أشعر بالخوف الشديد والخجل من الكلام أمام الجمهور.

0 476

السؤال

الدكتور الفاضل محمد عبد العليم: جزاكم الله خيرا على ما تقدمونه للمسلمين.

أشعر بالخوف الشديد والخجل إذا أردت أن أتكلم، أو أثناء كلامي عند الجمهور، خاصة إذا كان جمهورا كبيرا من الناس، وهذه المشكلة ليست طارئة لي الآن، بل إني أعاني منها منذ أن كنت في المدرسة، حتى أني لا أستطيع أن أسأل المدرس سؤالا داخل الفصل أمام أصدقائي خوفا من أن أخطأ أو أفقد التعبير، ولو سألني المدرس عن سؤال فجأة أجد نفسي مرتعبا وخائفا، وربما لا أستطيع أن أجيبه إجابة تامة، أو أفقد التعبير، ولو أجبته صاحبني خوف شديد ورجفة، وتسارع في دقات القلب، وكذلك نفس الحالة لازمتني وأنا الآن في جامعة الأزهر، فأرى زملائي يسألون ويناقشون مع الدكتور بشكل عادي، وأنا أظل سامعا فقط، لا أستطيع أن أسأل، وأحيانا أكون بحاجة إلى السؤال، ولا أسأل خوفا أن أخطأ أو أفقد التعبير، وإذا تكلمت أصابني خوف شديد ورعب وتوتر أحس به داخل صدري أو قلبي.

أرجو من سيادتكم أن تعينوني في التغلب على هذه المشكلة الكبيرة، وخاصة أني الآن في غربة بعيدة عن وطني، ربما يساعدني هذا العامل على التغلب على هذه المشكلة، خاصة أني في كلية التربية، فكيف إذا تخرجت -إن شاء الله- أستطيع أن أربي جيلا سليما، أو أدرس وأنا في ظل هذه المعاناة الشديدة، -والحمد لله- أنا طالب مجتهد وطموح، أطمح بطموحات كبيرة جدا، أريد أن أحققها في المستقبل، لكن هذه المشكلة هي التي تقف عائقا بيني وبين تحقيق أحلامي.

أسأل الله تعالى أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال، ويدخلكم الفردوس الأعلى، وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فنشكرك على تواصلك مع إسلام ويب، وأسأل الله تعالى أن يسدد خطاك في دراستك، وأن يجعلك من المتميزين والمتفوقين لخدمة أمتك.

أتفق معك بأن الخوف الاجتماعي -أو ما يسمى بالخجل الاجتماعي- يسبب الكثير من الإحراج والضعف النفسي للإنسان، بالرغم من أن هذه الحالة ليست بهذه الخطورة التي يتخيلها الكثير من الناس، والأبحاث تدل بأن أربعين إلى خمسين بالمائة من حالة الرهاب الاجتماعي تبدأ في فترة الطفولة، خاصة في فترة الالتحاق بالمدرسة لأول مرة، والحالة أؤكد لك أنها ليست خطيرة، وتعتبر سلوكا مكتسبا، والمنطق النفسي يقول أن كل ما تم اكتسابه أو تعلمه يمكن أن يفقد من خلال الاكتساب أو التعلم المعاكس، وأهم خطوة في العلاج هي تصحيح المفاهيم، وأقصد بتصحيح المفاهيم هو أن تعرف أنك لست بأقل من الآخرين، هذا أولا.

ثانيا: ما يأتيك من مشاعر داخلية هي تجربة شخصية جدا لا يطلع عليها بقية الناس، كما أن أداءك أمام الآخرين هو أفضل مما تتصور، هذه الحقائق لا بد أن تدركها وتركز عليها وتتفهمها، لأنها من المؤهلات العلاجية الرئيسية.

ثالثا: تسارع ضربات القلب عند المواجهة والشعور بالخوف الشديد ناتجة من تغير فسيولوجي يحدث في الجسم تلقائيا، حيث إنه توجد مادة تعرف باسم (أدرنالين) يتم إفرازها بكميات أعلى من المعدل المطلوب مما ينتج عنه التعرض للتغيرات الفسيولوجية الشديدة.

رابعا: لا بد أن تحقر فكرة الخوف، وتحقيرها يعني صرف الانتباه عنها، تجاهلها، وعدم الاهتمام بها، وأن تقارن ما بينك وبين الآخرين، وتقول (أنا لست بأقل منهم) وأن تعرف أنك إنسان لا بد أن تتفاعل اجتماعيا مع بقية البشر، والناس سواسية، مهما علا شأن البعض، وكانت لهم حظوظ في الدنيا، فهم في نهاية الأمر بشر يأكلون ويشربون، وينامون، ويتغوطون، ويمرضون، ويموتون، هذا المفهوم مهم جدا لكي نستوعبه، ولا يعني أبدا أننا نحقر الناس، على العكس تماما، ننزلهم منزلتهم وإنسانيتهم وطبيعتهم البشرية، وفي ذات الوقت نقدرهم ونحترمهم.

خامسا: أن تلجأ إلى ما نسميه التعرض أو التعريض في الخيال، فهذا علاج سلوكي بسيط، ولكنه جيد إذا طبق بجدية، اجلس على كرسي مريح في مكان هادئ، وتصور نفسك أنك تقدم عرضا علميا مهما أمام أساتذتك في جامعة الأزهر، وطلب منك المناقشة لأطروحة معينة، عش هذا الخيال لمدة لا تقل عن ربع ساعة، خيال تعرضي آخر هو أن تتصور أنه قد طلب منك أن تصلي بالناس، أو تخطب فيهم، هذا نوع من التعريض في الخيال، ومهم، وأنا أعتقد أنه أمامك فرصة عظيمة للتغير، لأنك سوف تعود إلى تشاد، ولا شك أن تأهلك في الأزهر الشريف سيكون زادا وعدة قوية لك لتساعد الآخرين على المستوى العلمي والدعوي.

أريدك أيضا أن تمارس رياضة جماعية مع زملائك ككرة القدم مثلا، حاول أيضا دائما أن تكون في الصفوف الأمامية، حين تقابل الآخرين ابدأ دائما بالسلام، تبسم في وجوه إخوانك، هذه كلها مهارات مهمة ومفيدة.

الجزء الأخير في العلاج وهو الأهم، هو العلاج الدوائي، وأبشرك أنه توجد أدوية ذات فعالية وتميز خاص في علاج الرهاب الاجتماعي، وبما أنك تعيش الآن في مصر فيوجد دواء يعرف تجاريا باسم (مودابكس) ويسمى علميا باسم (سيرترالين) أرجو أن تتحصل عليه من الصيدليات حيث إنه لا يتطلب وصفة طبية، وابدأ في تناوله بجرعة حبة واحدة ليلا بعد الأكل، استمر عليها لمدة شهر، بعد ذلك اجعلها حبتين في اليوم، يمكن أن تتناول حبة ظهرا وحبة ليلا، استمر على هذه الجرعة لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفض الجرعة إلى حبة واحدة يوميا لمدة ستة أشهر، ثم اجعلها حبة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء. هذا هو العلاج الرئيسي وهو دواء سليم وممتاز جدا.

يوجد دواء ثانوي يعرف باسم (إندرال) أريدك أيضا أن تتناوله بجرعة عشرة مليجرام صباحا ومساء لمدة شهر، ثم عشرة مليجرام صباحا لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناوله، هذه الأدوية مهمة، فاعلة، ممتازة، وأسأل الله تعالى أن يجعل لك فيها الخير والعافية والشفاء، ونشكرك على الثقة في إسلام ويب.

مواد ذات صلة

الاستشارات