السؤال
لدي مشكلة لها قرابة العام، وهي الرجفة والرعشة، فعندما أتكلم بين مجموعة من الناس -حتى لو كانوا أصدقائي- أشعر بالرجفة والرعشة والتلعثم، مع أنها لم تكن عندي قبل ذلك.
أعلم أنك ستخبرني بأن هذا أمر طبيعي، لكنه بالنسبة لي غير طبيعي؛ لأن هذه المشكلة أتت عندي منذ فترة قصيرة, ولم تكن موجودة، من الممكن أن أشعر بالرعشة أمام أناس لا أعرفهم, أو أنهم أعلى منصبا مني, لكن بين أصدقائي والأشخاص المعتاد عليهم كيف يكون أمرا طبيعيا وهي لم تكن عندي بالأصل؟!
ذهبت قبل ستة أشهر ونصف إلى طبيب مخ وأعصاب لعلاج المشكلة، وقال لي: إن هذا بسبب السن الذي تمر به، وهذا كثير ما يحدث لمن هم في نفس سنك، وأعطاني أدوية هي: Relaxine حبتين يوميا, و Deraline حبة يوميا لمدة شهر.
ثم بعد انتهاء الشهر أعطاني Deraline فقط حبة واحدة لمدة شهر ، ثم بعد انتهاء الشهر الثاني أعطاني Deraline حبة واحدة يوميا، ودواء آخر لمدة شهر مضادا للاكتئاب والقلق 5mg يوميا قبل النوم، ثم بعد انتهاء ثلاثة شهور قال لي: أنت لست بحاجة إلى أدوية أو علاجات، وهذا أمر نفسي، ونصحني بالنوم المبكر، وعدم السهر، والتخفيف من شرب الشاي والقهوة وغيرها... هذه هي رحلة العلاج الفاشلة مع الرجة والرعشة!
جميع تلك الأدوية أصلا كانت مهدئات عصبية, وليست علاجا؛ لذلك لا أظن أن الأدوية هي حل لي، كما أن تلك الأدوية قد أثرت على ذهني بشكل ملحوظ، أريد حلا جذريا لهذه المشكلة.
عندما أمارس الرياضة -وهذا الأمر من قرابة عام أو أقل بقليل- أشعر برعشة ورجة في معظم أنحاء جسمي أثناء التمارين، وأشعر بأن كهرباء تسري في جسدي.
من يومين وأنا أشعر بكهرباء خفيفة في وجهي عند الاستيقاظ، فما الحل؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ 3abed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فلن أقول لك أن الذي تعاني منه هو أمر طبيعي، هذا ليس طبيعيا بالطبع، هنالك رعشة، وهنالك تلعثم، وهنالك شعور بالقلق، فأنت تعاني من علة نسميها بالقلق الظرفي، والقلق الظرفي يقصد به نوع من المخاوف التي تأتي للإنسان عند المواجهات، وأحيانا دون مواجهة، والسبب في ذلك أنه غالبا يكون لديك الاستعداد أصلا للقلق والتوتر، وهذا لا يعتبر مرضا, إنما هي سمة وظاهرة نشاهدها لدى كثير من الناس الذين في مثل عمرك، وأعتقد أن الطبيب الذي نصحك بالنوم المبكر, وممارسة الرياضة, والتقليل من شرب الشاي والقهوة قد أصاب، وأنا أود أن أضيف إلى ذلك أن تتدرب على تمارين الاسترخاء؛ فهي ذات فائدة وقيمة عظيمة جدا، يمكنك أن تتصفح أحد مواقع الإنترنت التي توضح كيفية ممارسة تمارين الاسترخاء، وأنا أؤكد لك أنها ذات فائدة عظيمة جدا، وأسأل الله تعالى أن ينفعك به.
أحد الحلول التي لابد أن تطبقها هي: أن تكون إيجابيا في تفكيرك، وأن تتجاهل هذه الأعراض، وأن يكون لك حضور اجتماعي، وذلك من خلال الرياضة الجماعية كما ذكرنا، ومشاركة الناس في مناسباتهم الاجتماعية، وأن تكون لك مجموعة من الأصدقاء الذين تثق فيهم، وأن تنخرط في أي نشاط اجتماعي أو خيري أو ثقافي، فهذا كله -إن شاء الله تعالى- يصرف ذهنك تماما عن هذا التفكير القلقي.
أنت تبلغ الآن من العمر ثمانية عشر عاما، وأنا أتوقع أنك في ظرف عام أو عامين سوف تبدأ لديك دورة نفسية جديدة ومختلفة، ويكون فيها -إن شاء الله- الكثير من الفكر الإيجابي، والكثير من التوجه الجيد في الحياة، والشعور بقيمة الذات, وفهم الذات، وهذا سيساعدك كثيرا على تطوير ذاتك.
العلاج الدوائي لا يعتبر أمرا أساسيا في حالتك، الذي ذكرناه هو الذي سوف يفيدك -إن شاء الله تعالى-، لكن الدواء أيضا ولفترة محدودة فيه خير كثير، وأنا من وجهة نظري أرى أن العقار الذي يعرف علميا باسم (سيرترالين), والذي يعرف تجاريا باسم (لسترال), أو (زولفت), سيكون مفيدا لك جدا.
الذي أراه هو أن تذهب إلى طبيبك مرة أخرى, وتحاوره, وتناقشه, وتذكر له الذي ذكرناه لك في هذه الرسالة، وأننا نتفق معه فيما قاله لك، وقد أضفنا مقترحنا حول عقار سيرترالين، وأنا على ثقة تامة بأن الطبيب سوف يوافق على ذلك -إن شاء الله تعالى-.
جرعة السيرترالين هي نصف حبة ليلا – أي خمسة وعشرون مليجراما – يمكن تناولها بعد الأكل ,وذلك لمدة شهر، بعد ذلك ترفع إلى حبة كاملة لمدة خمسة أشهر، ثم نصف حبة ليلا لمدة ثلاثة أشهر، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم يتم التوقف عن تناول السيرترالين.
إذن خلاصة الأمر: الحلول موجودة -إن شاء الله تعالى-، وأنت كشاب المستقبل لك، اجتهد، وزود نفسك بنور الدين والعلم، وكن بارا بوالديك، وكن صاحب مبادرات إيجابية، وافهم ذاتك بصورة إيجابية، وحاول أن تطور نفسك، وإن شاء الله تعالى سوف تجد أن الأمور قد أصبحت طبيعية جدا، وموضوع الرعشة والتلعثم التي تعاني منها هي جزء من القلق، والبعض قد يسميه بالخجل, أو الرهاب الاجتماعي، وما ذكرناه لك من إرشاد -إن شاء الله- سوف يفيدك، وكذلك الدواء، ولا شك أن زيارة الطبيب سوف تكون ذات عائد إيجابي عليك.
نسأل الله تعالى أن ينفعك بما ذكرناه لك، وأن يجعل لك الخير حيث ما كنت، وبالله التوفيق والسداد.