هل خوفي على فتاة من الإنحراف يبيح لي الكلام معها؟

0 516

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قبل كل شيء يشهد الله أن ما سأذكره ليس تفاخرا ولا تكبرا ولا رياء, وأبرئ نفسي أمامكم وأمام ربي من هذا الفعل, وإنما ذكرته لتكون لدى حضرتكم صورة واضحة شاملة على الموضوع.

أنا شاب في الـ19 من عمري, تعلق قلبي بفتاة أصغر مني بسنتين, أحببتها وكان حبي لها صادقا بريئا ناويا به الستر والزواج, ولكني اكتشفت أن الفتاة -بحكم صغر سنها وضعف إيمانها- متهاونة في أشياء كثيرة كالصلاة وبعض الأشياء الأخرى, بفضل من الله وعونه قدر الله وما شاء فعل فقد أعانني الله على أن أقنعها بالمحافظة على الصلاة وترك أشياء لا ترضي الله كانت تفعلها, كمحادثة شباب على الانترنت وأشياء أخرى كانت بداية لطريق لا يرضاه الله وما إلى ذلك, والحمد الله تبدلت هذه الأشياء إلى أشياء ترضي الله -بفضل الله ورضوانه-.

المهم يا إخوتي أنا أعرف أن علاقتي بها محرمة, وفي نفس الوقت أنا أريد لها الستر والعفة؛ لأني عازم على الزواج منها -بعون الله تعالى- وأنا على يقين أنني لو تركتها في هذا الوقت فسترجع تدريجيا إلى ما كانت عليه؛ لأنه لم يمض زمان على التغيير الذي طرأ عليها, فما الحل يا إخوتي؟

أنا كنت عاقد العزم على أنني أول ما أتأكد من أنها تستطيع أن تكمل بنفسها ولا ترجع إلى ما كانت عليه سأفهمها الموضوع وأقول لها إن علاقتنا محرمة, ويجب أن نترك كلامنا هذا إلى أن تكون بيننا كلمة رسمية ترضي الله وأنني سأخطبها بإذن الله تعالى في السنوات القادمة ولن أنظر لغيرها.

فيا إخوتي أرجوا إعطائي دليلا إلى الشيء الذي يمكن أن يضمنها لي -ولا ضامن غير المولى عز وجل- لكن بحكم صغر سني وسنها وقربنا من بعض لا أريد أن أفكر بزوجة غيرها, وأيضا خائف من أن يتقدم لخطبتها أحد أكبر مني وأقدر مني على زواجها في السنين القادمة وأهلها يوافقون عليه, وأنا أريدها بشدة أن تكون معي في باقي حياتي, وفي نفس الوقت أنتم أدرى مني بالمشاكل التي تكون قبل الزواج التي تواجه الشباب, من عدم توفر مكان للسكن والوظيفة وغيره.

لو تعطوني أي دعاء أو ترشدوني لأي عمل أو لأي شيء أفعله كي لا أعتبر أنني متهاون وغير جدي في هذا الموضوع, وأريد منكم حلا أو نصيحة لمشكلتي وللموضوع كله حتى أستفيد به, وكيف أدعو الله أن يرزقني زوجة في المستقبل, وشكرا لكم وبارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مصطفى حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فمرحبا بك أيها الولد الحبيب في استشارات إسلام ويب. نسأل الله تعالى لك التوفيق والنجاح في حياتك، وأن يقدر لك الخير حيث كان ويرضيك به.

نحن نشكر لك أولا أيها الحبيب حرصك على استقامة هذه الفتاة، ولكننا في الوقت نفسه لا نوافقك على الطريقة التي سلكتها لتحصيل هذا المقصود. نحن ندرك حسن نيتك وإرادتك للخير، ولكننا نحذر ونخاف عليك من استدراج الشيطان، فإن الله تعالى حذرنا جميعا من اتباع خطوات الشيطان وقال لنا في كتابه الكريم: { يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر} فهو بلا شك يحاول تزيين بعض الأعمال وتحسينها في أعيننا، ليجرنا من ورائها إلى ما هو قبيح.

