السؤال
السلام عليكم
أنا متزوج منذ أكثر من سنة, وأحب زوجتي, ولدي ابنة منها, لكن لدي شعور ورغبة بأن أتزوج من الثانية, وأحس أن ذلك سيكون أغض للبصر بالنسبة لي, حيث إني لا أزال أحس بعدم الاستقرار الذي كنت أنشده قبل الزواج, وأقصد هنا من ناحية ميلي للنساء, كنت أحس أني إذا تزوجت سأنتهي من هذا الموضوع؛ لأني أريد أن ألتزم بديني, وأغض بصري.
علما بأن موضوع الزواج من اثنتين هي فكرة موجودة عندي قبل أن أتزوج أصلا, وقلت في حينها: إذا تزوجت الأولى سوف أنسى هذه الفكرة, لكن الحقيقة أني ازددت تمسكا بها, ولا أعرف السبب, أحيانا أبحث عن بعض العيوب في زوجتي, وأقول من الممكن أن تكون هي السبب في هذا التفكير, وهذه العيوب هي أنها ازدادت بدانة بعد الولادة, وثانيا طلبت منها مرارا وتكرارا أن تنتقب ولم تستجب, وأنا لم أجبرها لأن المسألة خلافية, أريد أن أعرف هل هذه هي الأسباب الحقيقية وراء رغبتي في الزواج من ثانية, أم أني فعلا أحتاج إلى الزواج من ثانية لا بسبب هذه الأمور المذكورة آنفا, عندما أفكر وأقول: ماذا أريد من زوجتي الثانية, ما هي مواصفاتها, أقول: يجب أن تكون منتقبة, ونحيفة طبعا, بعد الدين, والجمال, في أحيان أخرى أقول: هل أنا شخص سيء؛ لأني متزوج, وإلى الآن أفكر في الزواج, ولا أسيطر تماما على بصري, وأحيانا أخرى أقول: من الممكن أن أكون رجلا من الذين يحتاجون فعلا إلى زوجتين؛ ليتحقق لهم التحصن, أنا أسأل هنا وأريد أن أعرف ما السبب لأني قد أقدم على هذا الموضوع, وهو صعب, ومسؤولية كبيرة, قد يكون سببي تافها لا يستحق هذه العملية -وهي الزواج من ثانية- مع أن الفكرة مستحوذة على عقلي, ولكني متردد بسبب عدم معرفتي بالسبب الحقيقي من وراء هذه الرغبة.
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
مرحبا بك -أيها الأخ الحبيب- في استشارات إسلام ويب.
نحن نتفهم -أيها الحبيب- شعورك بالرغبة في الزواج بثانية، وهذا ليس أمرا محصورا عليك، فإنه يشاركك فيه الكثير من الناس، وهذه طبيعة أكثر الرجال، وقد أبدى هذه الطبيعة الكامنة في الناس كثير ممن كتب حول هذا، ومنهم العلماء المجربون الذين خبروا الدنيا والحياة، ومن هؤلاء ابن الجوزي - رحمه الله تعالى – فله كلمات بديعة في هذا الباب، يبين فيها أن الرجل لا تنتهي رغبته في النساء، فإذا تزوج بواحدة رغب في الثانية، وإذا تزوج الثانية رغب في الثالثة، وهكذا، حتى بالغ ابن الجوزي - رحمه الله تعالى – في كتابه (صيد الخاطر) وقال: " لو قدر لرجل أن يتزوج بنساء بغداد ثم دخلت المدينة امرأة لظن أن عندها ما ليس عندهن ".
من ثم فنحن نصيحتنا لك -أيها الحبيب- أن لا تقع أسيرا لهذه الرغبة؛ لأنك لن تنتهي بالزوجة الثانية، بل ستجد نفسك مضطرا إلى أن تتزوج بثالثة، وهكذا, فإذا كانت هذه الرغبة هي وحدها التي تدفعك لذلك؛ فنصيحتنا لك أن تتمهل, وأن ترى أمورك عن قرب، وحاول أن توازن بين المصالح والمفاسد، وتنظر في قدراتك أنت؛ فإن الزواج بأخرى ليس أمرا هينا، صحيح أنه مشروع وجائز, إذا وجد الإنسان من نفسه القدرة على القيام بالأعباء المالية, والإنفاق على زوجتين، وآنس من نفسه القدرة على العدل بين الزوجتين، فإذا توفرت كل هذه الشروط فيجوز له أن يتزوج بأخرى، أما إذا كانت قدراته لا تساعده على القيام بذلك, أو وجد من نفسه أنه لن يستطيع القيام بالعدل بين الزوجتين؛ فإنه لا يجوز له أن يجمع بين زوجتين.
من ثم فنصيحتنا لك -أيها الحبيب- أن تتمهل كثيرا قبل أن تقدم على قرار كهذا، وأن لا تجعل من هذه الرغبة هي الدافع الوحيد؛ فإن هذه الرغبة لن تنتهي كما قدمنا، ولن تقتنع بالزوجة الثانية فقط، وربما وجدت في زوجتك بعض العيوب، لكن كن على ثقة بأنك لن تجد امرأة تخلو من عيب، فإذا رأيت في زوجتك بعض المعايب فإنك ستجدها في الثانية, وفي الثالثة، وهكذا.
لذا فنصيحتنا لك -أيها الحبيب- ثانية هي: أن تحسن النظر في أمورك, وتتفقد حالتك جيدا، فإذا وجدت من نفسك القدرة والرغبة في أن تتزوج بأخرى, وآنست من نفسك أن تعدل بين الزوجتين؛ فإن الزواج في هذه الحالة أمر مباح لك، ولا حرج عليك فيه، وإن كان بعض أهل العلم قد نصح الزوج بأن يقتصر على واحدة إذا خشي على نفسه العيلة وكثرة العيال، فإن هذا أرفق به, وأيسر له.
بالجملة فنحن ننصحك -أيها الحبيب- باستخارة الله سبحانه وتعالى، ومشاورة العقلاء من أقاربك قبل أن تقدم على هذا القرار، فإذا وجدت من نفسك الرغبة فتوكل على الله.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن ييسر لك أمرك، ويقدر لك الخير حيث كان.