السؤال
السلام عليكم،،,
أشكركم على هذا الموقع المحترم.
أنا بعمر 28سنة، لم أتزوج إلى الآن، تمت خطبتي مرتين، وقمت بفسخ الخطبتين، فبعد فترة من الخطبة أشعر بأن اختياري خاطئ، والآن لم يعد يتقدم لي أحد.
لقد أصبحت نفسيتي متعبة، وصرت أحسد كل واحدة متزوجة، ولو سمعت أن هناك فتاة قد خطبت أغضب كثيرا؛ لأنها خطبت بينما لم أخطب أنا، وأصبحت أشعر بالغيرة, مع أني لم أكن هكذا من قبل، بل كنت أفرح لأي شخص يخطب أو يتزوج.
على الرغم أن يومي كله في العمل, إلا أني أفكر في موضوع الزواج هذا كثيرا، وصرت أشعر بأني لن أتزوج بالمرة، وأصبحت أظن أن أي شخص يريد محادثتي قد وجد لي خاطبا!
أتمنى أن تزول فكرة الزواج هذه من رأسي حتى أرتاح.
أرجو الرد, وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ benthalal حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
مرحبا بك -ابنتا العزيزة- في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يقر عينك بالزوج الصالح الذي تسكن إليه النفس.
نحن نتفهم -أيتها البنت الكريمة- هذه المشاعر التي تجدينها في نفسك من الشعور بالحاجة للزواج، والرغبة فيه، وهذا أمر طبيعي فطر الله عليه الرجل والمرأة، فلا غرابة فيه، ولكن نحن هنا نحب أن نذكرك هنا بمعان مهمة ستغير -بإذن الله- من حياتك، وستجدين معها للحياة طعما ولذة، وستزول -بإذن الله تعالى- كثير من الهموم والأحزان التي تعانين منها.
أول هذه المعاني -أيتها العزيزة-: أن تدركي بيقين جازم أن كل شيء بقضاء وقدر، وأن مقادير الناس قد كتبها الله عز وجل قبل أن يخلقها، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لصاحبه أبي هريرة رضي الله عنه: (جف القلم بما أنت لاق يا أبا هريرة)، يعني أن كلما سيتعرض له الإنسان قد كتب، وقد جفت به الأقلام، جفت الأقلام بما سيتعرض له الناس، فالأمر مفروغ -أيتها العزيزة- فلا تحملي له هما، وما قد قضي سيكون لا محالة، فطيبي نفسا واهدئي بالا، وأحسني الظن بالله تعالى؛ فإنه أرحم بك من نفسك، وأعلم سبحانه وتعالى بمصالحك، فربما تحرصين على شيء, والله سبحانه يعلم أن الخير في تأخيره، وأنت لا تعلمين ذلك، وقد قال سبحانه في كتابه الكريم: (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم، والله يعلم وأنتم لا تعلمون).
هو سبحانه وتعالى أعلم وأرحم وأحكم، ومن ثم فكلما يقضيه الله سبحانه وتعالى هو الخير والرحمة والحكمة.
إذا أدركت هذا المعنى جيدا, وعقد عليه قلبك، فإنك ستعيشين راضية مطمئنة، وهذا لا يعني التفريط في الأخذ بالأسباب، ولذا فالمعنى الثاني الذي نذكرك به، هو أن تأخذي بالأسباب المشروعة المباحة بقدر استطاعتك، ثم تفوضي باقي الأمور إلى الله سبحانه وتعالى، فإذا تقدم إليك خاطب يرتضى في خلقه ودينه، فينبغي أن تقبلي به، وأن تسهلي وتيسري أمور الزواج التي قد تكون حائلا دون الزواج في أحيان كثيرة، وهي أمور ما أنزل الله به من سلطان، ولا ندب إليها, ولا دعا إليها مما جرى عليه الناس في أمور الزواج.
إذا تقدم إليك شخص يرتضى في دينه وخلقه، فاعلمي أن هاتين الركيزتين هما قوام الحياة الزوجية السعيدة، فبادري إلى القبول, والله سبحانه وتعالى سيقدر لك الخير.
الأمر الثالث: اللجوء إلى الله سبحانه وتعالى فبيده خزائن السموات والأرض، كما قال الله تعالى: {وإن من شيء إلا عندنا خزائنه}.
هو سبحانه وتعالى لا يعجزه شيء، إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون، فتوجهي إليه برغبة وصدق, مع إحسان ظن به، وأنه سيحقق لك أمنيتك فيما هو خير لك، فأكثري من دعائه لاسيما في الأوقات التي ترجى فيها الإجابة كالدعاء في آخر الليل, وحال السجود, وبين الأذان والإقامة، وأكثري من الاستغفار؛ فإن الاستغفار سبب أكيد لجلب الأرزاق، كما أخبر الله تعالى في كتابه الكريم.
الوصية الرابعة -أيتها الكريمة- وهي في غاية الأهمية بالنسبة لك في هذا الظرف، وهي: أن تحاولي شغل أوقاتك بشيء نافع في دين أو دنيا، ولذا وصيتنا لك أن تبحثي عن نساء صالحات, لاسيما المشتغلات بتعلم الدين والشرع، فحاولي أن تدخلي نفسك في برامجهن الدعوية والتعليمة، وستجدين في هذا الوسط وهذه البيئة ما يعود عليك بالنفع في دينك ودنياك؛ فإن النساء الصالحات خير من يعينك على البحث عن الزوج الصالح، وهن في نفس الوقت من يعينك على الاستزادة في دينك.
نسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير حيث كان, وييسره لك، وييسر لك الزوج الصالح الذي تقر به عينك, وتسر به نفسك.