السؤال
السلام عليكم.
بدأ الشك والهاجس في قلبي بعد أن قرأت عن التوحد بالصدفة، وبدأت بوضع ابني تحت عيني للملاحظة، ابني أتم سنة ونصف -ولله الحمد والمنة- يلعب بكل الألعاب، يركب ويفك المكعبات، يقول: بابا، ويقلدني عندما أقول له: (هسسس)، يحب الخروج، يبكي أذا أمسكت يده، في الحديقة يحب أن ينطلق لوحده، لكن يطمئن لوجودي خلفه، يخاف من السقوط من على الدرج، يحب الاختلاط بالأطفال كثيرا، لكن وجدته ينظر بطرف عينه، ويدور حول نفسه، ويتجاهلني في بعض الأحيان عندما أنادي عليه، لكنه يعرفني ويعرف أمه، ويخاف الغرباء، ويحب الأطفال، وفي ذات الوقت كثير الحركة خارج المنزل.
أرجو الإفادة: هل هذه أعراض توحد؟ وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ يوسف حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فلا شك أن متلازمة التوحد قد أثارت الذعر في نفوس الناس، خاصة خلال الأعوام الأخيرة، بالرغم من أن هذه المتلازمة والتي كانت تعرف بمتلازمة (كنر) حيث أنه قد وصفها البروفسير كنر عام 1946، بالرغم من كل هذه السنوات، إلا أن الاهتمام بها في الآونة الأخيرة قد تطور جدا، وما وصفه البروفسير كنر في ذلك العام لم يضف له الكثير في وقتنا هذا، لكن بالطبع أصبح هنالك تفهم أكثر لمسببات هذه الحالة، كما أن طرق العلاج قد تطورت جدا.
أيها -الفاضل الكريم-: توجد متلازمة أخرى تعرف باسم متلازمة (أسبيرقر) وهي قريبة من التوحد، لكن الجانب اللغوي لدى الطفل يكون جيدا ومتطورا، ابنك كما يتضح لي لا يحمل السمات التي تشير على أنه يعاني من التوحد أو من متلازمة أسبيرقر، الطفل يتفاعل وجدانيا وهذا مهم، اللغة بدأت عنده، وما ينطق به الآن يناسب عمره تماما، الطفل يقوم بتركيب وفك المكعبات، ومن وجهة نظري هذا دليل على مقدراته، ولاشك في ذلك، أعرف أنك متوجس حول الطريقة التي ينظر بها الطفل، وأنه يدور حول نفسه ويتجاهلك في بعض الأحيان، هذا يحدث من الأطفال، والدوران حول النفس قد يكون نوعا الطقوس الوسواسية التي نجدها عند بعض الأطفال، فلا أرى أن ابنك يعاني من متلازمة التوحد أو ما شابها، ولا أعتقد أنه يدخل في طيف التوحد، الآن هنالك حديث كثير عن التوحد كجوهر مرضي، وعن طيف التوحد، وهي حالات بسيطة أو متوسطة، يحمل الطفل فيها بعض صفات التوحد، وليس كلها، وهؤلاء بالطبع يستجيبون للعلاج بصورة ممتازة أكثر من الأطفال الذين لديهم طيف التوحد المطبق الكامل.
أنا أقدر مشاعرك جدا وأتعاطف معك، لكن أرجو أن تقتنع أنه بفضل الله بحالة طيبة، وكما يبدو لي أن ابنك لا يعاني من هذه المتلازمة، ولكن هذا لا يعني أبدا أن لا تراقب الطفل أو تعرضه على أحد المختصين حتى يطمئن قلبك، ومن المتفق عليه أن متلازمة التوحد يجب أن لا تشخص قبل مرور ثلاثين شهرا من عمر الطفل، طفلك -إن شاء الله بخير-، وسوف يظل على خير.
أشكرك كثيرا على التواصل مع إسلام ويب.