وليس ثم فتنة يخاف عليها من الرجل أكثر من فتنته بالمرأة، ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء) ومن أجل حماية الإنسان – رجلا أو امرأة – من هذه الفتنة جاءت الشريعة بجملة من الآداب والأحكام التي يجب على المسلم والمسلمة الوقوف عندها والتزام حدودها، وفي ذلك إرضاء لله عز وجل أولا، وصيانة للنفس من الوقوع في ما حرم الله تعالى.

ومن هذه الأحكام أيها الحبيب: تحريم نظر الرجل للمرأة الأجنبية، فقد قال سبحانه وتعالى: { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم} وأمر المؤمنات بنفس التوجيه فقال: { وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن}.

ومن هذه الأحكام: تحريم الخلوة بالمرأة الأجنبية، فقال عليه الصلاة والسلام: (لا يخلون رجل بامرأة إلا كانا ثالثهما الشيطان)، وقال: (لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم).

ومن ذلك أيضا: تحريم خضوع المرأة بالقول مع الرجل وحديثها له بكلام قد يؤدي إلى الفتنة، فقال سبحانه وتعالى: { فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض}.

ومن ذلك: وضع الحجاب من المرأة أمام الرجل الأجنبي، وتحريم لمس الرجل للمرأة الأجنبية، فقال صلى الله عليه وسلم: (لأن يضرب في رأس أحدكم مخيط من حديد خير له من أن يمس يد امرأة لا تحل له) أو كما قال صلى الله عليه وسلم.
كل ذلك أيها الحبيب حماية لنا من أن نقع في حبائل الشيطان وشراكه، فنندم حين لا ينفع الندم.

ولذا فأول وصيانا لك وهي وصية من يحب لك الخير ويتمنى لك النجاح:
أن تجاهد نفسك للوقوف عند حدود الله تعالى في هذه القضايا، وأن تقطع علاقتك بهذه الفتاة بالكلية، وحرصك على استقامتها وثباتها على الاستقامة أمر حسن، ولكن لا ينبغي أبدا أن تسمح للشيطان أن يجرك من خلاله إلى ما لا يحمد. فحاول أن تدل هذه الفتاة على محارمك وذلك بأن تخبر قريباتك كأخواتك (عماتك، خالاتك) بحال هذه الفتاة، ليتوصلن معها ويسلطن عليها بعض الصالحات، وبهذا تكون صنت نفسك وأوصلت هذه الفتاة إلى الخير.

أما تعلقك بها أيها الحبيب فنصيحتنا لك أن تجاهد نفسك لقطعه عن قلبك بقدر الاستطاعة، فإنك بالتمادي في هذا التعلق تفتح على نفسك بابا من العناء قد لا تقدر بعد ذلك على سده، وأنت لا تدري هل يقدر الله تعالى لك الزواج بها أو ربما يكون الخير لك في غيرها، فربما تحرص على شيء والله عز وجل بعلمه ولطفه وحكمته يقدر لك أمرا آخر لأنه أعلم منك بما يصلحك وأرحم بك من نفسك، ولذا قال سبحانه وتعالى: { وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون}.

فنصيحتنا لك أن تتناسى هذه الفتاة لاسيما وأنت لاتزال في سن مبكرة نوعا ما، وأمامك مراحل ومهام ينبغي أن تجمع همتك على تحصيلها كاستكمال الدراسة والبحث عن العمل المناسب، وبعدها كن على ثقة أنك ستبني حياتك بناء صحيحا، وستتخير الفتاة المناسبة لك في ذلك الزمن وفي تلك الساعة، وهذا هو الأسلوب الصحيح الذي ينبغي أن تبني عليه حياتك.

وخير ما نوصيك به أيها الحبيب: التعرف على الشباب الصالحين، وإدماج نفسك في برامجهم والإكثار من مجالستهم لتملأ فراغك، واشغل نفسك بالنافع من أمر دينك ودنياك.

نسأل الله تعالى لك التوفيق لكل خير، وأن يقدر لك الخير حيث كان وييسره لك.

مواد ذات صلة

الاستشارات