السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إخوتي - بارك الله فيكم- أنا أعاني من الرهاب الاجتماعي منذ سنين، عمري 22 سنة، حاولت بأشد الطرق زيادة ثقتي بنفسي ولكن دون جدوى! أشعر بعدم القدرة على التعامل مع الآخرين، ويقولون بأنني صاحب نية، وقد يصل أحيانا إلى أن يجرحونني، القلق، والتوتر، وعدم الثقة، والكسل، والخمول، والنوم لساعات، والانطواء، وإدمان الإنترنت، والفراغ الدائم، أنا هي من سماتي، وأنا الآن في أمس الحاجة إلى المساعدة!
ذهبت منذ فترة إلى مستشفى الصحة النفسية، ولكن موعدي بعد شهرين، فهل حالتي سوف تعالج بسرعة؟ زرت أخصائيا نفسيا منذ كان عمري 20 كانت جلساتي كثيرة تجاوزت أربع جلسات، لم أستعن بأي مسكن، قطعت الزيارة آنذاك، أنا الآن لا ألوم نفسي بكثرة؛ لأني طبعت عليها بأنها مريضة.
دمتم في حفظ الله ورعايته!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
أظن رسالتك تحتوي على سؤال جانبي، وهو هل يكون المرض النفسي أحيانا من العين والحسد؟
العين والحسد موجودان، ونحن كمسلمين نعترف بوجودها، ولكن يجب أن نتحرى الدقة والحذر، وأن لا نستمع إلى الأباطيل والتوهمات التي يثيرها البعض، فكثيرا ما يذكر البعض أنه شعر بكذا وكذا، ويرجع ذلك إلى العين أو الحسد أو السحر، ربما تكون هنالك أعراض، لكن لا توجد معايير تشخيصية نستطيع أن نقول أن هذا سببه العين، وهذا سببه الحسد أو هذا سببه السحر والله أعلم.
إذن نحن نقول دائما للإخوة الرقاة: ارقوا الناس، وعلموهم الرقية حتى يرقوا أنفسهم، لكن لا تشخصوا الحالات؛ لأن المعيار التشخيصي أصلا غير موجود، ويجعل الإنسان في توهم وحرج حين نقول أو يقال له أنه مصاب بعين أو بحسد، والمؤمن الكيس الفطن –وأنت إن شاء الله تعالى منهم– دائما يحصن نفسه بأن يكون في معية الله، ويحرص على قراءة المعوذتين، والاجتهاد في الذكر والدعاء، ويكون على قناعة كاملة أنه في حفظ الله وفي معيته، وأن كيد الحاسدين والشياطين والسحرة لا شك أنه ضعيف ولا شك أنه زائل، هذا من ناحية.
من ناحية أخرى: أعراض الرهاب الاجتماعي التي تعاني منها، والقلق، والتوترات، والشعور بعدم الارتياح، والخمول، والكسل، لا علاقة لها بالعين والسحر أو الحسد، هذا أؤكده لك، هذه حالة طبية نفسية قليلة تصيب البر والفاجر، الغني والفقير، الأبيض والأسود، وهي لها أسباب ولها عوامل، منها أمور تربوية متعلقة بالتنشئة وتجارب سلبية، مثل: التعرض لنوبة خوف في الصغر، ووجود مفاهيم خاطئة لدى الإنسان، كما أن البناء النفسي والشخصية تلعب دورا أساسيا في استعداد الإنسان لمثل هذه الحالات النفسية.
فاطمئن أخي الكريم: ومقابلتك -إن شاء الله تعالى- مع الطبيب النفسي سوف تكون مثمرة جدا، وأنا سوف أصف لك الآن أحد الأدوية المضادة للمخاوف الاجتماعية والقلق والتوتر ومحسنة للمزاج، وحين تذهب إلى الطبيب اعرض الدواء عليه، فإن أقره ونصحك بالاستمرار فاستمر، وإن طلب منك أن تبدله بشيء آخر فأرجو أن تتبع تعليماته.
الدواء الذي أنصحك به يعرف تجاريا باسم (زيروكسات Seroxat) واسمه العلمي هو (باروكستين Paroxetine) تناوله بجرعة نصف حبة – أي عشرة مليجرام – تناوله يوميا بعد الأكل، وبعد عشرة أيام ارفع الجرعة إلى حبة كاملة، استمر عليها حتى تذهب وتقابل طبيبك.
هنالك إجراءات علاجية أخرى نسميها بالعلاج السلوكي، وهي: أولا أن تغلق الطريق تماما أمام فكرة العين والحسد والسحر، وتتخذ الإجراءات الشرعية التي ذكرناها لك.
ثانيا: عليك بممارسة الرياضة.
ثالثا: يجب أن تنام نوما صحيحا ومريحا، وهذا يعني أن تذهب إلى الفراش مبكرا، وأن تحرص على أذكار النوم، وأن تتوقف عن تناول القهوة والشاي والبيبسي والكولا والشكولاتا وما يشابهها من مشروبات التي تحتوي على مادة الكافيين بعد الساعة السادسة مساء، وأن لا تنام في أثناء النهار، وأن تستيقظ لصلاة الفجر وأدائها في وقتها، هذه أمور محسنات للنوم، فكن حريصا على ذلك.
رابعا: إدمان الإنترنت هو علة يجب أن تبتعد عنها، وأنت تعرف الآن أن إدمان الإنترنت أصبح مرضا إدمانيا يزداد تعقيدا، ومتى ما استمر الإنسان في هذه الممارسة نحن لا نحرمك من الإنترنت لكن تأكد أي استعمال للإنترنت أكثر من ساعتين في اليوم هذا مرض، يجب أن تعالج نفسك بيدك وبإرادتك، والأمر ليس صعبا أبدا.
الانطواء يجب أن تعالجه من خلال التواصل الاجتماعي الذي يجب أن تكثر منه، تواصل مع أهلك، مع أرحامك، كن بارا بوالديك، التقي مع الأخوة المصلين في المسجد، مارس الرياضة الجماعية، وأنت أيضا مطالب بأن تبحث عن عمل، فقيمة الرجل هي في العمل، والعمل يعتبر من الناحية النفسية والسلوكية من أكبر وسائل التأهيل النفسي والاجتماعي وتأكيد الذات وتطويرها، فكن حريصا على ذلك.
أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.