السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أختي تبلغ من العمر 25 عاما، وهى حسنة المظهر، وشخصيتها فيها كثير من التناقضات التي نعاني منها في تعاملها معنا، ومع من حولنا فهي تقوم بحفظ القرآن، ومع ذلك فهي ترفض لبس الحجاب، ولبسها سيء جدا، ولا تحافظ على الصلاة في موعدها، وتحكى مع من تراه حتى ولو كان هذا أول تعارف على حياتها الخاصة، وليس عندها حدود في معاملة الناس من الجنسين، ولا تستطيع تكوين صداقات، وتريد دائما لفت انتباه الناس فتتكلم بطريقة توحي لمن أمامها أنها غير طبيعية (تنظر نظرات غريبة، وتغير نبرة صوتها)، وجميع من تعامل معها يقول بذلك، وتقول دائما أنها مريضة نفسية، ومن يتحدث معها يؤيدها، وينصحها بزيارة طبيب نفسي.
وكلامها دائما على أنه لا يوجد أحد تتكلم معه في البيت ( حيث أنها أصغر أخت، وبينها وبين أخواتها من 7 إلى 9 سنوات، وأنها تخبر الأم عن كل أحداث يومها بالتفصيل)، وكلامها أيضا على أنها وهى صغيرة سافر أبي وأمي للخارج، وتركاها مع أخوتها عند جدهم، وكان عمرها 8 أشهر، وكان السفر لمدة 3 سنوات، وأن التربية قد أثرت في شخصيتها (فعلا كانت تربية مغلقة جدا، وغير متحضرة).
كما أنها لا تصلح في أي وظيفة تلتحق بها لعدم سرعة بديهتها، وتعاملها السيئ مع الناس.
والمشكلة الآن أنها تفرح حين توصل لمن أمامها أنها غير طبيعية، وتضحك حينما يقال عنها في وظيفة أنها غبية، أو غير طبيعية، ونخشى أن زيارتها لطبيب نفسي تعقد المشكلة بشكل أكبر حيث أن المجتمع، وحتى والدها ووالدتها يرفضون ذلك، للعلم فهي خريجة كلية صعبة وتقوم الآن بتحضير الدراسات، وتعيش مع الأم والأب بمفردها منذ زواج أخواتها من 9 سنوات، وطلباتها مجابة، وقد تأخرت لديها الدورة حتى هذا السن، وتتعالج فقط منذ 3 سنوات، وكانت ترفض العلاج تماما، وهي عنيدة جدا.
فأرجو الإفادة بكيفية التصرف في هذه الحالة؛ لأننا كعائلة نلام جميعا ممن حولنا على أنها غير طبيعية، وأننا مسؤولون عن هذا.
ونأسف للإطالة، وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فرحة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا، ونشكرك كثيرا على تواصلك مع إسلام ويب، ونشكرك كثيرا على اهتمامك بأمر أختك هذه، ونسأل الله تعالى لها العافية والشفاء.
أيتها الفاضلة الكريمة ... بالطبع نحن نتكلم عن أختك بهدف مصلحتها إن شاء الله تعالى ليس في ذلك غيبة، وفي ذات الوقت نحن نحترم خصوصياتها جدا، وما نقوله ليس من الضروري كله أن يكون صحيحا أو دقيقا فهي اجتهاد من جانبي وجانبك.
عموما الوصف الذي ورد في رسالتك يدل أن هذه ا-لفاضلة الكريمة- ربما يكون لديها بعض الصعوبات في شخصيتها، فهنالك تناقض واضحة في حياتها والتناقضات قد تكون سمة من سمات الإنسان، والإنسان في الأصل هو متناقضات تتصارع فيه عوامل الخير والشر بصورة متفاوتة من إنسان إلى أخر، التناقض الموجود لديها ربما يكون في مزاجها، وفي مقدراتها المعرفية فهي قد تخرجت من كلية صعبة، وفي ذات الوقت كما ذكرت وتفضلت يكون نتاج تصرفها الفكري والمعرفي في بعض الأحيان يدل على أنها ليست ذات مقدرات عالية، فحياتها وفكرها فيه الكثير من التناقض لكن الذي لفت نظري وبصورة مهمة جدا أن هذه الفتاة حفظها الله ربما يكون لديها ما نسميه بالاضطراب الوجداني ثنائي القطبية من الدرجة البسيطة.
الاضطراب الوجداني قد يظهر في شكل انفتاح وانشراح، وتواصل اجتماعي يخرج عن الحد المقبول، وفي ذات الوقت تجد الفرد يعاني لحظات من عدم الارتياح والتوتر، وضعف الأداء الذهني وكذلك الاجتماعي والمعرفي، هذا التشخيص يشغلني بعض الشيء حيال هذه الفتاة، وبالمناسبة هذا التشخيص إن تأكد فهو ليس صعب العلاج أبدا هنالك أدوية فعالة جدا تفيد في مثل هذه الحالات مع بعض الإرشادات النفسية.
أعتقد أن المطلوب هو أن تساعدي أختك، وذلك بالذهاب معها للطبيب النفسي، أعتقد أنه بإمكانك أن تقنعيها ولا تقولي لها أنك مريضة وقولي لها ربما تكون هنالك حاجة للأخذ ببعض الإرشادات التي تساعدك على المزيد من الاستقرار النفسي والتوجيه حول المستقبل، وكيفية إدارة الوقت، وهكذا وهنالك سبل كثيرة جدا يمكن إقناع الإنسان من خلالها للاستفادة من الجهود المهنية التي يقوم بها المختصين.
الطبيب النفسي قطعا سوف يحاورها ومن خلال هذا الحوار الإكلينيكي يستطيع أن يصل إلى المحددات الأساسية لشخصيتها، وكل ما يتعلق بمزاجها وفكرها وفي ذات ربما يقوم بعض الفحوصات النفسية خاصة فيما يتعلق بالمزاج والشخصية.
إذن المساعدة المهنية هي المطلوبة ومن جانبك حاولي دائما أن تكوني مساندة لها وأشكرك كثيرا، وأسأل الله تعالى التوفيق والسداد لها، وبالطبع التصرف معها، أولا: يكون بالذهاب إلى الطبيب النفسي، ثانيا مساندتها وتوجيهها وإرشادها، فالإنسان يمكن أن ينبه للخطأ عدة مرات، وليست هنالك ما يمنع ذلك أبدا، وفي ذات الوقت يجب أن تحفز على أي خطوات إيجابية تقوم بها، وأن لا نجعلها مهمشة في الأسرة نعم هي ظرفها خاص، وهي الأصغر، وهكذا، ولكنها أيضا يمكن أن تشعر بأن دورها يجب أن يكون إيجابيا في الأسرة، وأن هنالك حاجة كبيرة لطاقاتها ومساهماتها.
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.