وسواس قهري أتاني بعد دخولي للمواقع الإلحادية؛ فما العلاج؟

0 480

السؤال

السلام عليكم.

منذ أكثر من شهرين وأنا أعاني من أفكار لا أستطيع مقاومتها, أصبت بهذه الوساوس بعد دخولي إلى مواقع إلحادية, فأصبحت تراودني أفكار مثل: من خلق الله؟ لم خلقنا؟ تراودني أفكار سيئة تجاه الملتزمين, أصبحت أفكر في الانتحار, في كل مرة أودع فيها أحد إخوتي تراودني فكرة أنها آخر مرة سوف أراه فيها, وعدة أفكار, أعلم أنها سخيفة, ولكن لا أستطيع مقاومتها, أخاف أن أكون كفرت, أو أظل الطريق من شدتها, فقدت كل إحساس بحلاوة الحياة, عمري 24 سنة طولي 185 cm نقص وزني من 100 كغ إلى 90 كغ في هذين الشهرين, أعيش حياة مكتئبة، أثرت في والدي وإخوتي.

كيف أنهي هذه الأفكار من فضلكم؟ وهل يمكن أن يعالج هذا المرض دون أدوية؟ ولماذا أصبت بالوسواس مباشرة بعد دخول الموقع الإلحادي؟ وأصبحت أخاف من الكمبيوتر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ majid حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإن الوساوس الفكرية القهرية منتشرة جدا، والوساوس في الأصل هي نوع من القلق النفسي الخاص، وقد يظهر في شكل فكرة, أو فعل, أو اندفاعات, أو صورة ذهنية, أو مخاوف, أو أفعال طقوسية رتيبة تفرض نفسها على الإنسان, وتتسلط عليه, وتستحوذ على فكره, وتكون ملحة جدا, يحاول الإنسان أن يطردها, لكنه يجد صعوبة في ذلك, وقد يصاب بالقلق.

الوساوس تتصيد الناس في الأشياء العزيزة عليهم، الأشياء الخاصة جدا، لذا نجد الوساوس الدينية منتشرة, وتوجد أيضا وساوس التخوف من الأوساخ, والإسراف في النظافة، والوسواس الجنسية أيضا منتشرة.

حالتك مباشرة جدا، من الواضح أنه لديك الاستعداد المتعلق بشخصيتك؛ لأن تصاب بالقلق, وأن تصاب أيضا بالوساوس، وأنت حين بدأت الدخول على هذه المواقع الإلحادية هذا أصبح عاملا لإثارة الوساوس، ويعرف أن الوساوس في الأصل شكوك, ولا شك أن هذه المواقع الإلحادية من أهدافها أن تقنع الناس بالأفكار الكفرية والإلحادية، لذا أنت شخص لديك الاستعداد للوسوسة في الأصل، وتعرضت لهذه المواقع، وهذه نسميها بالمثيرات، والرابط النفسي واضح جدا.

العلاج يتكون من علاج سلوكي, ومن علاج دوائي، وكلاهما يجب أن يكون هنالك التزام قاطع بهما.

أولا: أنصحك بأن تستعيذ بالله تعالى من الشيطان الرجيم، اجعله يخنس، اجعله يذهب.

ثانيا: الوساوس من هذا النوع تعالج سلوكيا من خلال الإغلاق عليها، لا تناقش الفكرة, وحتى الحديث النبوي واضح في هذا السياق, فقد ورد فيما معناه أن الرسول -صلى الله عليه وسلم– قد ذكر بأن الشيطان يأتي إلى أحدكم, ويقول من خلق كذا من خلق كذا، حتى يقول من خلق ربك، فإن كان هكذا فليستعذ الإنسان بالله تعالى من الشيطان الرجيم ولينتهي، وليس أكثر من ذلك، وهذه إشارة قوية جدا لئلا تدخل في أي نقاش حول هذه الأفكار، لا تخضعها أبدا للمنطق؛ لأن إخضاعها للمنطق -وهي غير منطقية بالطبع- سوف يولد وساوس وأفكارا جديدة، وعلاجها الانتهاء والإعراض عنها.

هذه الوساوس تعالج أيضا بما نسميه بإيقاف الفكرة، وهذا تمرين نفسي بسيط جدا، فحين تأتيك هذه الفكرة: خاطب الفكرة مباشرة (قف قف قف) خاطبها بعزيمة وقوة وتركيز، والمخاطبة الثانية لهذا النوع من الأفكار هي (أنت فكرة وسواسية لعينة حقيرة، أنت فكرة وسواسية لعينة، لن أناقشك أبدا، لن أعطيك أي نوع من الاعتبار) هذا يكفي تماما.

وهنالك تمرين سلوكي ثالث وهو: أن تربط الفكرة الوسواسية بنوع من المنفر أو المقزز، مثلا حين تتسلط عليك الفكرة اربطها بحدث مؤلم في الحياة، تذكر أي حدث مؤلم، وحاول أن توثق الربط بين الاثنين (الفكرة الوسواسية، والحدث المؤلم) يجب أن يكون التفكير من هذا النوع لمدة عشر دقائق على الأقل مرتين في اليوم.

وهنالك تمرين آخر – تمرين عملي بسيط لكنه مفيد جدا – وهو أن توقع نوعا من الألم الجسدي على نفسك، مثلا استجلب هذه الفكرة الوسواسية حتى وإن لم تأتك، وفي نفس الوقت قم بالضرب على يدك بقوة وشدة حتى تحس بألم شديد, هذا التمرين يكرر عشر مرات متتالية، والقصد والهدف من ورائه هو أن الربط بين الفكرة الوسواسية وإيقاع الألم الجسدي على النفس يؤدي إلى ما يعرف بفك الارتباط الشرطي، وهذا يجعل الفكرة الوسواسية تضعف وتتلاشى بإذن الله تعالى.

فيما يخص المواقع الإلحادية: لا أرى أن من الحكمة أن ترتاد هذه المواقع، لا خير فيها، هي كلها سخف وفكر حقير منحط لا يقوم أبدا على أي نوع من الأساس العلمي، فإني أنصحك –أخي- بتجنبها.

أيها الفاضل الكريم: العلاج الدوائي مهم جدا لك، والعلاج الأفضل هو عقار يعرف باسم بروزاك، أرجو أن تتناوله بجرعة كبسولة واحدة في اليوم لمدة شهر، ثم اجعلها كبسولتين في اليوم لمدة ستة أشهر، ثم كبسولة لمدة ستة أشهر أخرى، ثم تجعلها كبسولة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

كما تلاحظ فإن العلاج الدوائي له خطة معينة نبدأ بما نسميه بجرعة البداية, أو الجرعة التمهيدية، ثم ننتقل إلى الجرعة العلاجية، ثم بعد ذلك تأتي مرحلة جرعة الوقاية, والتوقف التدريجي عن الدواء.

أريد أن أقول لك وبكل وضوح إن العلاج الدوائي مهم جدا، والوساوس غالبا مهما اجتهد الإنسان سلوكيا يصعب أن تنقطع دون تناول العلاج الدوائي، لا أقول في كل الوساوس، لكن في بعض الوساوس أو الكثير منها، والنوع الذي تعاني منه يتطلب الدواء، والأدوية وجد أنها تعمل على تنظيم المكونات الكيميائية الموجودة في الدماغ، والتي يعتقد أن اضطرابها هو واحد من الأسباب الرئيسية لاستمرار هذه الوساوس.

وأنا أؤكد لك أن هذا الدواء الذي وصفناه لك هو دواء سليم, دواء فاعل, دواء ممتاز، ولا يسبب الإدمان، فأرجو أن لا تحرم نفسك أبدا من نعمة العلاج, فالدواء له فائدة معينة، هو أنه يمهد ويساعد في تقبل العلاج السلوكي, والإقدام عليه بحماس ودافعية، وهذا أيضا عامل مهم جدا في علاج الوساوس.

نقطة أخيرة وهي: أن ما تحس به من ألم نفسي دليل واضح على أنك إنسان خير بإذن الله تعالى، لأن مكون هذا النوع من الوسواس الذي تعاني منه يتعارض تماما مع قيمك الإسلامية السمحة، وتسلط هذه الأفكار وتعارضها مع قيمك, وتصادمها مع وجدانك لا شك أنه يؤدي – وقد أدى – إلى الشعور الشديد بعدم الارتياح النفسي، لذا العلاج مهم, ومهم جدا، وأسأل الله لك العافية والشفاء.

والتوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات