السؤال
السلام عليكم
في الحقيقة لست أدري ما أقول، ربما أن هذه أول استشارة تصل لكم بالطريقة هذه لأنها غريبة نوعاما، وكل ما أتمناه أن تقرؤا كلامي بتمعن لأني سوف أشرحه بالتفصيل.
يا جماعة أنا كرهت حياتي، وأكره يومي من بدايته إلى نهايته ما عندي صديق، ولا أنيس، ولا أروح ولا آتي، 24 ساعة جالس في البيت حتى في نهاية الأسبوع كل الشباب الذين في سني يطلعون مع أصحابهم إلا أنا جالس في البيت، نفسيتي تعبت، وأوقات أبكي من شدة الألم.
مع العلم أن عمري 20 سنة، والمفروض أني أستمتع في هذه المرحلة، أروح وأطلع مع الأصدقاء، لكن وأقسم بالله ما عمري طلعت من البيت من الجامعة إلى المسجد إلى البيت، وهكذا..
طول السنين التي عشتها نادرا جدا أرفه عن نفسي مع أولاد عمي ربما مرتين بالسنة فقط وباقي السنة جالس في البيت، حتى في الإجازة الصيفية عندنا في السعودية 3 أشهر أقضيها في البيت، وأقسم بالله يا جماعة لا أبالغ، لا أدري ما الذي بي، بالرغم إن عندي أصدقاء في الجامعة لكن لا أراهم إلا في الجامعة، عمري ما طلعت معهم أي مكان ترفيهي.
عندما يتصلون بي أذهب معهم أتوتر وأكذب عليهم أقول أني مشغول، وكل يوم هكذا إلى إن يئسوا مني، وعندما يتكلمون في الجامعة، ما رأيكم نخرج البحر كلهم يقولون: نعم، إلا أنا ساكت ثم يقول واحد منهم، هذا يحب أن يجلس في البيت (بيتوتي)، والله العظيم عندما أسمع هذه الكلمة أحس أني مكتوم، وأريد أن أبكي لا أدري لماذا؟
عندما أفكر أتصل بهم من أجل أن أخرج معهم أتوتر، وأفكر 100 مرة قبل أطلع من البيت، لقد تعبت، وأحس أن نفسيتي تعبانة من هذا الشيء، حتى السوق ماأخرج أشتري أغراضي، إذا عندي غرض أكلم أمي وهي تأتي لي بالغرض الذي أريده، و مرة من المرات تشجعت واتصلت بأحد الأصدقاء قلت له سوف آتيك من أجل نتعشى مع بعض، لبست وتجهزت قبل ما أخرج قلت لوالدي، أريد أن أطلع مع صديقي، أحسست أن والدي توتر، ووجهه تغير، وبدأ يطرح أسئلة من هذا الصديق؟ وإلى أين سوف تذهبون؟
وانتبه يا ولدي لا تعمل كذا، اعمل كذا، وانتبه من هذا الشيء، أحسست وقتها أني سوف أذهب إلى الجهاد، لا أدري لماذا أمي وأبي يتوتران؟ وعندما أتأخر عن الرجوع إلي البيت ربع ساعة أو نصف ساعة تبدأ الاتصالات تنهال علي!! هل لأنهم تعودوا على وجودي في البيت 24 ساعة؟
أمي وأبي لا يثقون بي تمام الثقة عندما يطلبون مني أشياء آتي بها من خارج البيت!! يبدؤون بنصحي وتوصيتي، انتبه وانتبه وانتبه، علما أنهم لا يمنعون خروجي من البيت، ـ والحمدلله ـ موفرين لي كل ما أحتاجه والله كرهت الدنيا أريد أن اعيش مثل باقي الشباب أريد صديقا أتكلم معه، وأخبره عن أموري، أريد جماعة ألعب وأضحك وأمزح وأخرج معهم عمري 20 سنة، ولا عمري ذهبت مدينة ألعاب، ومقاهي ولا شيء.
الله يرضى عنكم أريد تفسيرا علميا لحالتي!!
علما أني لم أتعرض لأي مشكلة خارج البيت تخوفني من الخروج منه، ولا أعاني من أي مرض ـ الحمدلله ـ ووزني تمام، وشكلي وسيم، ولا أعاني من أي أمراض نفسية أو بدنية يعني ليس عندي عذر لذلك، ليس عندي عذر للتوتر الذي يأتيني عندما أفكر بالاتصال على أحد الأصدقاء للخروج معه.
علما أني في الجامعة أعيش أفضل فترات يومي، أمزح وأضحك وألعب وأشرب، وآكل لكن بمجرد الوصول إلى البيت نفسيتي أريد تفسيرا علميا لحالتي من أجل أن أشخصها وأبدأ بمعالجتها، وأتمنى أن تعطوني أرقام أطباء نفسيين في مدينة جدة لكي أتواصل معهم، وشاكر لكم وآسف على الإطالة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حمود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإن التفسير العلمي لحالتك، هو حقيقة أن هناك أمران مهمان:
الأمر الأول: أن لديك درجة من الانغلاق على النفس، وهذا أدى إلى ما نسميه بالقلق الاجتماعي، أصبحت تقلق من الخروج خارج البيت، وفي ذات الوقت ليس لديك الثقة في أن أدائك الاجتماعي سوف يكون جيدا.
إذن هنالك حالة من حالات القلق الاجتماعي وهي ظاهرة جلية جدا، أنت في بداية الأمر أحسست بأمان البيت، ولكن بعد أن كثر جلوسك في المنزل هذا أدى إلى شيء من الملل وزاد من نسبة المخاوف الاجتماعية لديك.
الجانب الآخر وهو حقيقة لفت نظري وهو مهم: هو أنه ربما تكون هنالك إشكالية أو سوء فهم فيما بينك وبين والديك، يظهر أن والديك يريدان لك حسن التربية وهما متخوفان كثيرا مما يسمعانه في المجتمع من سلوكيات سالبة تحدث وسط بعض الشباب، والداك لا شك أنهما ينطلقان من محبتهما لك، وشفقتهما، ولا أعتقد أن القصد هو الحجر عليك أو تحديد أنشطتك أو منعك أن تعيش في نوع من الاستقلالية الذاتية.
إذن هذه العوامل تضافرت مع بعضها البعض، وأدت إلى هذه الحالة التي نعتبرها إعاقة اجتماعية أكثر مما هي نفسية، وحين أقول إعاقة لا أعني أبدا أنك معطل أو شيء من هذا القبيل، لكن هنالك محدودية في إدارتك لحياتك، والأمر يتطلب منك شيئا من الجهد البسيط وأهم شيء هو أن تتحاور مع والديك حوارا راقيا وجيدا يقوم على الحب والاحترام، حاول أن تشرح لهما أنك إن شاء الله تعالى لن تقع في أخطاء سلوكية، أنت حين تخرج تخرج مع فلان وفلان، ويجب أن تسمي لهم أناسا من الشباب معروفين لدى الأسرة – هذا مهم – وحاول أن تبني علاقات وصداقات من خلال المسجد، هنا تجد الرفقة التي نطمئن لها جميعا إن شاء الله تعالى.
لابد أن تزيد من نشاطك بالتدريج، زيارة الأرحام مثلا سوف تساعدك كثيرا، الانخراط في بعض الأعمال الخيرية أو الثقافية، هذا لن ترفضه أسرتك أبدا، الذهاب إلى مراكز التحفيظ ... هذه كلها أنشطة إيجابية جدا وممتازة جدا، وهي بالفعل سوف تبني لديك قاعدة سلوكية ممتازة، وتطمئن أهلك، وفي ذات الوقت ستكون ممتعة جدا بالنسبة لك.
بعد ذلك وسع من أنشطتك الاجتماعية، ونحن دائما نقول أن ممارسة الرياضة مهمة جدا، لأن الرياضة بجانب أنها تقوي الأجسام فهي تقوي النفوس، تحسن من التواصل الاجتماعي، تزيل الاكتئاب، هي من الوسائل الممتازة لدفع درجة ومعدل التفكير الإيجابي وكذلك التركيز الحسن.
من المهم جدا أن تكون لك نظرة إيجابية حول المستقبل وحول نفسك، وهذا لا يتأتى إلا من خلال حسن إدارة الوقت، وكذلك الحرص على اكتساب المعرفة.
المعرفة هي الآن الطاقة التي يجب أن يتحرك من خلالها الشباب، وحين نعني المعرفة نعني المعرفة الصالحة الرصينة الجيدة، الإنسان يتزود من علوم الدنيا والآخرة بشكل جيد. هذا يحسن من الدافعية لديك، وكذلك ثقتك في نفسك.
أيها الفاضل الكريم: أنا أرى أنك محتاج لدواء يحسن من مزاجك ويزيل درجة القلق والتوتر التي تعاني منها، وإن كان لديك درجة من الرهبة الاجتماعية سوف يكون الدواء أيضا جيد لك جدا. الدواء يعرف تجاريا باسم (زولفت) أو (لسترال) ويسمى علميا باسم (سيرترالين)، والجرعة المطلوبة في حالتك هي أن تبدأ بنصف حبة (خمسة وعشرين مليجراما) تتناولها ليلا لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعلها حبة كاملة، تناولها ليلا لمدة خمسة أشهر، ثم خفض الجرعة إلى نصف حبة ليلا لمدة شهر أيضا، ثم توقف عن تناول الدواء.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد، ونشكرك على التواصل مع إسلام ويب.