السؤال
السلام عليكم ..
أستاذي الفاضل: منذ سنوات لاحظت أنني أصبحت عصبيا بشكل مفزع, وأشعر بشيء يضايقني من الداخل من أي حد يكرر أمامي الكلام في أي موضوع, وصوتي يعلو بشكل عال جدا, ولا يوجد عندي صبر مع الموظفين الذين عندي, يعلو صوتي دائما عليهم ولا أستطيع التحكم في نفسي, وممكن أن يكون على موضوع تافه جدا بعد أن أهدأ أنزعج لأن الموضوع لا يستدعي كل هذا الغضب, وهذا يحدث مع أهلي.
فأرجو منكم وسيلة لكي أبعد عن هذه العادة التي تؤرق على حياتي.
إنني أعامل الموظفين بطيبة ولكن دائما أقابل منهم بشيء غير مضبوط, والسبب الغالب في بعد الناس عني هي العصبية والصوت العالي عليهم, فهم يعتبرونه إهانة لهم وأنا متفق معهم.
أرجو إفادتي عن كيفية التعامل مع موظفي.
ولكم جزيل الشكر.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ شريف حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإن فورات الغضب والعصبية والتوتر وعدم التحكم في المشاعر في بعض المواقف الاجتماعية قد يكون سببه احتقانات نفسية أدت إلى قلق داخلي، وكما يعرف أن النفس لها محابس، وحين تحتقن لا تتحمل هذه المحابس مما ينتج عنه التفريغ الخاطئ، وهذا التفريغ الخاطئ يكون في شكل عصبية وتوتر.
يجب أن تبحث عن سبب، هل هنالك سبب وراء هذه العصبية؟ هل هنالك تغير في نمط حياتك؟ لماذا يحدث لك هذا وبشدة في هذه الأيام؟ ..
أنت ذكرت أنك من سنوات تعاني من هذه العصبية، ربما يكون ذلك مرتبطا أصلا بشخصيتك، لكن في مثل عمرك إذا لم يوجد سبب لهذه العصبية والتوتر فأنا أعتقد أن الاكتئاب المقنع، وأقصد به الاكتئاب الذي لا يظهر في شكل كدر أو شعور بالكرب والسوداوية، إنما قد يظهر في شكل انفعالات سلبية مثل الذي تعاني منه، فإن لم يوجد سبب مباشر لهذه الانفعالات فأنا أيضا أرى أن الأمر ربما يكون وراءه شيء من الاكتئاب الخفي، وهذا سوف يعالج إن شاء الله تعالى، يجب أن لا يسبب لك هذا هاجسا، ربما يكون من المستحسن ومن الأفضل أن تذهب وتقابل الطبيب النفسي، هذا هو الذي أفضله، وإن لم تستطع ذلك فأقول لك:
أرجو أن تقوم بعمل فحوصات طبية عامة للتأكد من مستوى السكر، الدهنيات، وظائف الكبد ووظائف الكلى، ووظيفة الغدة الدرقية على وجه الخصوص مهمة، لأن زيادة إفراز هذه الغدة قد يؤدي إلى توتر وعصبية فوق ما هو مطلوب، وإن وجد أي اضطراب فهذا علاجه سهل جدا.
ثانيا: أريدك أن تضع نفسك في مكان الأشخاص الذين تنفعل في وجودهم، ضع نفسك في موقفهم، وبالطبع لن يكون هذا الأمر مقبولا بالنسبة لك، ومن المنطق أن نقول أنه ما لا يقبله الإنسان لنفسه يجب أن لا يقبله للآخرين.
ثالثا: أرجو أن تلجأ لما يسمى بالتفريغ النفسي، ونقصد به الاجتماعي -عن ذاتك أولا بأول، لا تحتقن أبدا، كل ما يجول في خاطرك أمور مقبولة أو حتى غير مقبولة بالنسبة لك عبر عن نفسك في حدود الذوق وما هو مقبول، وهذا نوع من التفريغ النفسي الممتاز جدا، هنا نقول وضعنا محابس النفس في حالة استرخاء والتفريغ الإيجابي.
رابعا: عليك بممارسة الرياضة، رياضة المشي ممتازة ومفيدة جدا.
خامسا: هنالك تمارين تعرف بتمارين الاسترخاء، أرجو أن تتدرب عليها، فهي مفيدة جدا، ويمكنك أن تتصفح أحد المواقع على الإنترنت أو تتحصل على كتيب أو شريط التي توضح كيفية ممارسة هذه التمارين.
سادسا: عليك بحسن إدارة الوقت، يجب أن تأخذ قسطا كافيا من الراحة، وكما ذكرنا لك فإن الرياضة مهمة فيجب أن تأخذ حيزا من وقتك، والعمل يجب أن لا تحمل إليه هموم البيت ولا تحمل هموم العمل إلى البيت بقدر المستطاع.
ويجب أن تروح عن نفسك بما هو مشروع ومتاح، وعليك بالتواصل الاجتماعي - فيه خير كثير جدا للإنسان – وكن متفائلا، وانظر للمستقبل بأمل ورجاء.
بر الوالدين تشير دراسات كثيرة أنه يمتص العصبية من الإنسان، ويجعل اللين والإحسان دائما هو منهج الإنسان في التعامل مع الآخرين، وأنت إن شاء الله تعالى أدرى بذلك تماما.
الشيء الأخير في الخطة العلاجية إذا لم تستطع الذهاب إلى الطبيب النفسي فأقول لك يمكنك أن تتناول أحد الأدوية المزيلة للعصبية والتوتر والمحسنة للمزاج، وأنا أرى أن عقار مودابكس – هذا اسمه التجاري في مصر – والذي يسمى علميا باسم (سيرترالين) سيكون دواء مناسبا جدا لحالتك، ابدأ في تناوله بجرعة حبة واحدة، تناولها ليلا، وقوة الحبة هي خمسين مليجراما، استمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم اجعلها حبة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.
هنالك دواء آخر مساعد يعرف تجاريا باسم (فلوناكسول) واسمه العلمي هو (فلوبنتكسول) يمكنك أيضا أن تستعمله كدواء داعم، والجرعة هي حبة واحدة (نصف مليجراما) تناولها صباحا لمدة شهرين، ثم توقف عن تناول الدواء.
ولمزيد من الفائدة عليك بهذه الاستشارات لمعرفة علاج الغضب والعصبية سلوكيا (276143 - 268830 - 226699 - 268701)
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.