السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قبل كل شيء: يشهد الله أن ما سأذكره ليس تفاخرا، وليس تكبرا، وليس رياء, وأبرئ نفسي أمامكم، وأمام ربي من هذا الفعل، وإنما ذكرته لتكون لديكم صورة واضحة شاملة عن الموضوع.
أنا شاب عمري 19 سنة، تعلقت بفتاة تصغرني بسنتين فأحببتها، وكان حبي لها صادقا بريئا، ناويا به الستر والزواج، ولكنني اكتشفت أن الفتاة بحكم صغر سنها، وضعف إيمانها -حيث إنها متهاونة بأشياء كثيرة كالصلاة، وبعض الأمور الأخرى- فبحمد من الله وعونه وقدرته، فقد قواني الله على أن أقنعها بالمحافظة على الصلاة، وترك أشياء لا ترضي الله كانت تفعلها، كمحادثة شباب على الإنترنت، وأشياء أخرى، وقد كانت بداية طريقها لا يرضاها الله، وما إلى ذلك، -وبحمد من الله- تبدلت هذه الأشياء إلى أشياء ترضي الله -بفضل من الله-.
المهم -يا إخوتي-: أنا أعرف أن علاقتي بها محرمة، وفي نفس الوقت أنا أريد لها الستر والعفة؛ لأنني عاقد على أني أتزوجها -بعون الله تعالى-، وأنا على يقين أنني لو تركتها في هذا الوقت فسترجع تدريجيا إلى ما كانت عليه، لأننا مازلنا في بداية الأيام التي حصل فيها التغيير، فما الحل؟
أنا كنت عاقدا العزم على أنني فور أن أتأكد أنها تستطيع أن تكمل بنفسها، ولا ترجع إلى ما كانت عليه، سأفهمها الموضوع، وأقول لها: إن علاقتنا محرمة، ويجب أن نترك كلامنا هذا إلى أن تكون بيننا عقد رسمي يرضي الله، وأنني سأخطبها -بإذن الله تعالى- في السنوات القادمة، ولن أنظر لغيرها.
أرجو إعطائي دليلا على الشيء الذي يمكن أن يضمنها لي، ولا ضامن غير المولى -عز وجل-، لكن بحكم صغر سني، وسنها، وقربنا من بعض؛ فأنا لا أريد أن أفكر في زوجة غيرها، وخائف من أن يتقدم لخطبتها أحد أكبر مني، وأقدر مني على الزواج منها في السنين القادمة، وأهلها يوافقون عليه، وأنا أريدها بشدة أن تكون معي باقي حياتي، وفي الوقت ذاته أنتم أدرى مني بمشاكل قبل الزواج التي تواجه الشباب من عدم توفر مكان للسكن، والوظيفة، وغيره.
فأتمنى لو كان هناك دعاء، أو أي عمل، دلوني على أي شيء أفعله كي لا أعتبر متهاونا، وغير جدي في هذا الموضوع.
أتمنى منكم حلا، أو نصيحة في مشكلتي، كي أستفيد به، وكيف أدعو الله أن يرزقني بها زوجة لي في المستقبل؟
وشكرا لكم، وبارك الله فيكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مصطفى حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
فمرحبا بك -أيها الولد الحبيب- بين آبائك وإخوانك في موقعك استشارات إسلام ويب.
نحن نشكر لك أولا حرصك على تجنبك العلاقات المحرمة، وهذا دليل على إيمانك ورجاحة في عقلك، ولكننا نؤكد عليك ضرورة المبادرة إلى تنفيذ العمل بهذا العلم؛ فإن الشيطان يزين للإنسان الوقوع في الغواية خطوة خطوة، وقد حذرنا الله تعالى من هذه الخطوات بقوله: {يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر}.
فاحرص -بارك الله فيك- على إرضاء ربك، والابتعاد عن استدراج الشيطان لك، وبذلك تحفظ نفسك, وتحفظ دينك، وكن على يقين وثقة بأنه ليس ثم فتنة أشد وأعتى من فتنة الرجل بالمرأة؛ فلا تعرض نفسك لهذه الفتنة، فتقع في شيء ربما ندمت عليه حين لا ينفعك الندم، وكن على ثقة بأن توفيق الله تعالى لك، وتيسيره لأمرك مرهون بطاعتك لله تعالى، وحرصك على مراضيه؛ فإن رزقك بيد الله، والله -عز وجل- قد وعد من اتقاه بتيسير أموره، فقال سبحانه وتعالى: {ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب}.
فبادر -بارك الله فيك- إلى قطع العلاقة بهذه الفتاة، وأرشدها إلى من تعرف من النساء الصالحات اللاتي يكن عونا لها على مواصلة طريق الصلاح والاستقامة، ونصيحتنا لك أن لا تكون هذه الدلالة لها مباشرة، فحاول أن تدل النساء عليها من قراباتك إذا كانت تسكن في المكان الذي أنت فيه، وبذلك تكون قد أديت ما تشكر عليه.
ونصيحتنا لك أيضا: أن لا تسمح لقلبك بمزيد من التعلق بهذه الفتاة، فأنت لا تدري ما الذي يقدره الله تعالى لك، وربما قدر الله تعالى لك خلاف ما تتمنى؛ لأن الخير لك فيه، فأنت تحرص على شيء وتتمناه، والله -عز وجل- أعلم منك بما يصلح لك، وقد قال في كتابه الكريم: {وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون} فليس من الحكمة أبدا، ولا مما يقتضيه العقل أن تعلق نفسك بهذه الفتاة، وقد تصلح لك زوجة، وقد لا تصلح، وقد تقدر على ذلك، وقد لا تقدر.
فينبغي أن تخاطب نفسك بخطاب العقل, بعيدا عن العواطف، والنفس إذا يئست من الشيء سهل عليها أن تنساه، فحاول دائما أن تيأس نفسك من هذه الفتاة، وأن تذكرها بعدم قدرتك على إمكان الزواج الآن، وأنه لا يزال بينك وبين الزواج مسافة طويلة، وعقبات أكيدة، فحتى يتيسر لك أمر الزواج حينها ستجد ما تحبه في فتيات كثيرات؛ فلا تسمح أبدا للشيطان بالتسلل إلى قلبك، وتعليقك بهذه الفتاة، وكن على ثقة بأن ما تتمناه من المرأة ستجده في الوقت المناسب على خير ما تحب.
نسأل الله تعالى أن يطهر قلبك، وأن ييسر لك أسباب العفة، ويتولى أمرك كله، وأن يقدر لك الخير حيث كان.