السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أود أخذ مشورتكم في أمر والدي، هو مريض بمرض نفسي مزمن، يستعمل الأدوية التالية منذ مدة طويلة:
1) الريسبريدال (2 mg) ربما من بداية مرضه، منذ 18 سنة تقريبا.
2) البروسايكليدين (procyclidine 5mg) تقريبا منذ 8 سنوات أو أقل.
أشعر أنه يعاني من آلام في جسده لكنه لا يشعر بها، أو أن الأدوية تمنع إحساسه بها، يدخن بشراهة، أسنانه تكسرت، وأحيانا تنتفخ شفتاه، لكنه عنيد جدا، لا يريد الذهاب للطبيب أو حتى الخروج من المنزل، لا يستحم إلا تحت التهديد بالتنويم في مستشفى نفسي أو بتركنا له، لا أود أن استخدم هذا الأسلوب، لكن للضرورة أحكام.
ظهرت به حبوب متقرحة في ظهره بسبب عدم الاستحمام، وربما يكون هناك سبب آخر كتقرح الفراش، لأنه يطيل الجلوس ماذا ينفع من مراهم أو تدليك؟ كيف أتعامل معه حتى أقنعه أن يهتم بنفسه من ناحية النظافة؟ ألاحظ أن عضلاته تضمر، وكأن عنده هزال مع أن أكله طبيعي، هل هذا بسبب الأدوية وطول استخدامها، أم أنه يعاني من مرض جسدي؟
أرشدوني جزاكم الله خيرا، لا أريد أن أهمل حالته أكثر ثم أندم لاحقا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ زينب حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
فنشكرك على ثقتك في إسلام ويب، وعلى اهتمامك بأمر والدك.
الذي لفت نظري أن والدك يتناول جرعة صغيرة من الرزبريادال، وعقار بروسايكليدين (procyclidine) لا يعتبر علاجا للمرض، إنما هو دواء يستعمل ليبطل الآثار الجانبية التي قد تحصل من الرزبريادال مثل الشد أو التشنج العضلي.
والدك من الواضح أنه يعاني من أعراض مرضية نشطة، إهماله في نظافته الشخصية، عصبيته، توتره، والصورة العامة توضح وتشير إلى أنه مفتقد البصيرة، وإن شاء الله تعالى لا حرج عليه.
الخطوة الأولى التي يجب أن تتم هي: أن يعدل العلاج الذي يتناوله للتحكم في مرضه الذهاني، والذي أقترحه أن تتواصلي مع الطبيب الذي قام بوصف الرزبريادال له، وتعكسي له وجهة نظرنا أن وضع والدك الصحي النفسي وكذلك الجسدي حسب ما ورد في وصفك يدل أنه يعاني من أعراض نشطة للمرض، وهذا يعني ضرورة تعديل الدواء، إما برفع جرعة الرزبريادال أو استبداله بدواء آخر مثل عقار إريببرازول أو عقار سوليان، كلها أدوية مفيدة، وربما يحتاج إلى أن يستبدل نظام تعاطي الحبوب عن طريق الفم إلى إبر عضلية زيتية طويلة المدى تعطى مرة كل أسبوعين مثلا.
فالمهم جدا هو أن نراجع حالة الوالد العقلية والذهانية، وبعد أن يوضع علاجه في المسار الصحيح أعتقد أنه يمكن أن يستعيد شيئا من بصيرته، وبعد ذلك يبدأ يتفهم أهمية نظافته الشخصية والاستحمام وأن يظهر بالمظهر المعقول.
لا شك أن أسلوب التحفيز والمساندة واللطف أفضل كثيرا من أسلوب التهديد، وأنا مدرك تماما أن كثيرا من المرضى النفسانيين والمرضى الذهانيين يضطر الأهل ومن يحبونهم إلى استعمال جميع الأساليب والتي قد تصل إلى مرحلة التهديد، وذلك من أجل إقناعهم بفعل شيء ما لمصلحتهم.
بالنسبة للحبوب المتقرحة في ظهره، هذه يمكن أن تكون تقرحا سريريا، يمكن أن يكون التهابا بكتيريا، أو يمكن أن تكون التهاب ناتجة من فطريات، فهذا كله وارد، وأعتقد لن يكون من الحكمة أن نصف لك أي نوع من الدواء دون أن يتم فحص هذه الحالة، وأنا أقدر تماما صعوبة الذهاب بالوالد إلى الطبيب، لكن يمكن الطبيب أن يقوم بزيارة منزلية، فإن كنتم تعيشون في الولايات المتحدة فهذا ليس بالصعب أبدا، هناك طبيب الأسرة يمكن أن يأتي ويزوره في المنزل، أو ربما يكون هناك مساعد صحي أو ممرض جيد، ويمكن أن يقوم بذلك، وبعد فحصه يتم إن شاء الله تعالى وضع الترتيبات العلاجية الصحيحة بالنسبة له.
فوق ذلك أعتقد أن والدك وبوضعه الصحي النفسي والجسدي سيكون من الأفضل له أن يظل كمريض نهاري في المستشفى، وأقصد بمريض نهاري أن يقضي فترة النهار بالمستشفى، كثير من المستشفيات النفسية الآن بها ما يعرف بالبرامج المجتمعية التأهيلية، بمعنى أن يظل المريض في فترة النهار من الساعة السابعة والثامنة صباحا حتى الساعة الثانية ظهرا بالمستشفى، تكون لهم برامج متميزة جدا فيما يخص النظافة والترويح عن النفس، وتطوير المهارات الاجتماعية، هذه البرامج التأهيلية مفيدة جدا جدا.
أرجو أيضا أن تطرحي هذا الموضوع على الطبيب الذي يقوم بعلاجه، وأنا على ثقة تامة أن الطبيب يعرف أهمية مثل هذه البرامج.
هذا هو الذي أنصح به، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله له الشفاء والعافية.