسالتها، وإنما لأتفه الأسباب تجد الفتاة نفسها تذهب إلى بيت أهلها أو ترغب في الطلاق، وقد تصل إلى الخلع، لأن الحياة الزوجية فقدت قدسيتها نتيجة هذه المعطيات الجديدة.

كذلك أيضا من التحديات التي تواجه الأسرة المسلمة والشباب المسلم والفتيات المسلمات وألقت بظلالها أيضا هذا الانفتاح الواسع على العالم، فدخول الفتيات الآن إلى بعض المواقع وقضاء أوقات عبر الشات وهي تتكلم مع أناس لا تعرف عنهم شيئا، تستمع إلى كلمات قد لا تسمعها من زوجها إن تزوجت، وتقيم معهم علاقات قد تكون مجرد كلام أو دردشة كما يقال فتشعر بعدم حاجتها للحياة الزوجية لأنها من الممكن أن تقضي وطرها وأن تريح نفسها عن طريق هذا الكلام الذي قد يصل أحيانا إلى درجة السقوط والتدني والوقوع في الحرام.

هذا تحد من التحديات، كذلك أيضا لعب الإعلام دوره الكبير في مسألة الترغيب في تأخر سن الزواج، والحث على ذلك، ونجد أن الممثلة تصل إلى سن الثلاثين وزيادة كما ذكرت أنت وهي لم تفكر في الزواج، وإنما لها صديق أو خليل في النوادي أو في أماكن العمل، ولا تشعر بحاجتها للحياة الزوجية.

إذن أقول لك معك الحق كل الحق بأن هذه أشياء فعلا تحديات جديدة، وهي كلها منافية حقيقة لشرع الله تعالى، وينبغي إعادة النظر فيها؛ ولذلك نجد الأسر المسلمة الصالحة لا تقف أمام هذا الصنم كما ذكرت لك، وإنما تزوج الفتيات حتى وإن كن على مقاعد الدراسة، وهذا لا يوجد منه مانع أبدا، وما المانع أن يكون هناك نظام تعليم يراعي خصوصية الفتاة المسلمة أو يسمح لها بمواصلة التعلم مع الحياة الزوجية كأن يكون هناك تعليم عن بعد أو تعليم بالمراسلة وألا تحرم الزوجة من فرصة العمل بهذه الشهادات إذا كانت بحاجة للعمل حتى لا تشعر بخيبة أمل لأنها لم تواصل التعليم مثل غيرها, فلابد من تدخل الدول لوضع تصور جديد للتعليم يحافظ على استقرار الأسرة، ويضمن للفتاة المحافظة على حيائها وعفتها, وفي نفس الوقت تتاح لها فرصة العمل إن رغبت في ذلك.

أما كون الفتاة تصلي استخارة ولا تستريح فهذا من حقها، ومن حقها أن ترفض ما تراه غير مناسب لها مهما كان شأنه ومركزه، فهذا حقها الشرعي، شريطة ألا تكون مغالية في شروطها أو متعنتة في طلباتها، وعلى أهلها أن يساعدوها في اتخاذ القرار المناسب حتى لا تعطل الشرع وتعيش عانسا بلا زوج.

وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات