ساخط على نفسي ومتهاون بسبب دراستي باللغة الفرنسية!

0 37

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شاب، أبلغ من العمر 23 سنة، وأدرس في السنة الأولى من الماجستير في تخصص "التسويق والتدبير التجاري".

أنا متدين -بفضل الله تعالى-، أصلي الصلوات الخمس في المسجد، وفي الوقت، وأحب الصلاة كثيرا، قد تستغربون إن قلت لكم: أني مغرم بصلاة الصبح، والله العظيم إني أحبها كثيرا -أسأل الله أن يثبتني وأن يجعلها قرة عيني-، أحسن إلى والدي، وأقرأ وردا يوميا من القرآن الكريم، وكذلك أذكار الصباح والمساء وأذكار النوم، وأسأل الله الثبات.

رغم بلوى الاختلاط، فأنا لا أصافح البنات، وليست لي علاقة معهن، وأغض بصري قدر المستطاع.

لكن مشكلتي كالآتي: في هذه السنة أصبحت متهاونا في دراستي، وساخطا على نفسي، وكأن الشيطان يريد أن يحبطني، ويحطم نفسيتي، كما أسلفت الذكر أنا أحضر الماجستير، ودراستي كلها باللغة الفرنسية والإنجليزية، وهذه مواد يلزمها البحث الدائم من أجل الفهم، لكن تأتيني وساوس أن ما أقوم به ليس صحيحا، ولا يجوز، و... علما بأن دراستي خالية من الربا والقوانين الوضعية، فهي في التجارة وتقنياتها والتسويق وما يتعلق به، وكذا التدبير، وتسيير الأعمال، وهكذا.

والدي ووالدتي ينتظران تخرجي بفارغ الصبر، وأعمل من أجل إسعادهما، فنحن أسرة فقيرة، ولا نملك منزلنا الخاص، كما أنني أصبحت أفكر بشدة في الزواج من أجل تحصين نفسي، وذلك حين أتخرج وأعمل -إن شاء الله-، ويكون عمري حينئذ 25 سنة، أرجوكم هل أنا على صواب أم ماذا؟ أيقظوا ضميري أرجوكم، فوالله الذي لا إله غيره إن في صدري ألما لا يعلم به إلا الله.

أسأل الله أن يجعل ما تقدمونه من خير للأمة في ميزان حسناتكم، آمين.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عز الدين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فنسأل الله تعالى أن يزيدك التزاما وهدى إلى هدايتك، وأن يثبتك ويثبتنا جميعا على المحجة البيضاء.

ما ذكرته كله يسر النفس، ولن يخيب الله ظنك أبدا -إن شاء الله تعالى-، وسوف تكون من المتميزين والمتفوقين، وما يحدث لك الآن من تهاون في أمر الدراسة -إن شاء الله– هو أمر عابر ناتج من حالة قلقية وسواسية اكتئابية بسيطة، فأنت شاب مسلم ملتزم، وتحب أن تحاصر المحرمات والشرور بكل ما تستطيع، وهذا لا شك أنه قد انعكس عليك إيجابيا في حياتك كلها، لكن في ذات الوقت يعرف تماما أن الإنسان حين يكون يقظ الضمير، ويتميز بصفات وسمات وسجايا حسنة -مثل التي تتمتع بها-، وخاصة إذا كان المحور الديني الإسلامي هو منهجه ومحركه الأساسي في كل تصرفاته الحياتية، ربما يحدث له نوع من التصادم الداخلي مع قيم المجتمع المخالفة، وهذه التصادمية قد تتولد منها وساوس، والوساوس لا شك أنها معيقة لصاحبها، وكثيرا ما ينتج عنها عسر وعكر في المزاج، أو ما نسميه بالاكتئاب الثانوي البسيط.

أعتقد -أخي الكريم- أن هذا هو الذي تعاني منه، وهو -إن شاء الله– عابر، وسوف يتم علاجه تماما.

الذي أرجوه منك هو: أن تحقر هذه الوساوس، وأن تبني مفهوما جديدا، وهو أن تعلمك لهذه اللغات الفرنسية والإنجليزية وخلافه هو أمر مطلوب؛ لأن التزود بالمعارف أيا كان نوعها، وخاصة فيما يخص اللغات، هو أمر يخدم الإنسان أيما خدمة في قضاياه الإنسانية والإسلامية والدنيوية، وللدخول والولوج في محيط العمل، والتنافس من أجل الحصول على الوظائف الجيدة والرفيعة والمحترمة.

وفي ذات الوقت استجلاب المعرفة مطلوب، والبحث الذي تقوم به أرى أنه يجب أن يكون بحثا متسعا، حتى وإن تطلب ذلك أن تدرس عن الربا، وأن تدرس عن القوانين الوضعية، فهذه معارف، والمعارف مطلوبة، والحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أحق الناس بها، وتعلم ومعرفة الشر تجنب الإنسان الوقوع فيه، ونحن إن لم نخترق ونعرف هذه العلوم بدقة شديدة، لن تكون لنا الحجة المقنعة لمحاربتها، ومحاولة إقناع الناس ببطلانها.

فأنت لا تمارس الربا، أبدا، لكن دراسته من وجهة نظري مطلوبة، ويا حبذا لو قمت ببحوث حول الربا، وحول هذه القوانين الوضعية، فهناك دراسات مقارنة جيدة جدا، فلا توسوس في هذا الجانب، على العكس تماما انطلق انطلاقا إيجابيا وقويا، فأنت تقوم بفعل وعمل جميل، نسأل الله تعالى أن يسدد خطاك، وأن تحقق مراميك ومقاصدك.

أهدافك النبيلة -إن شاء الله تعالى– سوف تصل إليها، والتي تتمثل في: الزواج، ومساعدة الأسرة، وخدمة قضية الدعوة، كلها أهداف عظيمة، وستكون من المتفوقين -إن شاء الله تعالى-.

أريدك أن تصرف انتباهك عن كل هذه الوساوس.

وبالنسبة للدراسة: يجب أن تكون صارما مع نفسك، بل يجب أن تحس بلذتها، وتحس بالرضا عما تقوم به، وهذا ممكن جدا من خلال تنظيم الوقت، ومن خلال تغيير المفاهيم، بأن تعلم هذه اللغات، والدراسة باللغات الأجنبية، حتى وإن كانت صعبة عليك، إلا أنها تعتبر إضافة إيجابية حقيقية لحياتك العلمية والعملية -إن شاء الله-.

أنا أرى أنه من الضروري جدا أن يكون لك جدول زمني تدرس من خلاله، وتتقيد به تقيدا كاملا.

أخيرا: أرى أنه من الأفضل لك أن تتناول دواء مضادا للوساوس، دواء فاعلا يحسن مزاجك -إن شاء الله–، ويحسن الدافعية لديك، الدواء يعرف تجاريا باسم (ديروكسات)، واسمه العلمي هو (باروكستين)، أرجو أن تتناوله بجرعة نصف حبة (عشرة مليجرامات)، تناولها يوميا بعد الأكل لمدة شهر، بعد ذلك اجعلها حبة واحدة كاملة، واستمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم اجعلها نصف حبة يوميا لمدة شهر، ثم توقف عن تناولها، وهو دواء سليم وفاعل جدا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات