السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل الجماع والإحساس (بالأورجازم) يمكن أن تتسبب في وفاة الجنين في الأسبوع ال 37 ؟
لأن ابني توفي في أول الأسبوع ال 37 ، وكنت بخير ولم يكن يوجد أي شيء ينبئ بذلك، وفجأة بعد ما حصل جماع بيني وزوجي ثاني يوم بأن الجنين توفي!
هل هذا هو السبب؟ والدكتورة أرجعت السبب لتجلط في الدم وسد المشيمة، وقد قمت بعمل فحوصات كثيرة للدم، وكله سلبي لا أعاني من أي شيء، أحس أن هذا هو السبب، وأحس أني أنا الذي أتسبب في ذلك!
ماذا أعمل لأجل يبتعد عني الإحساس بالذنب؟
وشكرا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سها حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
عوضك الله بكل خير وجعل صبرك واحتسابك في ميزان حسناتك إن شاء الله.
أتفهم مشاعرك يا عزيزتي, وأحب أن أقول لك بأن ما يجول في خاطرك من شعور بالذنب وتأنيب الضمير هو أمر متوقع وطبيعي، في هذه المرحلة من مراحل التأقلم مع حدث كهذا, أو مع أي ظرف مشابه.
بعد حدوث أمر محزن, فالطبيعي أن يمر الإنسان بعدة بمراحل من المشاعر النفسية المختلطة, تهدف كلها إلى جعله يتخطى الصدمة ويتأقلم مع الواقع، وما تعانين منه الآن من شعور بالذنب هو أحد مراحل التأقلم, لكنه يجب أن لا يدوم طويلا.
ولقد تصرفت بحكمة كبيرة ووعي حين عرضت سؤالك علينا، وطلبت المساعدة, فهذه هي أهم خطوة ستساعدك, إن شاء الله, في تجاوز هذا الظرف, حيث يكون الإنسان خلالها بحاجة لأن يفرغ مشاعره، وبحاجة لمن يشاركه أفكاره، ولمن يقدم له النصيحة الصحيحة والدعم المعنوي والنفسي، ليستمر في حياته، فيما بعد بالشكل الطبيعي, إن شاء الله.
أحب أن أؤكد لك بأنه لا علاقة للجماع ولا للشعور بالذروة أو (الأورجازم) بما حدث.
الذروة عند المرأة هي عبارة عن بضع انقباضات خفيفة وقصيرة جدا, وتحدث في عضلات صغيرة حول فتحة المهبل، وبعيدا عن الرحم, وإن كان الجنين لن يتحمل هذه الانقباضات الضعيفة والبعيدة عنه، فكيف سيتحمل تقلصات الولادة الشديدة والطويلة والتي لا تزول حتى بالمسكنات القوية؟!
الجنين ليس مخلوقا هشا كما يعتقد, بل هو مخلوق كامل قد أودعه الله عز وجل قوة عجيبة تفوق تصورنا, وحفظه في قرار مكين, وصدق الله العظيم قال في محكم كتابه الكريم ( ألم نخلقكم من ماء مهين, فجعلناه في قرار مكين, إلى قدر معلوم).
لك أن تتصوري أن قوة الشد التي نطبقها على الرأس عند الولادة تعادل تقريبا قوة شد كافية لجر 10 كلغ, ورغم ذلك يتحملها رأس ورقبة الجنين, ويخرج يصرخ وبصحة جيدة بإذن الله.
الجماع سواء ترافق بالذروة أم لم يترافق, لا يمكن أن يسبب وفاة الجنين إلا في حالة واحدة وهي إن حدث معه رض قوي على بطن الأم, حيث قد يؤدي هذا الرض إلى انفصال في المشيمة, وبالطبع هذا سيحدث علامات واضحة لن تخفى على الطبيبة, وستظهر على الأم وأهمها حدوث الألم البطني، وحدوث النزف الشديد، مع تشكل خثرات كبيرة خلف المشيمة، كقطع الكبدة, وهذا ما لم يحدث عندك.
الحقيقة أن الكثير من حالات الوفاة المفاجأة للجنين تحدث بدون أن نعرف السبب, ولكني أود أن أذكر هنا معلومة هامة لك ولأخواتي وبناتي السائلات, وهي أن الكثير من التشوهات الصبغية والأمراض الاستقلابية (كنقص الانزيمات والخمائر ) قد تكون هي السبب, لكن لا يتم تشخيصها دائما, بل تمر بدون معرفتها, وذلك لأنها تتطلب مختبرات، وتحاليل دقيقة، قد لا تتوافر في كثير من المراكز الطبية, وكذلك لأن الجنين يكون طبيعيا تماما في هذه الحالات المرضية من الناحية الظاهرية فلا يتم الشك بها أصلا.
لذلك هوني عليك يا عزيزتي, فاحتمال أن يكون قد تحدث تجلطا في أوعية المشيمة هو وارد, حتى لو كانت التحاليل عندك سليمة, فهذا قد يحدث أحيانا, كما أن احتمال أن يكون الجنين به عيب خلقي صبغي أو استقلابي هو أيضا وارد جدا, ولا يمكن نفيه لمجرد أن شكل الجنين الخارجي طبيعي.
لعلها رحمة من رب العالمين عز وجل بك أنت أن توفاه, حتى لا تسبب لك رعاية طفل مريض العناء والمشقة في حياتك, فأراد الله أن يخفف عنك.
يجب أن يكون يقينك كبيرا بأن الله عز وجل يختار لنا الخير دائما, وهو ألطف منا بأنفسنا, ونحن كبشر لا نعلم الغيب, ولكننا يجب أن نؤمن دوما بأن الخيرة فيما اختاره الله جل وعلا.
نرجو الله العلي القدير أن يديم عليك ثوب الصحة والعافية دائما.