السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,,,
عندي مشكلة في ذنب أعمله دائما، وأستغفر ربي، وأتوب وأعيد أعمله، وهذا حالي.
مع أني -ولله الحمد- أعرف ربي، وأنصح الناس، لكن لا أدري لماذا يحدث لي هذا!
أنا أريدك أن تساعدني في موضوع أقدم مساعدة فيه لديني الإسلامي، من المؤكد أنك قد فهمتني، فأنا أريد أن أعمل خيرا في دنياي يجعلني أخجل أن أعمل مثل هذا الذنب، فأنا أريد جمعية، أو أي شيء، أساعد فيها من ينشرون الدين ليلا ونهارا، ويبينونه للناس، أرجو أن تكون قد فهمتني -إن شاء الله-.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نوره حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته/ وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وعن أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يهديك صراطه المستقيم، وأن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يتجاوز عن سيئاتك، وأن يجعلك من الصالحات القانتات، إنه جواد كريم.
وبخصوص ما ورد برسالتك – ابنتي الفاضلة – من أنك تذنبين ذنبا فيما بينك وبين الله تعالى، وتتوبين، ثم تعودين إليه مرة أخرى، وتقولين: إنك لا تدرين لماذا يحدث لك هذا! وفي نفس الوقت أيضا تريدين أن تقدمي خدمة لدينك يشعرك بالخجل أن تقومي بمثل هذا الذنب، بمعنى أنك تريدين أي مؤسسة إسلامية تقدمين المساعدة لدينك من خلالها.
أقول لك – ابنتي الكريمة الفاضلة – : إنه مما لا شك فيه أن التوبة عبادة من العبادات، وقربة من القربات، ولذلك قال الله تبارك وتعالى: {يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا}، وقال الله جل جلاله أيضا: {ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون}؛ فالناس إما أن يكونوا من التائبين، أو من الظالمين.
فيتعين على المسلم أن يتوب كل يوم لله سبحانه وتعالى، وأن يندم على ما وقع فيه من تقصير في حق الله تعالى علمه أو لم يعلمه، أو من ارتكاب محرمات حرمها الله تبارك وتعالى.
هذا وضع عام لجميع المسلمين، أما بالنسبة لك – ابنتي الكريمة الفاضلة – فإنه من المتعين عليك أولا أن تحددي الذنب الذي تفعلينه.
ثانيا: أن تبحثي في الأسباب التي تؤدي إلى الوقوع في هذا الذنب؛ لأن الإنسان منا أحيانا لا يعرف كيف وقع في الذنب، ولكنه إذا استطاع أن يعرف الأسباب التي تؤدي إلى الوقوع في الذنب، وهذه النقطة الأولى حقيقة من عملية الإصلاح والتغيير.
تأتي المرحلة الثانية, وهي مرحلة القضاء على هذه الأسباب؛ لأنه لا يمكن أبدا أن يخرج الإنسان من شيء إلى شيء، إلا إذا كانت لديه خطة، فإذا كان لديه خطة كان موفقا، والذي أقوله لك الآن هو من واقع التجربة، فأول أمر أتمنى منك أن تفعلينه حتى تتوبين إلى الله توبة نصوحا:
أولا: أن تعرفي الذنب الذي تقعين فيه، وأعتقد أنك تعرفينه.
والأمر الثاني: أن تبحثي عن الأسباب التي تؤدي إلى وقوعك في هذا الذنب، لماذا يحدث هذا؟ هذا يحدث مثلا إذا كانت الغرفة مغلقة، فالح ألا أغلق باب الغرفة، هذا يحدث مثلا إذا تصفحت الإنترنت، فإذن لا تتصفحي الإنترنت، هذا يحدث مثلا إذا قمت بالليل، فإذن اجتهدي أن لا تكوني وحدك، فابحثي في الأسباب التي تؤدي إلى وقوعك في المعصية وضعفك أمامها.
وهذه هي المرحلة الثانية، وهي أن تبحثي عن الأسباب التي تؤدي إلى وقوعك في المعصية، أو ضعفك أمامها، ثم المرحلة الثالثة: القضاء على هذه الأسباب، كما ذكرت لك، إذا كنت إذا أغلقت باب غرفتك مثلا تضعفين بكيد الشيطان فتقعين في أشياء لا ترضي الله تعالى فإذن لا تغلقي الباب، وإذا كنت إذا دخلت دورة المياه تمكثين فترة طويلة فيأتي الشيطان ليفسد عليك دينك فإذن لا تمكثي فترة طويلة في دورة المياه.
المهم أن تبحثي في الأسباب التي تؤدي إلى الوقوع في المعصية، ثم بعد ذلك القضاء عليها والتخلص منها.
مع هذه الأمور التي ذكرتها لابد أيضا من دعاء وتضرع إلى الله تبارك وتعالى أن يعينك الله تبارك وتعالى على التخلص من هذه المعاصي، وأن يطهر قلبك، وأن يحصن فرجك، وأن يعينك على غض بصرك، فلابد من الدعاء والإلحاح على الله تعالى أن يعينك على التخلص من المعصية، والإقلاع عنها، وأن يوفقك لتوبة طيبة نصوح؛ لأن الإنسان منا وحده لا يستطيع أن يسلك سبيل الخير إلا إذا أعانه الله تبارك وتعالى، وكذلك بإعانة الصحبة الطيبة، والانشغال فيما ينفعك في دينك ودنياك.
فعليك بالدعاء والإلحاح على الله تبارك وتعالى أن يعافيك الله تعالى من هذا الذنب، ويغفر لك، ويتوب عليك، والدعاء أن يعينك الله تبارك وتعالى على التخلص من هذا الذنب.
عليك أيضا بالبحث عن البدائل: البحث عن الصحبة الصالحة التي تشغل أوقات فراغك بعيدا عن هذا الفراغ الذي يؤدي إلى وقوعك في المعصية، كذلك أيضا أن تجعلي لنفسك وردا يوميا من القرآن الكريم، ولو أن تحفظي كل يوم بضع آيات صغار، أو حديثا من حديث النبي -عليه الصلاة والسلام- حتى يرتفع عندك معدل الإيمان في قلبك.
أيضا من شروط التوبة النصوح أن تعقدي العزم أن لا تعودي إلى الذنب أبدا، وأن تندمي على فعله، وأن تأخذي قرارا بأن لا تقعي فيه أو ترجعي إليه، وبعد هذه الأمور عليك بالدعاء والإلحاح على الله تبارك وتعالى أن يثبتك على هذه التوبة، ويعينك عليها.
أما بخصوص رغبتك في تقديم خدمة للدين، فهذا شيء رائع جدا أن تكون عندك هذه الهمة، وعليك أن تبحثي عن الجمعيات الخيرية التي توجد في بلادكم، وستجدين جمعيات كثيرة تقوم بخدمة الدين، أو على الأقل مراكز تحفيظ القرآن الكريم، وإذا كنت حافظة فما المانع أن تنخرطي في تحفيظ غيرك من المسلمات -ولو بلا مقابل- وإذا كنت لست بحافظة فما المانع أن تتقدمي لهذه المراكز وأن تبدئي في حفظ كلام الله تعالى! لعل الله أن يمن عليك بعد عام أو عامين أو ثلاثة أعوام، وتكونين قد ختمت القرآن الكريم حفظا وتجويدا، وبذلك تصبحين من أصحاب المراكز العالية جدا عند الله تعالى في الدنيا والآخرة.
فإن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال: (أهل القرآن هم أهل الله وخاصته)؛ فعليك ضرورة تحديد الأسباب التي تؤدي إلى المعصية، ثم التخلص منها، مع التوبة النصوح، والدعاء إلى الله تعالى، والإلحاح عليه أن يعافيك منها، ثم البحث عن مشاريع تنخرطي فيها، واسألي أقاربك أو زميلاتك في المدرسة عن مثل هذه الجمعيات التي تساعد على تقديم خدمات للمسلمين، وبذلك تنشغلين بأمور تفيدك في دينك ودنياك، ونسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير حيث كان.
هذا وبالله التوفيق.