أصبح أخي يفضل الصمت بسبب التأتأة!

0 535

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

بارك الله فيكم على كل ما تقدمونه، وجعله في موازين أعمالكم.

أخي عمره 16 سنة, ويدرس في الصف الأول ثانوي , متفوق في دراسته, لديه أصدقاء محدودون، وهو كثير الجلوس في البيت, أغلب وقته يلعب على البلاي ستيشن ألعاب حرب, ويتواصل مع أصدقائه بالنت عن طريق اللعبة، يحب أن يلعب كرة القدم يوميا في ساحة منزلنا ولكن بمفرده، وهو -ما شاء الله- محترف في الكرة ومهاراته عالية فيها.

مشكلته يا دكتور التأتأة، فهو يعاني من تأتأة شديدة بسببها لا يستطيع التكلم معنا ولا مع أصدقائه بسبب تأتأته، بداية الجملة تصعب عليه جدا، وبعدها يستطيع أن يكمل, لكن البداية جدا تصعب عليه لدرجة أصبح يفضل الصمت بدل المشاركة معنا في الحديث، يخجل جدا من عدم استطاعته التكلم فيصمت ولا يتكلم معنا.

وهو يعاني من هذه الحالة منذ أن كان عمره 12 سنة، لكن كانت جدا خفيفة، أما الآن فقد زادت، سألته مرة متى بدأت بالضبط؟ فقال لي : أن أول مرة بدأ يتأتأ من بعد أن خاف من موقف أخافه فيه أصدقاؤه, أخافوه بمزح لكن هو تأثر، لكني أعتقد أنها وراثة، لأنني أنا أيضا أتأتأ ولكن بصورة أخف، وليس مثل أخي.

عندما يبدأ في التكلم لا يستطيع إخراج الكلمة، لدرجة أنه يشد نفسه وفمه يميل ولا تخرج، نحن نصبر عليه وننتظره حتى ينهي جملته, عندما أكلمه بالهاتف لا يقدر على الرد أو السؤال، لا أعلم ما سبب تأتأته! هل هي بسبب الرعب الذي انتابه من موقف أصدقائه؟ أم هي وراثة؟

كما أخبرتك أنني أيضا أتأتئ، ولكن هذه الحالة تأتيني خفيفة ونادرة، فأكثر الحروف التي تصعب علي ( أ, ع, هـ, و، ر, ق ) لكن أخي دائما يتأئ وحالته صعبة، فهو لا يريد أن يشارك بالفصل رغم أنه يعلم الجواب، ونحن لا نحسسه بهذا الشيء ونتعامل معه طبيعيا.

المشكلة الأخرى أن أخي الثاني أخبرني أن الطلاب في المدرسة يضحكون عليه، ويرددون تأتأته باستهزاء مثلا (أأأأأأأأأأأأ) لاحظت أن الكلمات التي تبدأ بحرف ( ح, أ, و, غ, ق, ر, م, ت, ي, د, هـ ) أكثر الكلمات تصعب عليه, ولا يحب أن يتكلم بالهاتف لأنه يصعب عليه أكثر وأكثر.

أحبه كثيرا وأحزن عليه، ولا أستطيع مساعدته ولا مساعدة نفسي، حيث إني دائما أخبره أنني مثله، وأننا سوف نتغلب سويا على التأتأة، هو جدا حبوب وقلبه أبيض، ولا يكره أحدا ولا يغضب من أحد، مسالم جدا وخجول جدا جدا.

الآن أنا أقنعت والدي أن آخذه لأخصائي يتخاطب معه، وأتمنى نصيحتكم، هل أذهب به لأخصائي تخاطب أم دكتور نفساني؟ لأني أعتقد أن من أسباب تأتأته ضعف شخصيته، فبماذا تنصحوني؟ هل ترون أن حالته تحتاج لأخصائي وجلسات علاج؟ أم أني أستطيع مساعدته ومعالجته عن طريقكم من دون جلسات مباشرة؟ كأن تصفوا لي وله العلاج المناسب والجرعة المحددة، وأنا -بإذن الله- سوف أهتم بعلاجه عن طريق نصحكم وإرشادكم لي، وهل حالتي أنا أيضا تحتاج لعلاج؟

وإذا كانت حالته تلزم أدوية فهل لها مضاعفات أو أي خطورة على أخي؟ وهل تزيد من الوزن؟

أتمنى مساعدتي .. وجزاكم الله خيرا على كل ما تقومون به من مساعدة الناس، وجعله الله في موازين أعمالكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم أيوب حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فنشكرك على اهتمامك بأمر أخيك، ونسأل الله له ولك العافية، وأن يحل هذه العقدة من لسانه وكذلك من لسانك.

هذا الابن -حفظه الله- يحمل مميزات إيجابية كثيرة، نسأل الله تعالى أن يزيده قدرة ومهارات وفهما، وبالنسبة لموضوع التأتأة بدأت لديه في سن الثانية عشرة، وهذا يدل على أنها تأتأة مكتسبة، كما تفضلت وذكرت ربما تكون بداياتها من الموقف الذي حدث له، فقد يكون قد مر بظرف كان فيه شيء من الترهيب والتخويف له، ويعرف تماما أن التأتأة -خاصة لدى الأولاد- تكون مقترنة اقترانا وثيقا بالقلق والمخاوف.

هذه الحالات ليست صعبة العلاج، والمطلوب هو أن لا نحسسه بأنه ناقص أو أنه يعاني من إعاقة، فهي ليست إعاقة حقيقية، وغالبا ما تكون عارضة وعابرة، وتنتهي إن شاء الله تعالى.

العوامل الوراثية قد تلعب دورا في التأتأة، ولكنها ليست الوراثة المباشرة، إنما مجرد الاستعداد هو الذي يورث، وطرق العلاج أنا أنصح فعلا أن تذهبوا بهذا الابن – حفظه الله – إلى الطبيب النفسي، وكذلك أخصائي التخاطب، وشيء جميل أن والدك – جزاه الله خيرا – قد قبل بأن يعرض على المختصين.

يجب أن نخطره أن حالته بسيطة، وأن الذهاب إلى المختصين لا يعني أبدا أنه يعاني من علة رئيسية، وإنما لمجرد الاستشارة والاسترشاد، وتوجيه بعض النصائح له، ومن جانبي أقول لك: إنه توجد أدوية تساعد في إزالة القلق والمخاوف، وهذه تساعد بنسبة أربعين إلى خمسين بالمائة في إزالة التأتأة، وهذه تعتبر نسبة عالية في مثل هذه الحالات، وأخصائي التخاطب أيضا يعلب دورا يتمثل في نسبة عشرين إلى خمسة وعشرين بالمائة، ويا حبذا أيضا لو ذهب إلى إمام المسجد أو أحد مراكز التحفيظ ليشارك في حلقات التلاوة ويتدرب على مخارج الحروف، هذه أيضا وجدت ذات فائدة كبيرة.

إذن الأخذ بهذه الآليات العلاجية سوف تنتج عنه إن شاء الله تعالى أخبار سعيدة وطيبة لأخيك هذا، وكذلك لك، وخطة العلاج عامة تتمثل في:

1) يجب أن لا يجلس لفترات طويلة على الإنترنت أو اللعب على البلاستيشن، فهو يلجأ للتجنب من خلال هذه الممارسة، ويعرف أن التجنب والابتعاد عن مصدر الخوف دائما يؤدي إلى إعاقة أكبر.

2) إدمان البلاستيشن والألعاب الالكترونية الآن أثبت إثباتا قاطعا بأن لها مضار كثيرة جدا.

3) أما بالنسبة لممارسته لكرة القدم فهذا شيء جيد، ويا حبذا لو أتيحت له الفرصة بأن يلعب مع زملائه، لأن التفاعل الاجتماعي من خلال هذه الألعاب الجماعية يساعده كثيرا في إزالة الخوف والثقة في نفسه وتطوير مهاراته الاجتماعية مما يساعد على مقدرته في التخاطب السليم، ودون تلعثم أو تأتأة.

4) الأخصائي النفسي سوف يقوم بتدريبه على تمارين الاسترخاء، وهذه ذات قيمة علاجية كبيرة.

وكما ذكرت لك سوف يتم إعطاؤه الأدوية التي تزيل الخوف و التوتر، وهذه أيضا ذات فائدة كبيرة جدا، وفي نفس الوقت سيكون محتاجا لتمارين نطق، وذلك من خلال ما يقدمه له أخصائي التخاطب.

5) من أهم الأشياء التي يجب أن يتعلمها أن لا يراقب نفسه عندما يتكلم، هذا شيء مهم جدا، التركيز على طريقة النطق هو من أكبر الأسباب التي تؤدي إلى التلعثم.

6) ويجب أن يتدرب أيضا على أن يتكلم ببطء وبصوت مرتفع، كما ويمكن أن يقوم بقراءة مواضيع معينة، وبعد أن يجيدها، بعد ذلك يرتجل نفس الموضوع ويقوم بتسجيله على المسجل، ثم بعد ذلك يقوم بالاستماع إلى الشريط، وسوف يجد أن أداءه أفضل مما كان يتصور.

فأرجو أن يأخذ بهذه النصائح، وأنا متفائل جدا أن هذا الابن -إن شاء الله تعالى- سوف تتحسن أحواله تماما، خاصة إذا أعطيناه الفرصة ليبني شخصيته وذلك من خلال أن نجعله مشاركا حقيقيا وفعالا في شؤون الأسرة، لأن في ذلك تطويرا كبيرا جدا لمهاراته.

بارك الله فيكم وجزاكم الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات