السؤال
أنا متزوج من ابنة خالتي -الحمد لله- نحن نحب بعضنا كثيرا، وحياتنا جميلة ورائعة جدا في كل شيء، إلا في موضوع لباسها؛ حيث إنها قد ولدت وترعرعت في بلد أجنبي، وهي متعلقة وعنيدة عنادا قد يصل لحد الطلاق بسبب أنها مصممة على لباس البنطال، وهذه مشكلتي معها منذ زمن، حتى من قبل الزواج؛ حيث إنني كنت أصر دائما عليها أن تلبس زيا شرعيا, وقد التزمت مجبرة ومكرهة خلال فترة زواجنا -عام واحد- إلا في حالات نادرة جدا تكاد تحصى كنت أسمح لها علها تنفس قليلا عن نفسها، ولمعرفتي بشخصيتها أنه من الصعب جدا إكراهها وإجبارها على شيء, وقد كنت صبورا جدا معها؛ لأن الأمور تمشي تدريجيا نحو الأفضل، مع أن ذلك يؤلمني جدا، فقد تعبت من كثرة النقاش والجدال بسبب هذا الموضوع معها.
مؤخرا لسبب سفري ووجودي في بلد اخر، وابتعادي عنها لأكثر من شهرين، فقد عادت للبس البنطال وأعادتنا لمرحلة البداية؛ حيث إنها لا تطيعني، وتقول إنها حاولت ولكنها اكتشفت أنها لا تستطيع أن تبقى على عهدها لي، وتصر على أنها ستبقى تلبس البنطال حتى لو أدى هذا للطلاق.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فمرحبا بك أيها الأخ الحبيب في استشارات إسلام ويب، نشكر لك تواصلك معنا، ونسأل الله تعالى أن يصلح زوجتك ويلهمها الصواب.
كما نشكر لك أيها الحبيب حرصك على إصلاح زوجتك وتجنيبها الوقوع في المخالفة، وهذا دليل -إن شاء الله تعالى- على رجاحة في عقلك، وسلامة في دينك، فنسأل الله تعالى أن يبلغك ما تتمنى من إصلاح الزوجة.
ونصيحتنا لك أن لا تتعجل بتطليق زوجتك، وأن تسلك معها أسلوب الرفق واللين في محاولة إصلاحها من غير رضى بهذا المنكر الذي تفعله، فإن من قوامتك عليها أن تنهاها عن الوقوع في معصية الله تعالى، بأن تخرج على هيئة لا ترضي الله تعالى، وإذا استطعت أن تجمع بين الأمرين معا وهما الإنكار عليها ومحاولة إصلاحها مع الرفق واللين في ذلك؛ فإننا نظن أيها الحبيب أنك ستوفق -بإذن الله تعالى- في أداء هذه المهمة، وأن زوجتك ستستجيب لذلك، فإن الرفق ما كان في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه.
ومن مظاهر هذا الرفق في هذه الحال أن تستعمل مع زوجتك أسلوب الإقناع، وليس الإكراه فقط على هذا النوع من اللباس الذي تريده لها.
فالإقناع تربية ذاتية تغرس في الإنسان الرغبة في فعل الخير وتجعله يراقب نفسه بنفسه دون حاجة إلى مراقبة الآخرين أو إلى إجبار منهم، وهذا ما فعله النبي -عليه الصلاة والسلام- حين جاءه الرجل يطلب منه أن يأذن له في شيء محرم فقال له النبي عليه الصلاة والسلام كما في الحديث: (أترضاه لأمك؟ أترضاه لأختك؟) وهكذا، فهذا النوع من التربية المقصود بها غرس القناعة في النفس بأن لا يرضى الإنسان بفعل الحرام، وأنت إذا أفلحت في إيصال هذا المعنى إلى نفس زوجتك فإننا نأمل -إن شاء الله تعالى- أن تنصاع وتنقاد له دون تردد.
الأمر الثاني أيها الحبيب: أن تحاول جاهدا وضعها وسط بيئة صالحة تعينها على فعل الخير وتحثها عليه، وتجد قدوة لها في هذا الخير تأتسي بهم، فإن القدوة مما يسهل على النفس الامتثال وفعل الخير والطاعة.
فحاول أن تربط علاقات مع أسر فيها نساء صالحات حتى تتأثر بهن وتجلس إليهن؛ فإن الصاحب ساحب كما في المثل، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: (المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل).
ثم من الأمور المهمة التي ينبغي أن تعتني بها أيها الحبيب أن تهتم بالدعاء لها، وبضرورة إسماعها بعض المواعظ التي فيها قصص عن الجنة، وما أعد الله عز وجل فيها للطائعين، وعن أخبار النار وما فيها من عذاب للعصاة والمذنبين، وعن أخبار القيامة وما يلاقيه الإنسان فيه في عرصاتها؛ فإن هذا النوع من الترقيق للقلب يطرد عن القلب الغفلة والقسوة، ويجعله محبا لفعل الخير والطاعة، وإذا صلح القلب صلح سائر العمل.
نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يتولى عونك لإتمام هذه المهمة على وجه التمام، وأن يصلح زوجتك.