السؤال
أنا متزوج، ولدي ثلاثة أطفال، ومتزوج منذ 9 سنوات ولله الحمد، وأعيش في حياة سعيدة ولله الحمد، ولكن ينغص علي هذه الأيام موضوع أرجو أن تفيدوني فيه، وهو أن الوالدين حفظهما الله رغبا في بناء مسكن للعائلة جميعا حيث أن لكل شخص شقة مستقلة، وفي بداية الأمر أحرجت أن أقول لهما لا أرغب خوفا من غضبهما واستمر بناء المنزل العائلي إلى أن أتى وقت الدهان، وقتها رغبت في تأجير شقتي وقررت إبلاغهما وحين أبلغتهما غضب أخي ووالدتي، وعارضا فكرة تأجيرها لأحد غريب، وطالبوني بالسكن وعدم الرضوخ لرغبات زوجتي حيث أن زوجتي لا ترغب في السكن الجماعي العائلي، وذلك لخصوصية حياتنا طبعا، ووالله أني أخاف من الله عز وجل أن يغضب أهلي علي، وبالذات والداي.
أنا الآن في حيرة من أمري، هل أنسحب من الموضوع كاملا؟ مع العلم أن هذا سيسبب لأهلي مشكلة مالية حيث أنني أقسط شهريا 1000 ريال، أم أرضخ لمطالب والدتي، وأوافق على السكن، وفي تلك الحالة ستغضب زوجتي، وهي الآن تقول لن أسكن مع أهلك مهما كانت الأسباب؟
أرجوكم أفيدوني، فأنا والله في حيرة من أمري، زوجتي في بعض الجوانب معها حق، وأهلي أيضا كذلك، وأنا لا أريد أن يغضب علي والداي، ولا أن تحصل مشاكل بيني وبين زوجتي ...
أسأل الله أن يفرج همي، وهم كل مهموم، وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو نواف حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فمرحبا بك أيها الأخ الحبيب في استشارات إسلام ويب.
نشكر لك اهتمامك برعاية الحقوق لكل طرف، وحرصك على بر والديك، ونسأل الله تعالى أن ييسر لك الإحسان إليهما والبر بهما، وكذلك نسأله سبحانه وتعالى أن يديم الألفة والمحبة بينك وبين زوجتك، ويجمعكما على قول صواب في هذه المسألة.
لا شك أيها الحبيب أن من حقوق الزوجة عليك أن توفر لها سكنا مستقلا، والمقصود بالاستقلال أن تكون مستقلة بالمرافق التي تحتاجها في البيت كالمطبخ والحمام ومكان تجفيف الثياب ونحو ذلك، بحيث لا يشاركها أحد في البيت، فهذا من حقوقها لما تعرفه أنت من حاجة المرأة إلى حفاظها على خصوصياتها، وهي عندما تهرب من السكن مع أهلك تخشى على نفسها من حدوث بعض المشكلات الأسرية، وهي قد تكون مصيبة في ذلك.
ولكن ينبغي لك أيها الحبيب أن تزيل عنها هذه المخاوف وتهون الأمر في عينها، وأنها ستبقى أيضا محفوظة الخصائص والخصوصيات، وأن أحدا لن يشاركها في هذه الأمور، وأنك أيضا تتفهم وتتعقل طبيعة العلاقة مع باقي الأهل، وبهذا النوع من الطرح والإقناع لزوجتك نأمل أن تتفهم هي وضعك.
ونحن نصيحتنا لك أن لا تغضب والديك بحال من الأحوال، فإن سكنك معهما في هذا البيت مع كونه مراعيا لحقوق الزوجة أمر سهل يسير لا يستحق أن تغضبهما من أجله، لكن إن رأيت أن زوجتك مصرة على عدم السكن في المسكن الجديد، ورأيت إصرارا من والديك فجرب إن كانت فيك سعة أن تمنحهما إيجار هذه الشقة ليتصرفا هما فيها كيفما يشاءان إلى أجل بأن يسكنا فيها من شاءا أو يؤجرانها أو نحو ذلك، ونظن أيضا أن في هذا إرضاء لهما.
نحن على ثقة أيها الحبيب أنك إن بذلت وسعك من التلطف والترفق بوالديك وإظهار حبك لهما وحرصك على طاعتهما أنهما سيرضيان عنك، وستخرج بإذن الله تعالى من هذا المضيق سالما موفرا وحبك لجميع الأطراف، لزوجتك من جهة ولوالديك من جهة أخرى.
ولعل في هذا الأسلوب الأخير ما يقنع الوالدين ويرضيهما عنك إذا وهبتهما أنت منفعة هذه الشقة ما دمت لا تريد السكن فيها، وسيخلف الله عز وجل عليك ما تنفقه من أقساط فيها وستنتفع فيها يوما ما.
نحن نؤكد لك ثانية أيها الحبيب أنه لا ينبغي لك أن تغضب والديك، بل حاول أن ترضيهما بقدر طاقتك، وزوجتك إذا وضعتها أمام الأمر الواقع على افتراض أنك لا تقدر على أن تدفع أقساط هذه الشقة دون أن تسكن فيها، زوجتك في ظننا ستقف أمام الأمر الواقع إذا رأتك مصرا على أن تسكن في هذه الشقة، مع وصيتنا لك بضرورة الإحسان إليها بقدر الاستطاعة، وتأمينها وإزالة المخاوف من نفسها، وأنها لن تجد ما ينغص عليها حياتها، وبهذا إن شاء الله ستخرج من هذه المشكلة بأوفق الحلول.
نسأل الله تعالى أن ييسر لك الأمر كله، وأن ييسر لك فعل الخير حيث كان.