ضيق النفس والتوتر وشد الرقبة؛ التشخيص والعلاج

0 1203

السؤال

السلام عليكم

بداية: أود أن أشكركم على جهودكم.

أنا شاب عمري 27 سنة, أعمل في مجال الكمبيوتر, كنت أعاني منذ فترة طويلة -5 سنوات تقريبا- من أعراض غريبة, تتمثل بضيق في النفس, وخوف, وتوتر, وكانت تأتي هذه الحالة بشكل متقطع, بمعدل مرة أو مرتين سنويا, لكن في آخر ستة أشهر اختلفت الأمور, وأصبحت هذه الحالة تأتيني بشكل مستمر؛ بحيث إنني بدأت بالشعور بغازات, وعدم الراحة في أعلى يمين المعدة, وراجعت الطبيب, وقال: إنني أعاني من غازات, وبداية تقرح بالمعدة؛ فأعطاني العلاج الثلاثي.

تحسنت حالتي -والحمد لله- لكن الشعور بالضغط النفسي, والتوتر بقي موجودا حتى أنني قد تبرعت بوحدة دم, ظنا مني أن قوة دمي عالية, وكانت 16, علما بأنني مدخن, ولكني أصبت بحالة تتمثل بشد في الرقبة, وتحت اللسان, وجفاف بالحلق, وخوف, وشعور بالغثيان, وارتعاش؛ فراجعت طبيب الباطنية, فأفادني بالقولون العصبي, وتأثير الحالة النفسية عليه, وصرف لي دواء ديسبتلين, وفلاتام؛ فتحسنت حالتي ليومين, لكنها تكررت مرة أخرى.

لم أقتنع بما قاله الطبيب فذهبت إلى طبيب باطني آخر, وأجرى لي فحوصات في الدم والبول والدهون وتخطيط قلب وصورة الترا ساوند للكلى والطحال والكبد, فكانت سليمة -ولله الحمد- فقال لي: إن المشكلة هي نفسية, وصرف لي دواء nervelax وفيتامينات b12 على شكل أقراص فتحسنت قليلا, ولكن من أسبوعين عادت نفس الأعراض, وزيادة عليها نغزات في جسمي في اليدين, خصوصا اليسرى, والقدمين, والرقبة, وآلام متقطعة في الرأس, والرقبة, وشعور بالضيق, والخوف من المرض, وآلام في منطقة الكوع, والركبة, خاصة في الجهة اليسرى, وتقلبات في النوم, ولا أعلم ما الذي أعاني منه, هل هي أعراض نفسية أم جسدية؟ فقد ذهبت إلى عيادات باطنية وأعصاب وعيادات عامة حتى أنني صرت أشك بأمراض القلب.

أرجوكم أفيدوني، بارك الله فيكم.

جزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Hussam حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإن المكون النفسي واضح جدا في هذه الأعراض التي أزعجتك, وسببت لك الكثير من الضيق وعدم الارتياح, هنالك حالات طبية نفسية تسمى بالحالات النفسوجسدية، ويقصد بها أنه توجد أعراض جسدية كثيرة, ولكن سببها في الأصل سبب نفسي, وليس عضويا، أي لا توجد علة رئيسية في الجسد، لكن قد يكون هنالك قلق, أو اكتئاب بسيط من النوع المخفي والمقنع، ويؤدي إلى هذه الأعراض, خاصة الغثيان, والارتعاش, والآلام الجسدية المختلفة، حتى أن هنالك أحد كبار أساتذة الطب قال: إنه عرض عليه مريض يشتكي من خمس وثلاثين عرضا جسديا, واتضح في نهاية الأمر أنه فقط كان يعاني من قلق نفسي, واكتئاب بسيط، فالعلاقة موجودة, خاصة أعراض الجهاز الهضمي والآلام كما ذكرنا.

فأرجو أن لا تنزعج أبدا، وأقول لك: إن هذه ظاهرة, ولا تعني مرضا حقيقيا, وإن كانت مزعجة.

أولا: أريدك أن تمارس الرياضة، فالرياضة ذات قيمة علاجية كبيرة جدا؛ فهي تقوي النفوس، تزيل القلق، تؤدي إلى استرخاء عضلي وذهني، وهذا يساعد الإنسان كثيرا في تطوير صحته النفسية, وكذلك الجسدية.

ثانيا: تجنب الإكثار من زيارة الأطباء؛ لأن التردد على الأطباء كثيرا ما يؤدي إلى بعض التوهمات المرضية، حيث إن آراء الأطباء قد تختلف, والتفسيرات تكون متباينة في بعض الأحيان، فأنا أنصحك أن لا تكثر من التردد على الأطباء, وبالطبع إن الأمر الصحيح والأمر المقبول هو أن يذهب الإنسان إلى طبيب الأسرة مثلا مرة كل ثلاثة أو أربعة شهور لإجراء فحص عام، وهذا أمر جيد ومقبول، لكن التردد على الأطباء المختلفين لكل شكوى هذا لا نعتبره جيدا من الناحية النفسية والسلوكية.

ثالثا: التفكير الإيجابي, واستغلال الوقت بصورة جيدة يصرف انتباه الإنسان كثيرا من مثل هذه الأعراض، والإنسان الذي يجتهد ويعمل, ويوزع وقته توزيعا صحيحا يجد نفسه قد أنجز، وهذا الإنجاز يجعله يحس بالرضا، والشعور بالرضا هو من أكبر الوسائل وأفضلها لهزيمة الأعراض النفسية, وكذلك الجسدية في بعض الأحيان.

رابعا: أنا أريدك أن تتناول أدوية بسيطة جدا، وأعتقد أنها مفيدة لك، أدوية -إن شاء الله تعالى- تزيل القلق, وتحسن مزاجك، وهذا سوف ينتهي بك إلى شعور كبير بالراحة, وذهاب الخوف والقلق، وأنا لا أعتقد أبدا أن لديك مرضا في القلب، كل الذي بك أعراض نفسوجسدية كما ذكرت لك.

أفضل دواء يفيدك -إن شاء الله تعالى- عقار يعرف تجاريا باسم (لسترال), ويعرف تجاريا أيضا باسم (زولفت), ويعرف علميا باسم (سيرترالين), يمكنك أن تبدأ في تناوله بجرعة نصف حبة – خمسة وعشرين مليجراما - تناولها ليلا بعد الأكل لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعلها حبة كاملة ليلا، استمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم اجعلها نصف حبة ليلا لمدة شهر، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.

أما الدواء الآخر فيعرف تجاريا باسم (دوجماتيل), واسمه العلمي هو (سلبرايد), هذا دواء إضافي ومساعد لإزالة الأعراض بشكل جيد جدا, جرعة الدوجماتيل هي خمسون مليجراما صباحا ومساء لمدة شهر، ثم خمسون مليجراما في الصباح لمدة شهر آخر، ثم يمكنك أن تتوقف عن تناوله.

هذه الأدوية سليمة, غير إدمانية، وفي ذات الوقت -إن شاء الله تعالى- سوف تفيدك كثيرا, خاصة إذا التزمت بتناول جرعة الدواء في وقتها، وهذا هو الذي أتوقعه منك، ويجب أيضا أن تكمل مدة العلاج، وأذكرك بأمرين: أن لا تتردد كثيرا على الأطباء، وأن تكون إيجابيا في تفكيرك ومديرا وقتك حتى تستطيع أن تدير حياتك بصورة أفضل.

وانظر العلاج السلوكي للقلق: (261371 - 264992 - 265121) والعلاج السلوكي للمخاوف: (262026 - 262698 - 263579 - 265121).

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية, والتوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات