السؤال
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
أنا مقبلة على الزواج من شاب ملتزم، وأنا خائفة من التعامل معه ومع والدته التي لا أعرف عنهم إلا أشياء سطحية فقط، وأنا إنسانة حساسة جدا، وأخاف من أنه بسبب حساسيتي الزائدة أن لا أتقبل بعد الزواج زوجي إذا جرحني!
سؤالي: كيف أتخلص من أمر الحساسية الزائدة، وأنا لا أستطيع الدفاع عن نفسي في بعض الأمور، وإنما أكتفي فقط بذرف دموعي، والتألم داخليا.
جزاكم الله خيرا، وجعله في موازين حسناتكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مها حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن ولاه.
فإننا نهنئ ابنتنا الكريمة على فوزها بهذا الشاب الملتزم، ونشكر لها اختيارها لشاب من أهل الدين والصلاح، فإن هذا منقبة للفتاة أن تختار صاحب الدين والأخلاق، ومنقبة للفتى والشاب أن يفوز بصاحبة الدين والأخلاق، فنسأل الله تبارك وتعالى أن يجمع بينكما على الخير، وأن يبارك لكما وأن يبارك عليكما، وأن يوفقكما لكل خير.
ونشكر لك كذلك التواصل مع موقعك، نسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك على الخير، وأرجو أن أبشرك وإخوانك وأخواتك بأننا في خدمة شبابنا وفتياتنا الراغبين في الاستفسار في الأمور الشرعية، ونحن على أتم الاستعداد للإجابة على تساؤلاتكم في أي زمان وفي أي مكان بحول الله وقوته، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يسعدكم بهذه الزيجة، وأن يرزقكما الذرية الصالحة، وأن يجعل الصلاح ميراثا في ذرياتكم إلى يوم الدين.
أما قولك وخوفك من المستقبل، فإنا ندعوك إلى أن تتذكري أن المستقبل بيد الله تبارك وتعالى، وأن أم الزوج إنما يكون حالها بحسب حالك مع زوجك، فكوني له أرضا يكن لك سماء، وكوني له أمة يكن لك عبدا، واعلمي أن الإنسان الذي يفعل الخير سيقابله الناس بالخير.
ولا نريد في هذه المسألة أن تصطحبي التجارب السالبة لأخريات ،أو ما تسمعيه في المسلسلات، وإنما ينبغي أن تدركي أن الإنسان ينبغي أن يتعامل مع الناس بالخير، وإذا اعتبرت الزوجة الناجحة أن أم الزوج بمنزلة أمها، فإنها ستفوز بحبها، وستسيطر على قلبها، وعندها ستكون الرابح الأول، والفائز الأول من ذلك التعامل.
كما أن هذا الزوج المتدين من الطرق المهمة للوصول إلى قلبه هي الاهتمام بالإحسان إلى والدته، والصبر عليها، وجعلها كما قلنا في منزلة الوالدة، وإذا أحسنت الزوجة إلى أم الزوج فإنها تؤجر عند الله تبارك وتعالى، وتنال المنزلة الرفيعة عند زوجها عندما يجد الزوجة في بر والدته، وسيقابل هو كذلك الوفاء بالوفاء، فيبدأ بالإحسان إلى أهلها، والتقرب إليهم، والحرص على إرضائهم إكراما لهذه الزوجة التي أحسنت إلى والدته وأحسنت إلى أهله.
أما خوفك من الحساسية الزائدة التي ذكرتها، فإننا نريد أن نقول لك: ليس الخير أن يرد الإنسان الكلام للناس، ولكن الخير في الصبر والاحتمال والعاقبة دائما للصابرين، فحافظي على ما أنت عليه، واعلمي أن كلام الناس مهما كان إذا تحمله الإنسان وصبر عليه فإنه ينال المنازل الرفيعة عند الله تبارك وتعالى، ولا شك أن وجود الإنسان في جماعة، أو خروج الفتاة إلى بيئة جديدة، أنها صفحة جديدة تنفتح عليها في الحياة.
والمؤمنة التي تخالط الناس وتصبر على أذاهم، خير من المؤمنة التي لا تخالط الناس ولا تصبر على أذاهم، ولا شك أن الاجتماع مع الناس فيه خير كثير، ولكنه كذلك يحتاج إلى صبر ويحتاج إلى احتمال، ويحتاج إلى تعود واصطحاب المعاني الإيجابية والمعاني الجميلة.
فما يقوله الناس لا يضر الإنسان، ولكن ينبغي أن يوضع كلامهم في مكانه، وأن يأخذ حجمه المناسب، فلا تحملي نفسك فوق طاقتها، واعلمي أن من الناس من يتكلم بكلام قد يكون جارحا، ولكن قد لا يقصد هذا، وقد يقصد هذا، ولكن في كل الأحوال فإن المؤمنة ينبغي أن تتأسى برسولنا -عليه صلوات الله وسلامه- الذي سامح وصافح حتى من أساءوا إليه، وبالغوا في إيصال الأذى إليه، حتى أعلن فقال: (اذهبوا فأنتم الطلقاء) ثم قال – عليه صلوات الله وسلامه – : (لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الرحمين)، فالإنسان ينبغي أن يحتمل ما يصدر من الآخرين.
إذا كان هذا مطلوب بالنسبة لجميع الناس فكيف بالزوج الذي ينبغي أن تحتمله الزوجة، لأن احتمالها لزوجها، وصبرها على هذا الزوج مما يقربها إلى الله تبارك وتعالى، ومما يعينها كذلك على السعادة في حياتها الزوجية.
ومع مواصلة الصبر على الزوج، وكذلك الصبر على والدة الزوج أو أخت الزوج، وهم غالبا كما ذكرنا سيعاملونك بنفس الطريقة التي تعامليهم بها، فبالغي في الإحسان إليهم، واعلمي أنك تزوجت الشاب ولم تتزوجي هؤلاء، وأن صبرك عليهم مما يدخل السرور على الزوج.
وإذا كنت لا تستطيعين الدفاع عن نفسك، وكنت مظلومة، فأبشري، فإن الله يدافع عن الذين آمنوا، وكذلك أيضا ينبغي أن لا تعطي الأمور أكبر من حجمها، وتعرفي طبائع الناس، وتعمدي مداراتهم، فينبغي للإنسان أن يعرف طبائع الناس ويدرك أن فيهم جوانب الخير وجوانب الشر، يعرف طبائعهم من الذي يستطيع أن يتداخل معه، من الذي يستطيع أن يجعل علاقته به سطحية.
كذلك ينبغي أن تبتعدي عن الأمور التي تشعري أن فيها احتكاكا، واعلمي أن بعض الأمهات تغار من زوجة الابن لأنها جاءت تشاركها في حب ولدها وفي جيبه، ولذلك ينبغي أن تظهري الزهد، وتحثي زوجك على البر بأمه والإحسان إليها، وأنت الفائزة في نهاية المطاف، لأن الإنسان الذي يذكر بالله ويدعو إلى طاعة الله تعالى لا شك أن له نصيبا من الخير، كما قال تعالى: {من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها} والذي يفوز هو الذي ينال الخير من الله تبارك وتعال، وهكذا تفعل المرأة الصالحة، وما من امرأة حثت زوجها وشجعت زوجها على بر الأم والإحسان إليها إلا كانت هي الرابحة، ووجدت ذلك برا وإحسانا في أبنائها، كما وأنها ستجد ذلك وفاء من زوجها لأهلها وإكراما.
ولا بد أن تعلمي أن الحياة الزوجية فيها كثير من الخيرات، والحياة عمرها قصير، ولا تنزعجي من المستقبل المجهول، وتوكلي على الله تبارك وتعالى، واعلمي أن الإنسان ينبغي أن يتفاعل مع الخير ويفعل الخير، ويتوكل على الله تبارك وتعالى، وعندها ستنالين الفلاح والرفعة عند الله تبارك وتعالى.
هذه المخاوف إذن ليست في مكانها، وهي تأخذ أكبر من حجمها، ونحن سنكون سعداء في حال تواصلك مع الموقع، ونسأل الله تبارك وتعالى أن لا تري من أهل زوجك إلا الخير.
وأخيرا: نسأل الله تبارك وتعالى أن يقدر لك الخير ثم يرضيك به، وأن يلهمنا وإياك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.