السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
عندي أخ عمره 18سنة، مدمن مخدرات، أصدقاؤه للأسف هم من جعلوه هكذا، نحن من قرية للأسف أكثر شبابها مدمنون مخدرات، والكبار فيهم تجار مخدرات، حتى الشرطي لا يخاف الله، فبعضهم يأخذ وظيفة الشرطي لكي لا يشك فيه أحد، ويتاجر بالمخدرات، الرجال الكبار والنساء لا يبلغون عن أولادهم؛ لأنهم يخافون أن يسجنوا، أصبحت القرية فاسدة، حتى الخمر للأسف صار شيئا عاديا، والله إن الرجل الكبير المتزوج ذا الأبناء الشرطي يتمشى في القرية بسيارته وهو سكران، وأقسم بالله إنه طارد البنات بسيارته أكثر من مرة حتى حاول أن يخطف.
للأسف الكل يعرف ذلك من الرجال ولا يتكلمون، حتى شيخ القرية لا يحرك لسانه، للأسف ليس هناك رجال، بل ذكور!
أنا فتاة، حاولت أن أنصح أخي لكنه يكره النصيحة مني، أصبح مثل المسحور، لا يقبل أي كلام إلا من رفاقه، يأتي للبيت للأسف مثل المجنون، يبحث عن المال من أجل أن يشتري حبة مخدر ليرتاح، أما أبي فكلما قلت له ابنك مدمن، يقول: ماذا أعمل له؟ هو رجل، دائما يكرر نفس الكلام، أبي رجل كبير ومريض، ولا يقدر أن يهتم بولده، وأمي تعبت وهي تلحقه من مكان لمكان، أمي وأبي مطلقان، والله ما بيدها حيلة، ألم يقل الرسول -صلى الله عليه وسلم-: ((من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان)).
أرجوكم لا أعرف الحل، أريد حلا يكافح الفساد الذي في القرية، حسبي الله ونعم الوكيل! وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ عائشة .. حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك في أي وقت، وعن أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يثبتك على الحق، وأن يجنبك الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وأن يحفظك بما يحفظ به عباده الصالحين، كما نسأله تبارك وتعالى أن يغفر لأخيك، وأن يتوب عليه، وأن يعافيه من تعاطي المخدرات، وأن يعافي قريتكم كلها من هذه البلايا التي حلت بهم وتلك المصائب التي نزلت بساحتهم.
وبخصوص ما ورد برسالتك أقول -أختي الكريمة الفاضلة-: إنه مما لا شك فيه أن هذه المشكلة مشكلة كبيرة.
وثانيا: أنت لم تذكري البلدة التي تنتمين إليها حتى نقول إنه من الممكن أن نساعدك في معرفة بعض الجهات التي قد تؤثر بصورة أو بأخرى في دفع هذا المنكر؛ لأن الذي ذكرته بما أنه أصبح من الأمور العامة أصبح خطرا عظيما، إذ أنه كما ذكرت أن أكثر الشباب من المدمنين، وكذلك أيضا المفروض في جهاز الأمن والشرطة أن يقوم على دفع هذا البلاء عن الناس، ولكن ذكرت أنت أن بعض رجال الأمن أو الشرطة يركبون السيارات وهم في حالة سكر، وقد يطاردون فتيات أيضا، ومعنى ذلك أن الفساد قد نخر في عظام كل المؤسسات في هذه القرية.
الأمر يحتاج إلى تدخل جهات أخرى كالمنطقة التي تتبع لها هذه القرية، أن يذهب بعض العقلاء من أهل القرية إلى المركز أو القسم أو الدائرة التي تتبع هذه القرية له، ويقدمون شكاوى لبيان الحال، وأنهم في حاجة إلى مساعدة من قبل الدولة، وهذا نوع من الحلول، وإن كنت لست متشائما من أن بعض هذه البلاد قد أصابتها سلبية، والسلبية التي أصابت الناس في بلدتكم أعتقد أنها ليست بغريبة عن غيرهم، إلا أنه من باب الأخذ بالأسباب كما ذكرت من قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((من رأى منكم منكرا فليغيره)).
فإذا أقول: من الممكن الاستنجاد والاستعانة بعد الله تعالى ببعض الوجهاء والأعيان والكبار من أهل القرية، يتوجهون إلى المنطقة التي تتبع هذه القرية، ويقدمون شكوى جماعية لطلب النجدة أو المساعدة من قبل الجهات الرسمية.
هناك أيضا حل آخر وهو: تحريك أهل الخير والفضل في القرية للوقوف أمام هذه الظاهرة، ومحاولة محاربتها على الأقل بالانتباه لأبنائهم، وتوعيتهم، وتذكيرهم، حتى لا يقعون فريسة لهؤلاء المجرمين من التجار الظالمين الذين يبيعون الموت لشباب القرية وفتيانها.
ثالثا: هناك سلاح الدعاء، والإلحاح على الله تبارك وتعالى أن يصرف السوء عن أخيك، وعن جميع الشباب والرجال في هذه القرية.
لا أعتقد أن هناك أمرا آخر أكثر من ذلك؛ إذن الأمر عظيم، ولابد من تضافر جهود كبرى للوقوف في وجه هذا الفساد الذي حل بهذه القرية، إما أن تكون الجهات الرسمية التي تتبعها القرية، وإما أن يكون خلاف ذلك -كما ذكرت- بأن تكون هذه المسألة عن طريق تضافر جهود بعض الخيرين من أهل القرية الذين لم يتعرضوا لهذه المحرمات، ولم يتعاطوها.
وحاولي الاستعانة بعد الله تعالى ببعض هؤلاء الصالحين، لعل الله عز وجل أن يجعل فيهم نفعا ودفعا وإصلاحا وتقويما لهذا الاعوجاج العام الذي أصاب هذه القرية بتمامها.
توجهي إلى الله عز وجل بالدعاء أن يرفع الله عن قريتكم هذا البلاء، وعن سائر قرى المسلمين، وأن يعافي شبابها من هذا المرض الفتاك، وأن يبصرهم بالحق، وأن يعينهم على سلوك الصراط المستقيم.
أسأل الله تعالى أن يثبتك على الحق، وأن يغفر لأخيك، وأن يتوب عليه، كما أسأله تبارك وتعالى أن يغفر أيضا لكل الشباب، وأن يعافيهم من هذا البلاء، وأن يجنبهم كل سوء، إنه جواد كريم.
هذا وبالله التوفيق.