زوجي شكاك ... هل يمكن الاستمرار معه؟

0 712

السؤال

أنا متزوجة منذ 4 سنوات, ومن أول شهر لاحظت أن زوجي يشك بي, مع أنني إنسانة متدينة, وأخاف الله, طلب مني أن أترك عملي بحجة أنني أتأخر في العمل, مع العلم أن عملي مع نساء فقط, وافقت على طلبه؛ لكي أعيش بهدوء مع طفلي, لكن لم يتغير شيء, زوجي عصبي جدا, ويعتقد أن جميع الناس يتآمرون عليه, ولا يثق بأحد من الناس, ليس لديه أصدقاء, ويعتقد أنني أخبر الناس عن أسراره-وأنا لا أفعل ذلك- وأنني أخونه مع جارنا, مع العلم أننا لم نحتك بجيراننا, وأنني أعاشر جارنا معاشرة الأزواج, يفتش حقيبتي, ويفتش هاتفي, وعندما ألبس وأتجمل يقول لماذا تفعلين ذلك؟
هل لديك موعد غرامي مع عشيقك؟ ويأتي من العمل مبكرا حتى يرى هل عندي أحد بالمنزل؟ويقوم باستجوابي حتى أنه ركب أجهزة تنصت بالمنزل, حتى يتأكد من أنني لا أخونه, وهو يعرف أنني لا أفعل ذلك.

لماذا هذا الشك؟ أحيانا يضربني حتى أنني أقول: إنه سيوف يقتلني, وأحيانا أحس أنه رجل حنون, ويعتذر مني على ما فعله بي, يفعل حركات غريبة, يبكي بحرقة, ويقول: لقد خنتني وسوف أسامحك, لكن اعترفي بأنك على علاقة مع رجل آخر, يحب الوحدة, والانعزال عن الناس, يفكر كثيرا, يدخن كثيرا, لا يحب العلاقات الاجتماعية, هل هذا مرض ؟
وهل له علاج؟
وهل يمكن الاستمرار مع رجل بهذا الشك؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فلا شك أن رسالتك مهمة؛ لأنها تعرضت لأمور حساسة تتعلق بالعلاقة بين الأزواج، ونحن تقتضي الأمانة أن نكون منصفين وناصحين لك؛ فالإنصاف يتطلب أن لا نحكم على هذا الرجل قبل أن نقوم بفحصه، ولكن هذا غير متوفر بالطبع، وهذا لا يعني أبدا أننا لم نصدق ما ذكرته، الكلام واضح, ويستحق منا الاهتمام، وأنا أعرف أنك قد ذكرت كلامك بكل مصداقية وموضوعية، لكن الأصول المهنية الطبية الصحيحة تتطلب أن يتم فحص هذا الرجل، وإن كنت أعرف أن ذلك بالنسبة لنا مستحيل بالطبع، فلا يمكن أن يتواصل معنا، وفي ذات الوقت هؤلاء الذين يعانون من هذا النوع من العلل النفسية يبتعدون تماما عن مرافق العلاج؛ لأنه في الأصل لا يعترف بأنه يعاني من علة.

بناء على ما ذكر في رسالتك هذا الرجل يعاني، وهذا المرض معروف, يسمى بالغيرة المرضية البارونية السلوكية، بمعنى أن الرجل به علة، وهذه العلة, وحسب ما ورد في رسالتك – ويجب أن أركز على ذلك – أن الشروط والمعايير التشخيصية مكتملة تماما، وصل به الظنان لمراحل بعيدة، والشك بأنك تعاشرين الجار، وتفتيش الحقائب، هذه هي قمة ما يسمى بعلة (أوسولو) - نسبة للرجل الذي وصف هذه الحالة – وهي معروفة بالغيرة المرضية، وهي حالة ظنانية بارونية.
أنا لا أريد أبدا أن أخيفك، ولكن الأمر يتطلب التصرف، يتطلب العلاج، هذا الرجل لابد أن يعالج، أعرف أن هنالك صعوبات كثيرة، لكن بشيء من الحوار اللطيف, ودون أن تشعريه بأنك تتهمينه بالمرض قولي له (أنا ألاحظ أنك تعاني من شيء من الاكتئاب النفسي، لماذا لا تذهب إلى الطبيب، وتقوم بالفحص) ربما لا يقبل أن يذهب إلى الطبيب النفسي، لكن إذا قبل الذهاب إلى مقابلة الطبيب الباطني فيمكنك أن تخبري الطبيب الباطني بما يبدر منه من تصرفات، وقولي للطبيب أنك قد تواصلت معنا, وهذه هي وجهة نظرنا، هذه الحالة مشخصة ومعروفة، ويمكن أن تعالج هذه الحالات بنسبة ستين إلى سبعين بالمائة، ومعظم الذين يعانون من هذه الحالات بعد أن يتم إقناعهم بوسيلة ما بتناول الدواء تجدهم يستبصرون ويتفاعلون إيجابيا مع أطبائهم، خاصة إذا كان الطبيب طبيبا متمكنا, وصبورا, ولديه القدرة على التواصل المهني مع الناس، بعد ذلك يمكن للمريض أن يقتنع تماما أنه فعلا في حاجة إلى العلاج، وهكذا يتم ما نسميه بالتحافل العلاجي ما بين المريض وطبيبه، وهنا تكون قد أنقذت أسرة -بإذن الله تعالى-.

إذن العلاج مهم، العلاج مطلوب، هنالك عدة وسائل كما ذكرت لك، أفضلها هو الحوار اللطيف حين يكون مزاجه طيبا، دون أن نرميه بأنه يعاني من غيرة مرضية, أو شيء من هذا القبيل.

الأمر الآخر هو: إذا كان لديك أحد من إخوتك, أو من إخوته, أو شخص يثق هو فيه فيطلع على أفكار زوجك وسلوكه، على أن يتم هذا الموضوع في خصوصية تامة دون أي حرج لأحد، هذه أيضا قد تكون وسيلة.

خلاصة الأمر: أنا لا أريد أن أخيفك، لكن لابد لهذا الرجل أن يعالج.

وسؤالك هل يمكن الاستمرار مع رجل بهذا الشك؟ .. الإجابة المنصفة بعد أن يتم فصحه تكون الإجابة -إن شاء الله تعالى-.

في الوقت الحاضر: لا تنزعجي، لا تدخلي معه في نقاشات حادة، تجنبي هذا بقدر المستطاع، وأرجو أن تسعي في علاجه، وأنا أؤكد لك أن هذه الحالة تعالج وبصورة ممتازة جدا خاصة مع الأدوية الفاعلة الموجودة في الوقت الحاضر، وعليك بالدعاء له، وأرجو أن تتخذي خطوات إيجابية دون انفعال أو انزعاج.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات