أهمية طلب العلم الشرعي، مع عدم الغفلة عن العلوم الدنيوية

0 505

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا خريج جامعي حاصل على ليسانس آداب وتربية، شعبة تاريخ، وأعمل في مجال الحاسب الآلي (أي بعيدا عن تخصصي الجامعي )، وهذا الموضوع، أي بعدي عن التخصص، وعملي في الحاسب الآلي الذي ليس معي فيه شهادة جامعية، يسبب لي بعض الحرج، فبإذن الله في العام المقبل إحدى كليات الحاسب الآلي سوف تعلن عن دبلوم لغير خريجي الكلية، وبإذن الله ألتحق بالدبلوم ويكون كل شيء على ما يرام.

الموضوع الآخر: أني أحب طلب العلم الشرعي، وأريد أن أدرسه بشكل منظم، وبشكل أكاديمي، بماذا تنصحونى بالكليات أو المعاهد عندنا في مصر؟

وأرجو التحديد بالضبط، جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ mohamed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يهديك صراطه المستقيم، وأن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يجعلك متميزا في مجال عملك، وأن يمن عليك بطلب العلم الشرعي الذي يصلك بالله تعالى، ويكون عونا لك على طاعته ورضاه.

وبخصوص ما ورد برسالتك – أخي الكريم الفاضل – فإنه مما لا شك فيه أن نبيك المصطفى - صلى الله عليه وسلم – قال: (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف) والقوة هنا كما ذكر شراح الحديث: ليست محصورة في نوع معين من أنواع القوة، وإنما تشمل كل القوى التي من الممكن أن يدركها العقل البشري، فقد تكون القوة قوة مادية، وقد تكون قوة بدنية، وقد تكون قوة علمية، وقد تكون قوة سياسية أو عسكرية أو زراعية أو صناعية أو غير ذلك. فكل ذلك مطلوب لنهضة الإسلام ولعمارة الكون.

ولذلك رغبتك في أن تتخصص في مجال الحاسب الآلي بالحصول على الدبلوم الذي سوف تعتمده إحدى كليات الحاسب الآلي في بلدكم، أعتقد أن هذه خطوة رائدة، وأن نهوضك بنفسك إذا أردت به وجه الله تعالى وأن تعان به على أداء خدمات أفضل سيكون عبادة تؤجر عليها بإذن الله تعالى، وهذا من الأخذ بالأسباب التي جعلها الله تبارك وتعالى من مكونات هذا الدين، ولذلك نجد القرآن الكريم يثني على الأخذ بالأسباب، ويدلنا على أن ذي القرنين كان يأخذ بالأسباب، كما قال الله تبارك وتعالى: {فأتبع سببا}.

وأيضا كما قال الله تبارك وتعالى: {فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله} فهذا أيضا من الأخذ بالأسباب. ورسولنا المصطفى - صلى الله عليه وسلم – كان أعظم الناس أخذا بالأسباب رغم أنه كان أعظمهم توكلا على الله تبارك وتعالى، ولا أدل على ذلك من الترتيبات الرائعة التي أحدثها رسول الله - صلى الله عليه وسلم – في كل مواقفه بدءا من رحلة الهجرة حتى توفاه الله تبارك وتعالى.

فنحن مطالبون أن نأخذ بأسباب التميز والتقدم حتى نكون على مقدرة من عرض ديننا بطريقة صحيحة، وخدمة إخواننا المسلمين بطريقة موفقة.

وفيما يتعلق بمسألة دراسة العلم الشرعي، فأنت تعلم أننا نعيش في بلد غير بلدكم، ومعرفتنا بالواقع لديكم ليست بالقدر الكافي، ولذلك أنصحك أن تسأل العلماء والمشايخ والدعاة المتميزين لديكم عن الكليات والمعاهد المعتبرة التي تقدم المنهج الإسلامي الأصيل بطريقة صحيحة ومنظمة ومفيدة، فأرى أن سؤالك لأحد الدعاة في منطقتكم، أو لأكثر من داعية خاصة في المؤسسات العلمية كمؤسسة الأزهر أو جماعات أنصار السنة المحمدية أو الجمعية الشرعية، فإن هذه المؤسسات تقوم في المقام الأول على التعليم والتربية، وأعرف أن هناك معاهد (إعداد الدعاة) منتشرة في عموم مصر، من الممكن أن تلتحق بها بإذن الله تعالى، وإن كانت شهاداتها في الغالب ليست كشهادات المؤسسات الحكومية كجامعة الأزهر على سبيل المثال.

لذا أنصحك فيما يتعلق بمسألة الكليات أو المعاهد الشرعية أن تسأل المشايخ والدعاة لديكم، وأعتقد أنك سوف تجد إجابات موفقة وأفضل مما نقوله على اعتبار أن هذه هي بلدهم وأنهم أدرى بها، وكما قالوا (أهل مكة أدرى بشعابها)، وأسأل الله تعالى أن يثبتك على هذه الرغبة، وأن يمن عليك فعلا بالالتحاق بإحدى هذه الكليات أو المعاهد للنهوض بالعلم الشرعي الضروري، خاصة وأن العلم الشرعي العيني مطلوب تعلمه من المسلمين وتعليمه أيضا للمسلمين، ولا يخفى عليك أن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال: (من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة) وقال أيضا: (وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضى بما يصنع).

فعليك بالاجتهاد في تحصيل الدبلومة في الحاسب الآلي حتى ترفع الحرج عن نفسك وحتى تقدم خدمات أفضل، وحتى تكون صاحب تخصص، فتستطيع أن تحمي نفسك من القيل والقال، وأن تدفع عن نفسك الإحراج الذي قد يحدث لك في بعض المواقف.

كما أيضا أحيي فيك رغبتك بطلب العلم الشرعي بطريقة تفصيلية، لأنه هكذا تبنى العقول، وتبنى الأفكار والمعارف، وهكذا تبنى الأمم أيضا.

أسأل الله تبارك وتعالى أن يوفقك لكل خير، وأتمنى منك أن تكثر من الدعاء والإلحاح على الله تبارك وتعالى أن يوفقك في تلك الخطوات المقترحة الرائعة، وأن يأخذ بناصيتك إلى الحق، وأن يمن عليك بالعلم النافع والعمل الصالح، إنه جواد كريم.

هذا وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات