الوسواس في ذات الله قتلني، فأعينوني.

0 613

السؤال

السلام عليكم..

أنا فتاة أبلغ من العمر 16 عاما، كنت كثيرة الذكر لله، وكثيرة القيام بالأعمال الصالحة، ومنذ تقريبا شهرين، أصبحت أعاني من وسوسة قاتلة، في البداية بدأت أشك في كل شيء، ثم بدأت الأفكار تتلاشى في نفسي، فأسمع في رأسي أسئلة مثل: من الممكن أن يوجد إله غير الله - أستغفر الله العظيم - ومنذ تلك اللحظة وأنا أشعر بالجنون، كرهت الحياة وأصابني حزن وقلق شديد وأنا في حالة اكتئاب دائمة، وحقا أصبحت أخاف من أن أموت وأنا كافرة، وأقول يا ليت كل شيء أخذ مني ولم تأتني هذه الوسوسة، أصبحت أبكي كلما فكرت في مثل هذه الأمور، وأصبحت أقول أن الناس تنظر لي نظرة أنني صالحة مؤمنة وكل الصفات الجيدة، وأنا أعاني من كل هذه الأفكار.

تكلمت مع معظم أقاربي وبدؤوا ينصحونني بقراءة الأذكار، وأنها كلها أفكار والله لن يحاسبني عليها، ولكن أنا أريد أن أتخلص منها بشكل نهائي، وعندما قرأت رسالة هذا الشاب رقم الاستشارة: 279508 فهو مطابق لي في حالتي، وقرأت إجابتكم أيضا فشعرت بالراحة، ولكنني أريد أن أتخلص منها بشكل نهائي، ونصحتني عمتي بقراءة سورة البقرة فقرأتها في الليل وأنا أبكي، وبعدما انتهيت من قراءتها قلت في عقلي إن كان يوجد إله غير الله - أستغفر الله العظيم - لكان أظهر نفسه بشيء حتى يكون صدقا، وأما الأشياء التي يعبدها الكافرون فمعظمها صلبة لا تتحرك أو موجودة في عالمنا، فحاولت إسكات الأصوات التي تدور في رأسي بهذه الأجوبة.

اليوم استيقظت وأردت أن أرجع كما كنت في السابق أدعو الله، وأحمد الله، وأعمل كل شيء يرضي الله من كل قلبي، وكما كنت في السابق، لكن الوسواس هاجمني ثانيا فلم أعد أستطع أن أقول أي كلمة يوجد بها كلمة الله، إلا وبدأت أفكر فأقولها، وأنا أريد أن أقولها بشكل أفضل يخرج من قلبي كما في السابق، لا أستطيع التحمل، قد جننت!

أرجوكم ساعدوني فأنا أبكي في كل لحظة، وأعاني من حزن وكآبة شديدة، وكلما أسمع القرآن أبدأ بالبكاء، وكلما يتحدث الله في الآيات عن الكافرين وعذابهم أبدأ بالبكاء، وكذلك عندما يتحدث عن المؤمنين لا أدري ما أفعل، وعندما أسمع الأذان أو أرى كتابا مثل (حصن المسلم) أبدأ بالبكاء وأقول الأذان يخصني، كل شيء فيه إيمان يخصني، أنا مسلمة.

أرجوكم ساعدوني لا أريد أن أكفر، وهل أعتبر كافرة؟ وهل سيسامحني الله؟ مع العلم أني مؤمنة بكل شيء بيوم القيامة بالرسل وبالقرآن.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ mais حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

فمرحبا بك -ابنتنا العزيزة- في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى أن يذهب عنك ما تجدينه، ونحن نبشرك أيتها الكريمة بأن نفورك من هذه الوساوس وبغضك لها وخوفك من الله تعالى كل ذلك دليل على إيمانك، فإنه لولا الإيمان الموجود في قلبك لما كرهت هذه الوساوس، ومن ثم فأبشري خيرا، واشكري الله تعالى أن رزقك الإيمان في قلبك، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم – كما قرأت أنت في الاستشارة التي أشرت إليها في سؤالك: النبي - صلى الله عليه وسلم – أخبر الصحابة بأن وجود الوسوسة في قلوبهم من الشيطان مع كراهتهم لها وبغضهم لها ونفورهم منها دليل على إيمانهم، فقال لهم: (ذاك صريح الإيمان) فإذا كان هذا النوع من الوسواس قد حاول الشيطان أن يلقيه في قلوب بعض الصحابة وهم من هم في الدين والإيمان فكيف بحالك أنت وأمثالك أيتها البنت العزيزة؟

نصيحتنا لك أن لا تحملي هما ولا تضعي نفسك في قلق بسبب هذا، وانصرفي عنه إلى التفكر النافع الذي يفيدك بإذن الله تعالى، وهذا هو العلاج النبوي للوساوس، فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : (فليستعذ بالله ولينته) وهذان دواءان عظيمان نافعان بإذن الله:

الأول: أن تستعيذي بالله حين تعرض لك هذه الوساوس فتقولي (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم).

والعلاج الثاني: الانتهاء والانقطاع عنها وعدم الاسترسال معها، بأن تشغلي نفسك في شيء آخر مما يعود عليك بالنفع من أمر دين أو أمر دنيا، فإذا واصلت الطريق هذا فإنك ستشعرين بالنفع بإذن الله تعالى وسيزول عنك ما تجدين.

ثم هناك أمر مهم جدا نحب أن نلفت انتباهك إليه أيتها الكريمة وهو: أن التفكر ينبغي أن ينصرف إلى التفكر في مخلوقات الله، التفكر في السموات العظيمة، من الذي خلقها ورفعها بغير أعمدة؟ والتفكر في هذه الأرض التي بسطها الله تحتنا، والتفكر في أنفسنا، فإن كل شيء فينا يخبرنا عن خالقه وعن علمه وقدرته وحكمته ولطفه وبره، فالتفكر في مخلوقات الله يجر الإنسان إلى معرفة هذا الخالق ومعرفة صفاته، فهذا النوع من التفكر هو التفكر الحسن، وكل أحد غير الله تعالى لا يقدر على شيء من ذلك، فإن فاقد الشيء لا يعطيه، والعدم لا يفعل شيئا، ولكل فعل فاعل، فكل هذه القواعد العقلية ستدلك من خلال التفكر في هذه المصنوعات إلى أن لها خالق قادر عليم حكيم رحيم، وهذا هو الله سبحانه وتعالى.

ابنتي الفاضلة: اصرفي ذهنك إلى التفكر في المخلوقات، وحاولي أن تطلعي على كثير من مواد الإعجاز العلمي في القرآن الكريم، لاسيما المحاضرات المسجلة للشيخ عبد المجيد الزنداني وأمثاله ممن نقبوا في كتاب الله تعالى وأخرجوا للناس ما فيه من دلائل الإعجاز في العلم المعاصر، فكل هذا مما يقوي اليقين في قلبك ويثبت الإيمان فيه، وقد ذكرنا في الاستشارة السابقة جملة من النصائح منها: شغل الوقت بالشيء النافع، والحرص على مرافقة الفتيات الصالحات، ونأمل إن شاء الله في المستقبل القريب أن نسمع منك أخبارا سارة.

نسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير حيث كان ويثبتك على الإيمان ويشغلك بطاعته، إنه جواد كريم.

مواد ذات صلة

الاستشارات