توتر وقلق وعسر مزاج واضطرابات في القولون ... ما العلاج؟

0 579

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,,,

الأستاذ الدكتور/محمد عبد العليم بعد التحية الطيبة:

أنا شاب أعاني من التوتر العصبي, والقلق, وعسر المزاج، وأيضا عسر الهضم, واضطرابات القولون المرتبطة بذلك، خصوصا عندما أكون تحت ضغط عصبي وتوتر في العمل والحياة، وعندي اضطرابات في النوم؛ فلا أستطيع أن أنام -خاصة بالليل- جيدا، وبالتالي لا أستطيع أن أستيقظ مبكرا بسهولة، وبناء على ذلك أكون متوترا, وأعصابي متعبة، وطاقاتي ضعيفة أثناء الدوام، وعلى مدار اليوم.

عندما أعود إلى البيت من العمل أكون في حاجة شديدة إلى النوم والراحة في فترة العصر، وأكون متعبا للغاية، وكأني شخص عجوز، شخص آخر؛ فأنام 3 أو 4 ساعات لكي أشعر بتحسن وتغير، وأريح أعصابي، وبعد أن استيقظ من هذه الراحة أشعر أني أفضل، وتتجدد طاقاتي، ويتحسن مزاجي، وأشعر أني في حالتي الطبيعية في نفس اليوم، والذي هو شيء عجيب بعض الشيء؛ لكني بالتالي لا أستطيع أن أنام بالليل, وأجد نفسي مستيقظا إلى الساعة 2 و3 صباحا بدون نوم، وأنا يجب أن أستيقظ كل يوم في السادسة صباحا للذهاب إلى العمل، وأشعر كل يوم أنني لا أستطيع الاستيقاظ، وأنني غير نشيط في الصباح.

أفكر كثيرا، وأكون قلقا ومتوترا، وأشعر أني في دوامة، وغير مسترخ على مدار اليوم، وأشعر أن أعصابي متعبة للغاية بدون سبب واضح!

أنا أخذت من قبل العديد من الأدوية, ولكنها إذا أراحتني فإنما تريحني يومين أو ثلاثة، وبعد ذلك أعود إلى نفس الحالة السيئة! لأن التشخيص –للأسف- يكون غير دقيق، وكل طبيب يقول شيئا مختلفا!

أريد -أكرمكم الله- التشخيص السليم لحالتي، والدواء الصحيح والمناسب فعلا لحالتي، من خلال خبرة سيادتكم الكبيرة.

لا أريد العديد من الأدوية، ولكني أريد دواءين أو ثلاثة أشعر بالراحة معهم، والمهم أن يعالجونني من الدوامة التي أنا فيها –والله- كل يوم، وهو شعور صعب للغاية.

أريد فعلا أن أشعر بالنشاط والحيوية على مدار اليوم, وأن أنام نوما صحيا عميقا بالليل، لكي أعمل جيدا, وأبدع في عملي, وأرضي ربي ونفسي، أكرمكم الله.

وشكرا جزيلا لكم .

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ الغامدي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

نشكرك كثيرا على ثقتك في هذا الموقع، ونسأل الله تعالى أن نكون عند حسن ظنك.

أنت أعطيت مؤشرات ممتازة جدا فيما يخص تشخيص حالتك، وهو أنك تعاني من القلق الاكتئابي، هنالك توتر، هنالك عصبية، هنالك قلق، هنالك عسر في المزاج، وهنالك أعراض نفسوجسدية، هذه كلها هي المكونات الرئيسية لما نسميه بالقلق الاكتئابي, أو الاكتئاب القلقي، وهذا يقصد به أنه توجد أعراض قلقية, وتوجد أعراض اكتئابية، ليست بالعمق والشدة، لكنها في ذات الوقت تكون مزعجة لصاحبها.

إذن حالتك ليست مزعجة أبدا، ليست خطيرة أبدا، أقصد بأنها ليست مزعجة بالنسبة لي من حيث التقييم العلمي لحدتها ومآلاتها، وما يمكن أن ينتج عنها، لكنها بالطبع مزعجة بالنسبة لك كأعراض, وأنا أتعاطف معك جدا في هذا السياق، لكني أؤكد لك أنك -إن شاء الله تعالى- في أمان, وكل شيء من تلك الأعراض سيزول.

أولا: أريدك أن تخرج نفسك من نطاق الكدر، وذلك بالقناعة والتفهم الحقيقي أن حالتك بسيطة.

ثانيا: هذه الحالات غالبا ما تكون عابرة، فليس من الضروري أن تكون ملازمة للإنسان مهما طالت.

ثالثا: الإنسان يجب أن يسعى أن يغير ما به، لا يستسلم أبدا، وهنالك أمور بسيطة جدا متى ما أفلح الإنسان في تعديلها, وترتيبها, وتنظيمها فسوف يحدث التغير، وهذا نسميه بتغير نمط الحياة, حياتنا كثيرا ما يكون فيها شيء من الرتابة، شيء من الطقوسية، شيء من فقدان الفعالية، وتجدنا ننتظر التغيرات في حياتنا ولا نسعى لها.

أرجو -أخي الكريم- أن تعذرني إن لم أكن منصفا فيما ذكرت، لكن هذا الذي قلته ينطبق علي وعلى الكثير من الناس, وربما عليك.

إذن تغيير نمط الحياة مهم جدا، وتغيير نمط الحياة يأتي حقيقة من خلال ترتيب الزمن, وإدارته بصورة صحيحة، وهذا -إن شاء الله تعالى- ينتج عنه تغيير, وإدارة الحياة بصورة فاعلة.

أنا دائما أؤمن بأن الصباح هو أفضل الأوقات التي يمكن أن ينجز فيها الإنسان، وهذا مصداقا لما ورد عن نبينا - صلى الله عليه وسلم – أن هذه الأمة قد بورك لها في بكورها، ونحن كثيرا ما نضيع وقت الصباح, ولا نستفيد منه.

الإنسان حين يستيقظ ويؤدي صلاته في وقتها, ويقوم ببعض الأشياء البسيطة في المنزل قبل أن يذهب إلى عمله أو دراسته ويرتب أموره ونفسه، هنا ينشرح صدره؛ لأن البداية كانت صحيحة، وهنا تتولد الطاقات، وهنا يتم التحفيز الداخلي، وأجمل مكافئة ومردود إيجابي يجب أن يأتي للإنسان من نفسه, وليس من الآخرين, وهذا هو الذي يؤدي إلى الشعور بالرضا.

أخي الكريم: أنا أدعوك دعوة صادقة لأن ترتب وقتك على هذا النمط، وإدارة الوقت لا تعني أن نصرف جل أوقاتنا في العمل، لا، هذا ليس صحيحا أبدا، من حق الإنسان أن يستمتع بوقته، يأخذ قسطا كافيا من الراحة، يرفه عن نفسه، يطلع في زيارات، يمارس الرياضة، يقرأ... أشياء كثيرة وجميلة وعظيمة جدا في الحياة إذا أنجزها الإنسان عوائدها وفوائدها كثيرة جدا خاصة على الصحة النفسية, وهذا مهم.

الأمر الثاني وهو الذي أود أن أطمئنك به وأنت طبيب وتعرف -أخي الكريم- أن جسم الإنسان يتكون من أجزاء، والكل دائما أفضل من الأجزاء، والإنسان هو الكل، والأجزاء هي الأجزاء، لحما ودما, وعظاما, ووجدانا, وعواطف, ومركبات فسيولوجية, وكيميائية ... وهكذا, فإذن هذا الكل حين ننظر إليه نظرة صحيحة وإيجابية سوف تتحسن أمورنا كثيرا.

الأمر الآخر -وأنت أيضا مدرك له تماما- عن الدورة النومية وأقسام النوم ومراحله ودرجاته: الأبحاث أثبتت كل ما يتعلق بالنوم بصورة واضحة ونافذة جدا، وفي نهاية الأمر النوم هو خاصية غريزية طبيعية مطلوبة للإنسان, هنالك تفاوتات، وحتى ما هو غريزي وما هو طبيعي وما هو جبلي لا بد أن نمهد له الطريق حتى نستفيد منه بصورة صحيحة، وهذا يعني أن نرتب الساعة البيولوجية ترتيبا صحيحا حتى ننام نوما صحيحا.

والإنسان إذا عانى ليلة أو ليلتين أو ثلاثة فهذا لا يعني أنه سوف يعاني إلى الأبد، ويجب أن لا يبحث عن الحلول السريعة، إنما يبحث عن الحلول القوية الدائمة الوطيدة ذات الفعالية، وذلك من خلال ترتيب ساعته البيولوجية، وهذا يتمثل في ممارسات بسيطة جدا:
1) أن لا تبحث عن النوم، بل دعه يبحث عنك، وذلك من خلال بناء شعور داخلي حول هذا المفهوم.

2) تجنب النوم النهاري.

3) ممارسة الرياضة.

4) عدم تناول الميقظات فترة المساء.

5) تثبيت وقت النوم.

6) الحرص على الأذكار.

7) التفاؤل.

8) الفكر الصافي المبسط الانشراحي, والوجدان الإيجابي حول النوم.

هذا مهم جدا -أخي الفاضل الكريم-.
أما بالنسبة للعلاج الدوائي: فما دام هنالك تشخيص (قلق اكتئابي) فهنالك أدوية مفيدة، والريمارون هو أفضلها بالنسبة لك، وجرعة البداية هي خمسة عشر مليجراما ليلا، تتناولها لمدة شهر، بعد ذلك اجعلها ثلاثين مليجراما ليلا – أي حبة كاملة – استمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم اجعلها خمسة عشر مليجراما – نصف حبة – ليلا لمدة ستة أشهر أخرى.

أضف إلى الريمارون عقار سوركويل (كواتبين) تناوله بجرعة خمسة وعشرين مليجراما ليلا، واستمر عليه.

ولمزيد الفائدة يراجع العلاج السلوكي للقلق: ( 261371 - 264992 - 265121 ).

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات