السؤال
لدي خوف اجتماعي منذ فترة طويلة، وبدأت حالتي تتحسن بشكل كبير بعد أن نصحتني في استشارة سابقة بالسيروكسات، التحسن بدأ في 6/11/2011، ولكن خلال شهر ديسمبر حصلت لي عدة انتكاسات، عودة الخوف والاكتئاب على أيام متباعدة، فكنت كلما تحصل الانتكاسة أزيد جرعة الدواء فتتحسن حالتي، بدأت بـ 20 ملجم (سيروكسات) ثم 30 ملج، ثم 40 ملج، ثم أضفت (تراذدون) 50 ملج، ثم 100 ملج، ثم 150 ملجم، وحاليا آخذ 40 ملجم (سيروكسات) و 150ملج (تراذدون) وحالتي مستقرة الآن 50 ملج (sulpiride).
سؤالي: هل أحسب مدة الستة أشهر العلاجية من 6/11 أم من تاريخ آخر انتكاسة؟ مع العلم أني لم أتوقف عن تناول الدواء وملتزم بتناوله.
أنا لا أستطيع (الفصال) عند الشراء، كشراء الملابس مثلا، ولا أحب أن أنخدع، فهل من الممكن تبسيط هذا الموقف لي، وإعطائي بعض النصائح لتعزيز قدرتي على مواجهته، وأريد بعض النصائح عن المهارات الاجتماعية ما هي وكيف أكتسبها؟
هل البرمجة اللغوية العصبية علم حقيقي أم زائف؟ وهل اللاوعي يلعب دورا كبيرا في تفكيرنا سواء السلبي أو الايجابي؟ وهل بترديد بعض العبارات الإيجابية
بصوت عال، وبتكرارها تثبت في المخ؟ وما رأي الطب النفسي في اللاوعي؟ وما فائدة أخذ piracetam لعلاج ضعف الذاكرة الذي سببه لي القلق؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سائل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فأشكرك على ثقتك في إسلام ويب، وفي شخصي الضعيف، وأسأل الله لك العافية والمعافاة.
أنت الآن تتناول (الزيروكسات) ومعه (الترازدون) وكلاهما أدوية فاعلة وممتازة، أسأل الله تعالى أن ينفعك بهما، التحفظ الوحيد من قبلي هو أن جرعة (الترازدون) ربما تكون عالية بعض الشيء، خاصة أن (الترازدون) دواء لا يعتبر من الأدوية التي تسترجع (السيروتونين) انتقائيا، هو أقرب إلى مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات، لذا لا يفضل أن يتم تناول هذه الأدوية بجرعات عالية مع عقار مثل (الزيروكسات) والذي هو في الأصل دواء يسترجع (السيروتونين) انتقائيا، فلا توجد خطورة أخي الفاضل، لكن الأفضل والأسلم هو أن تجعل جرعة (الزيروكسات) أربعين مليجراما في اليوم، وتجعل (الترازدون) مائة مليجرام في اليوم، ولا مانع أبدا من أن تتناول (السلبرايد).
أنا سعيد جدا أن حالتك متحسنة، والنوبات البسيطة من خوف واكتئاب يجب أن لا تسبب لك أي نوع من الإحباط، هي أمور عادية، جميع الناس تأتيهم هذه النوبات، لكن الإنسان يتخطاها بالإصرار والإرادة والتفكير الإيجابي وصرف الانتباه عنها.
أنا أفضل أن تحسب فترة الستة أشهر من تاريخ آخر انتكاسة، ونحن حين نتحدث عن ستة أشهر لا نعني أن هذه المدة مدة قطعية، هي مدد تقريبية وتقديرية، وتعتبر في جميع الحالات هي الفترات الدنيا، هنالك من يتطلب فترة أطول لأن يظل على الجرع الوقائية، ولا بأس في ذلك أبدا، لأن هذه الأدوية سليمة جدا بفضل من الله تعالى.
فيما يخص ما قلت أنك (لا تستطيع الفصال عند الشراء كشراء الملابس مثلا) لا أريد أن أجاملك، لكني أنا كذلك من الذين لا يستطيعون المفاصلة كثيرا، أو لا أحبذ ذلك، لذا كثيرا ما ألجأ إلى الأماكن التي تكون فيها الأسعار ثابتة، لكن هذا لا يعني أن يكون الإنسان مستسلما للبائعين، خاصة إذا لم يكن مطمئنا لصدقهم وأمانتهم.
عموما: هذا الموضوع يجب أن لا يشغلك كثيرا، وأنا أعتقد أنه جزء مما سميته بضعف المهارات الاجتماعية، والمهارات الاجتماعية هي أمور بسيطة جدا، أهمها: كيف نحيي بعضنا، هذه أهم مهارة اجتماعية، ويبدأ بها الإنسان حديثه مع الناس، والإسلام علمنا ذلك كثيرا كما علمنا كل شيء، لم يدع واردة ولا شاردة إلا علمنا إياها، نبدأ بالتحية، وأن نعرف أن تبسمنا في وجوه إخواننا صدقة عظيمة، وأن نرد التحية بأفضل وأحسن منها، قال تعالى: {وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها} هذه مهارة رائعة، درب نفسك عليها، أن نشارك الناس في أفراحهم وأتراحهم مهارة عظيمة.
أن نأخذ المبادرات حتى في الأمور البسيطة: زيارة الأرحام، إجابة الدعوة، مساعدة الضعيف، عيادة المريض، اتباع الجنائز، والانخراط في العمل الخيري، هذه أليست مهارات؟ هي مهارات اجتماعية كبيرة جدا، وهذه تفتح لك مهارات أكثر، مثلا أن تكون أنت المبادر بأن تشكل جمعية خيرية بسيطة في حيك، أو تكون هنالك آليات لأن يلتقي الشباب مرة أو مرتين مثلا على كوب شاي أو مناقشة موضوع معين، أو تلاوة شيء من القرآن، هذه كلها مهارات، ومن يحرص عليها يجد أنه فعلا قد تطور.
هنالك أمر مهم جدا وهو المعرفة، لا يستطيع الإنسان أن يكون ماهرا دون معرفة، ففاقد الشيء لا يعطيه، والمعرفة تأتي من خلال مجالسة العلماء والصالحين والاطلاع السوي من المصادر العلمية الرصينة، وإجادة العمل هي مهارة، والإتقان هي مهارة، كل هذا في ديننا وحثنا عليه، (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه)، (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف)، (رحم الله رجلا سمحا إذا باع سمحا إذا اشترى).
أما في موضوع البرمجة العصبية اللغوية، فليس من حقي أن أحقرها، أو أن أقول أنها علمية، أو غير علمية، فيها شيء من العلمية، ولكن ليس كلها، وهي تعتمد على الأمور المعرفية.
أما بالنسبة فيما يختص باللاوعي: فهو تقدير نسبي، ركز عليه أصحاب المدرسة التحليلية كثيرا، هل هو موجود أم غير موجود؟ الأغلب أنه موجود؛ لأن تصرفاتنا كثيرا لا تكون مرتبطة بوعينا، خاصة في بعض الأمور، وهنالك من قال أن اللاوعي هو عبارة عن مخزن كبير نرمي فيه الصالح والطالح، ما نحب وما نكره، ما نقبله وما نرفضه، ونأخذ ما نشاء حين نريد، وهكذا.
الموضوع طويل وفيه لمحات فلسفية وتحليلية وسلوكية وتباين الآراء هو أمر معروف ومقبول في مثل هذه الظواهر التي اختلط فيها العلم بالخيال، والواقع بالخيال أيضا، وأعتقد أن هذا يكفي تماما فيما يخص هذا الموضوع.
أما بالنسبة لسؤالك حول (piracetam ) والذي يعرف تجاريا باسم (نتروبيل) هو دواء أيضا دارت حوله الكثير من الاختلافات العلمية، فهنالك من يرى أنه دواء فعال جدا ولا شك في جدواه الطبية والعلاجية، عموما أستطيع أن أقول أن الرأي الأرجح هو أنه يفيد في حالة ضعف الذاكرة البسيطة لدى كبار السن، كما أنه يحسن من المقدرات المعرفية لدى الذين يعانون من تخلف عقلي من النوع البسيط، الدواء أيضا يستعمله كثيرا أطباء الأنف، والأذن والحنجرة لعلاج الدوار أو الدوخة، وكذلك الصداع البسيط، وفيما يخص فعاليته لعلاج تشتت التركيز الناتج من القلق أو الاكتئاب، فليس هنالك ما يثبت علميا جدواه لعلاج هذه الحالات.
والعلاج الأفضل والفعال هو التخلص من القلق بالوسائل السلوكية وكذلك الدوائية، و(التراسيتام) يعمل من خلال تحسين ضخ الدم ما بين الخلايا الدماغية، وهذا له أثر إيجابي للموصل العصبي في الدماغ.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.