أشعر بأنني منعدمة الثقة بالنفس، وليس لدي عزيمة.

0 544

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا طالبة عمري 16 سنة، -الحمد لله- أتمتع بكثير من الذكاء، والجميع يخبرني بذلك، وأرى ذلك وأنا مع أصدقائي في الدراسة، كثيرا ما أجد أشياء سهلة جدا وتكون بالنسبة لأصدقائي صعبة وتحتاج إلى تركيز.

أحب الرياضيات والكيمياء جدا وأنا في ثانوية عامة، ودخلت قسم علمي أرجو من الله أن يوفقني.

مشكلتي أنني رغم ما أنعم على به الله من قدرات تفوق قدرات أصدقائي، إلا أنني ما زلت لا أصدق أنني أستطيع أن أكون متفوقة، ومستواي بينهم سيئ، ليس لأن تحصيلي ضعيف، ولكن لأنني مهملة في دراستي بإرادتي، وهذا أكثر ما يؤلمني.

الحمد لله رزقني الله بأم وأب يطمحان أن أكون شيئا جيدا في المستقبل، ولكنهم كثيرا ما يقللان من عزيمتي ويحبطاني، فهما متناقضان "آسفة لسوء أدبي في حديثي عن والداي ولكنها الحقيقة".

أنام كثير جدا قد يصل لأكثر من نصف اليوم، وهذا بالطبع يضيع وقتي ويقلل من وقت استذكاري، وفكرت كثيرا في الذهاب لطبيب نفسي، ولكني متأكدة بأن أبي وأمي لن يرضيا بذلك.

أحس كثيرا أني منعدمة الثقة بالنفس، وليس لدي عزيمة، وإرادتي شبه مسلوبة، حقا أتألم وأنا أرى العام يمر ولازلت متوقفة في مكاني ولا أتقدم في الدراسة، بل اتجه نحو الأسوأ.

وللعلم أشعر بأن علاقتي مع الله سيئة، وأحاول باستمرار أن أجعلها تتحسن.

أيضا عندما أجلس لأذاكر أجدني أستنفذ الكثير من الوقت في أجزاء بسيطة، لا توجد أي بركة في وقتي، ولا أستطيع تنظيمه، ولا أعلم ماذا أفعل؟

أرجوكم أفيدوني.

جزاكم الله عنا كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ عائشة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنك مدركة تماما لمشكلتك، لديك المقدرات الذهنية والمعرفية -كما ذكرت-، ولكنك تميلين إلى التكاسل وضعف الإرادة والإقبال والفعالية لعمل لما هو إيجابي ومفيد بالنسبة لك.

أرجو بأن تبدئي.

أولا: بأن تحرصي على الصلاة في وقتها، وتلاوة القرآن والدعاء والذكر.

الإنسان لا يتمنى أن تكون علاقته سيئة مع الله -كما ذكرت-، وهذا أمر لا مجال فيه للمناقشة، أو للمساومة، أو بناء أفكار غير مفيدة، الأمر واضح جدا، طاعة الله يجب أن تكون على رأس الأمر، واللجوء إليه في السراء والضراء، وكوني مع الله يكن معك.

ثانيا: لا تضعي أيضا لوما على والديك، الإسقاط ونعني بذلك أن يلوم الإنسان الآخرين فيما يتعلق بالوالدين ليس أمرا صحيحا، وذلك لأن كل أب وأم يحبون أبنائهم، لديهما التكوين الغريزي الفطري الجبلي نحو حب الأبناء، ليس هنالك والد يكره أبنائه أبدا، هنالك مشاكل في التربية، هنالك مشاكل في التعبير، هنالك مشاكل في العلاقات الوالدية، نعترف بذلك، لكن الابن الذي يكون بارا بوالديه يستطيع أن يحبب والديه فيه، فأرجو أن تجتهدي في هذا الجانب.

ثالثا: اعلمي أن مسئولية التغيير هي عليك أنت، ابدئي وضعي آليات للتغيير، تقوم على مبدأ أنك مكتملة العقل، تعرفين الفرق بين الصح والخطأ والخير والشر والحق والباطل والحلال والحرام، وأنت على إدراك تام أن الإنسان لا يسلح نفسه بسلاح العلم والدين سوف يهزم مستقبلا، ولن يكون له وجود أو فعالية أو مكانة في مجتمعه.

أنت الآن في سن الطاقات النفسية والوجدانية والجسدية، وهذا يجب أن يستفاد منه تماما.

خلاصة الأمر: {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}، وأنت أمامك فرصة عظيمة جدا للتغيير.

كلمة (أنا لا أثق في نفسي) أنا لا أحبها أبدا، لأنها لا تعني شيئا أبدا، هو نوع من الاتكال، نوع من الخنوع، ونوع من الاستسلام، الثقة بالنفس تأتي من خلال الأفعال وليس من خلال المشاعر.

فابدئي في إدارة وقتك بصورة سليمة وبصورة صحيحة، من حقك أن تأخذي قسطا كافيا من الراحة، ومن حقك أن تتواصلي اجتماعيا، ومن حقك أن تروحي عن نفسك، ولكن في ذات الوقت يجب أن تعطي الدراسة حقها، والعبادة حقها، والمشاركة في أعمال البيت، هذه كلها طرق بسيطة وجيدة لإدارة الوقت، وهي سوف تشعرك بكيانك الصحيح.

أنا لا أراك مريضة أبدا، ليس هنالك ما يدل على ذلك، الأمر كله يقوم على مبدأ ضرورة استشعار أهمية التغيير، وأن التغيير آت، وأن التغيير يبدأ منك أنت، وأن الله قد استودع فيك طاقات مختبئة متى ما كانت لديك إرادة التغير فسوف يأتي هذا التغيير -بإذن الله تعالى-.

النظرة الإيجابية للحياة مهمة جدا، أن يعيش الإنسان حياته بقوة والمستقبل بأمل ورجاء، أعتقد أن ذلك هو المطلوب في مثل هذه الحالات.

تقربي إلى والديك، وكوني محاورة جيدة، كوني مشاركة في شؤون الأسرة، هذا يحبب والديك إليك، ويحببك إليهم.

بقيت نقطة واحدة: هل أنت تعانين من اكتئاب نفسي أم لا؟

أعتقد أنه من الصعب الخوض في ذلك، في بعض الأحيان بالنسبة لليافعين وفي مرحلة البلوغ وبعدها قد تقل الطاقات النفسية والجسدية، ويكون السبب في ذلك اكتئاب نفسي من درجة بسيطة.

أنا أريدك أن تلتزمي بما ذكرته لكن من إرشاد قبل أن نخوض في أي نوع من العلاج الدوائي النفسي.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات