أعاني من النظر إلى العورات بشكل وسواسي؛ فما العلاج؟

0 643

السؤال

في البدء: أود شكر القائمين على هذا الموقع، والجهد القيم المبذول لمساعدة الناس على تخطي عقبات الحياة، والدفع بنا إلى حياة أفضل -بإذن الله-.

ثانيا: أود طرح مشكلتي باختصار راجيا منكم بعد الله المساعدة في إيجاد العلاج المناسب.

قصتي مع المرض بدأت منذ 4 سنوات بعد التخرج من الجامعة بأشهر فقط، وهي مستمرة إلى الآن: وأعراضها على النحو الآتي:

1- اختلال الآنية (شعور يصعب وصفه, كأنك في حلم، وللأسف بدون انقطاع إلى حد اللحظة).

2- النظرة اللاإرادية إلى العورات (توجه النظر إلى العورات, مع صعوبة مقاومته, ما يبعث في نفوس الأشخاص الذين أتكلم معهم نظرة سلبية غير صحيحة عني, بمعنى أني إذا كنت أتكلم مع امرأة, وأنظر إليها, مع صعوبة تركيز نظري بشكل عادي, بحيث يتجه نظري إلى ما لا أريد (العورات), فهذه النظرة توحي لها أنني رجل شهواني، أو ما شابه، وإن كان رجلا فالنظرة توحي أنني شاذ ـ والعياذ بالله ـ.

مع العلم أنني غير ذلك -والحمد لله- فأنا شخص على قدر من الالتزام -ولله الحمد-.

أتمنى أني شرحت هذه النقطة بالذات بطريقة تساعد على تشخيص حالتي بدقة.

أود الإشارة أيضا أنه رغم هذه الأعراض والصعوبات إلا أنني أمارس حياتي بشكل عادي إلى حد كبير بمعنى أنني لم أنعزل، وأمارس عملي (مع صعوبة النظر إلى رفقاء العمل، واتخاذ وضعيات وأماكن جلوس تساعدني على عدم إظهار وسواس النظر عندي).

ملاحظة: لم يسبق لي زيارة طبيب نفسي من قبل، ولم أتناول أي دواء نفسي.

في الأخير: أرجو منكم تشخيص حالتي، ووصف العلاج المناسب -إذا أمكن-.

جزاكم الله عنا خير الجزاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

بالنسبة للشكوى الأولى -والتي تتمثل في الشعور الذي يصعب وصفه, وكأنه في حلم- فهذا أقرب لحالات القلق النفسي، وبالنسبة لحالات اضطراب الأنية قد تكون مقاربة جدا, ومشابهة لذلك, مع بعض الاختلافات، فاضطرابات الأنية تجعل الإنسان ينظر إلى نفسه بخلاف حقيقتها, وكذلك لما حوله، ويشغله هذا التفكير جدا، وهي أيضا تعتبر حالة من حالات القلق.

بالنسبة للجزئية الثانية وهي: النظر إلى العورات, مع صعوبة مقاومته فهذا فعل وسواسي، ولا شك في ذلك.

الوساوس تكون سخيفة، تكون متسلطة، تكون مستحوذة، وتكون ملحة، ويعرف الإنسان سخفها, ويحاول أن يتجنبها، ولكنه قد يجد صعوبة في ذلك.

علاج هذا الأمر يتمثل في: أن تفهم أن هذه إسقاطات وسواسية، ومن ثم تفرض على نفسك أن تحقرها، وأن تمنع نفسك منعا باتا منها، وحين يأتيك الشعور بالنظر إلى عورة غيرك: ضع في مخيلتك كأنك تنظر إلى نار جهنم، والتي لا أحد يعرف كيفيتها وشدتها، علمها عند الله، لكنها بالتأكيد فظيعة, ووصفها لا يخفى, وهو موجود في القرآن, وقليل من يتذكر {إنها لإحدى الكبر * نذيرا للبشر}.

الذي قصدته هو أن تربط ما بين الشعور الوسواسي وتفاعل آخر يكون قاسيا على النفس, ومقززا, ومنفرا, اربط ما بين الاثنين: الفعل أو الفكر الوسواسي والفعل المنفر, كرر هذا دائما.

وابن أفكارا أخرى: تصور أنك تنظر إلى العورات, وفي نفس الوقت قم بالضرب على يدك بقوة وشدة حتى تحس بالألم, والهدف هو أن تربط ما بين الفكر أو الفعل الوسواسي وإدخال استشعار مخالف على النفس, وهو إيقاع الألم, هذا التمرين يكرر عشر مرات.

البعض ننصحهم بأن يضعوا الرباط المطاطي الذي تربط به الأوراق النقدية، يضعوه حول الرسغ، ويقوم الإنسان بشده وجذبه بقوة, ثم يطلقه, ثم يشعر بالألم واللسع الشديد، في لحظة الجذب والشد والإطلاق يجب أن يكون الفكر كله منصبا حول ما تعانيه من وساوس, اربط بين الاثنين، كرر هذا التمرين بجدية وتركيز، بالرغم من أنه تمرين مضحك بعض الشيء، لكنه يقوم على أسانيد علمية, من طبقوه بصورة صحيحة أضعفوا كثيرا من فكرهم الوسواسي, والرابط العلمي واضح جدا، فهو يسمى بفك الارتباط الشرطي.

والإنسان يجب أن يعرف أن النفس لابد أن تحجم, ولابد أن تلجم, ويوضع لها الكوابح، قال تعالى: {إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي}، {وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى}، وكبح النفس ممكن جدا, وزجرها وحرمانها وتطويعها على الخير ممكن جدا.

أنا لا أريد أن أعطيك الصور غير المريحة في الحياة، لكن أيضا: اتباع الجنائز، النظر في القبر حين يوضع الإنسان في قبره، وربط ذلك بهذه الوساوس السخيفة التي تعاني منها، وتذكر قول الله تعالى: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم} وتذكر قول الله تعالى: {ألم يعلم بأن الله يرى}, فهذا أيضا منفر لهذه الوساوس القبيحة.

بقي أن أقول: إنك سوف تستفيد كثيرا من العلاج الدوائي، عقار (بروزاك) يعتبر مثاليا للمساعدة في مثل حالتك, تناول كبسولة واحدة في اليوم بعد الأكل لمدة شهر، بعد ذلك اجعلها كبسولتين في اليوم، استمر عليها لمدة أربعة أشهر، ثم خفضها إلى كبسولة واحدة في اليوم لمدة خمسة أشهر، ثم كبسولة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.

بعد شهرين من تناول (البروزاك) -إذا لم تحس بتحسن حقيقي في صرف هذه الوساوس- أضف إلى (البروزاك) دواء يعرف باسم (رزبريادون), تناوله بجرعة صغيرة, وهي مليجراما واحد ليلا لمدة ثلاثة أشهر، ثم توقف عن (الرزبريادون), واستمر على (البروزاك).

إن شاء الله تعالى باتباعك لهذه الإرشادات, وتناول الدواء بصورة صحيحة سوف تزول منك حالة القلق التي تشبه اضطراب الأنية، وكذلك الوسواس القهري الذي تعاني منه، وإن تيسر لك زيارة طبيب نفسي فهذا أيضا يعتبر أمرا جيدا، وبالنسبة لاتخاذك وضعيات وأماكن جلوس تساعدك على عدم إظهار الوسواس, فهذا أيضا أمر جيد، والإنسان مطالب بصرف الانتباه للتخلص من وساوسه.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية, والتوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات