السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في حاجة لتقوية إيماني، فأنا أصلي ثم أترك الصلاة لمدة طويلة، وأعلم أنه حرام، لا أشعر سوى بالكسل، فأنا أريد الصلاة، وزيادة الدين.
الأمر الآخر: زوجي لا يقبل أخذي للعمرة بحجة الأولاد، ولا يستطيع تدبيرهم، وأنا أرغب بالعمرة بشدة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ UM AMMMAR حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله العلي الأعلى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يهديك صراطه المستقيم، وأن يعينك على الاستقامة على دينه، وأن ييسر لك إقامة شرعه وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم – في حياتك، وأن يجعلك من الصالحات القانتات، وأن يتوفاك إليه على عمل صالح، وأن يجعلنا وإياك وسائر المسلمين والمسلمات من أهل الجنة.
بخصوص ما ورد برسالتك – أختي الكريمة الفاضلة – أقول: إنه مما لا شك فيه أن ترك الصلاة من المعاصي الكبرى، ومن الجرائم العظمى التي تعرض صاحبها لغضب الله وعقابه في الدنيا والآخرة، وأعتقد أنه لا يخفى عليك أن هناك نصوصا كثيرة في القرآن والسنة تبين خطورة ترك الصلاة، بل ترك فريضة واحدة، فإنه كما ورد عن بعض أهل العلم أن من ترك فريضة واحدة متعمدا حتى خرج وقتها – والعياذ بالله تعالى – فقد كفر وخرج من الملة، ولذلك جعل النبي - صلى الله عليه وسلم – الفارق ما بين الإسلام والكفر الصلاة، فقال - صلى الله عليه وسلم -: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر)، وقال - صلى الله عليه وسلم -: (أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة الصلاة، فإن صلحت فقد صلح سائر عمله، وإن فسدت فقد فسد سائر عمله)، وفي رواية: (فقد خاب وخسر) أو كما قال - صلى الله عليه وسلم - .
وقبل ذلك قال الله تعالى: {فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا}، وقال سبحانه: {فويل للمصلين * الذين هم عن صلاتهم ساهون}، والصلاة عماد الدين، والصلاة نور، كما قال - صلى الله عليه وسلم - : (والصلاة نور والصدقة برهان والصبر ضياء).
لذلك عليك أختي الكريمة الفاضلة أن تجتهدي في ذلك وأن تحاولي مقاومة هذا الكسل، لأن ذلك يضرك ضرا بليغا، هذا الكسل يترتب عليه سقوطك من عين الله تبارك وتعالى، ويترتب عليه قسوة قلبك وسوء علاقتك مع زوجك وسوء علاقتك مع المجتمع، لأن هذا الكون كله خلق لعبادة الله تعالى، وعندما يستقيم العبد على منهج الله يشرح الله له الصدور ويفتح له الحدود والسدود وقلوب العباد، أما عندما يعرض عن منهج الله يسقط من عين الله، وكما قال الله تبارك وتعالى: {ومن يهن الله فما له من مكرم}.
عليك أختي الكريمة الفاضلة مقاومة هذا الكسل بكل الوسائل الممكنة والمتاحة، ولذلك أنصحك أولا بأن تعلمي أن الصلاة فرض عين عليك لا يجوز لك أن تؤخريها عن وقتها بحال من الأحوال، والأمر الثاني أن تجتهدي في أدائها بعد الإذان مباشرة ولا تؤخريها، لأن تأخيرها يؤدي إلى تركها بالكلية، فعليك كلما سمعت المؤذن يؤذن أن تبدئي في الصلاة ولا تؤخري ذلك حتى لا تتكاسلي.
من الممكن أن تجعلي أمامك بعض الوسائل التي تعينك كوجود ساعة أو منبه أو الجوال أو غير ذلك، أو الاتصال ببعض أهل الخير ليعينوك مثلا على تحديد الوقت، إذا كانت الأوقات تغفلين عنها بدون إدراك منك، لأن الله تبارك وتعالى قال: {فأقيموا الصلاة إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا} أي وقتا محددا معلوما.
ثانيا بارك الله فيك: عليك بالمحافظة على أذكار الصباح والمساء بانتظام، لأن الذي أنت فيه إنما هو من عمل الشيطان، وترك الصلاة من صفات الكفار والمنافقين والعياذ بالله، ولأنها بذلك سوف تصرف عنك شياطين الجن، وما بقي أمامك إلا شياطين الإنس.
ثالثا: عليك بالدعاء والإلحاح على الله تبارك وتعالى أن يعينك على أدائها، وأن يوفقك لذلك، وأن يتوفاك على ذلك، لأن الله يحب الملحين في الدعاء، ولأنه أمرنا بالدعاء ووعدنا بالإجابة فقال: {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم}، وقال - صلى الله عليه وسلم - : (ليس شيء أكرم على الله من الدعاء) وقال تعالى: {فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون}.
رابعا: نوصيك بالبحث عن صحبة صالحة تقضين معها معظم أوقات فراغك، لأن الصاحب ساحب، والنبي - صلى الله عليه وسلم – يقول: (المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل).
خامسا: نوصيك بكثرة الاستغفار، لأن هذه معاص عظمى تحتاج إلى توبة عظيمة، وحاولي قضاء الصلوات التي فاتتك مخافة أن تعرضي نفسك لغضب الله وعقابه، ولأنه كما قال - صلى الله عليه وسلم - : (من ترك الصلاة فقد كفر) وقال: (بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة ).
سادسا: أوصيك بالصلاة على النبي محمد - صلى الله عليه وسلم – بنية أن يغفر الله ذنبك، وأن يعينك الله على أداء الصلاة في أوقاتها.
سابعا: قضية العمرة هذه قضية من القضايا المهمة في الدين، ولكنها لا ينبغي أن يرتب عليها كل شيء، لأنه لا يلزم لإقامة الصلاة أن يكون الإنسان حاجا أو معتمرا، فإن الحج والعمرة عبادة مستقلة، والمسلم من أول واجبات إسلامه أن يشهد ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، ثم يأتي بالصلاة، ثم الصيام والحج والعمرة، كما قال - صلى الله عليه وسلم - : (بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، والحج) فالصلاة عبادة مستقلة لا ترتبط بأداء العمرة أو الحج.
لعل من أسباب عدم موافقة زوجك على أخذك للعمرة تركك للصلاة، فإن الله يعاقبك، لأن العبد إذا أذنب ذنبا عاقبه الله تبارك وتعالى، وقد يعجل بعقابه في الدنيا، وقد يؤخر عقابه في الآخرة.
إن ترك الصلاة قد يفسد العلاقة بينك وبين زوجك، ويفسد العلاقة بينك وبين أبنائك، ويفسد العلاقة بينك وبين أقاربك، ويفسد العلاقة بينك وبين الناس، إن ترك الصلاة سواد في الوجه وظلمة في القلب، انتبهي، انتبهي لنفسك حفظك الله تعالى، وقاومي هذا التقصير واعزمي عزما أكيدا على المحافظة على الصلاة، بكل ما أوتيت من قوة.
لا مانع أن تطلبي من زوجك أو أولادك أن يصلوا معك وقت الصلاة حتى يكون في ذلك إعانة لك، فإذا كان عندك أولاد كبار أو أولاد في سن الصلاة من الممكن أن تقولي لهم نصلي معا حتى يعينوك على الصلاة، وكذلك زوجك أيضا، واطلبي من زوجك المساعدة بأن ينصحك وأن يذكرك دائما وأبدا، ولا مانع إذا كانت والدتك قريبة منك أن تقولي لها (يا أمي اتصلي بي عند أول وقت الصلاة، لأني أتكاسل وأريد من يذكرني).
حاولي بكل ما أوتيت من قوة، واصدقي مع الله تعالى يصدقك، وإذا علم الله في قلبك الصدق والعزيمة فسوف تجدين كل العون منه سبحانه، لأن ترك الصلاة أمر عظيم، ولذلك قال الله تعالى: {وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين}، والصلاة هي فلاح المؤمن، كما قال تعالى: {قد أفلح المؤمنون * الذين هم في صلاتهم خاشعون} وقال: {والذين هم على صلواتهم يحافظون * أولئك هم الوارثون * الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون}، وقال تبارك وتعالى: {فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا}.
قال ابن عباس: ما تركوها بالكلية وإنما أخروها عن وقتها، أو حتى خرج وقتها، والغي واد في جهنم تستجير جهنم من حره، أعده الله لتارك الصلاة والمتكاسل عنها، والله تبارك وتعالى يسأل أهل النار: {ما سلكم في سقر}؟ قالوا: {لم نك من المصلين} فترك الصلاة من أعمال أهل الكفر - أختي الكريمة الفاضلة (أم عمار) - فالله الله في نفسك، والله الله في الصلاة، حاولي أن تحافظي على نفسك وكوني محبة لنفسك بحبك لطاعة الله تبارك وتعالى، لأن الصلاة لنفسك أنت، كما قال الله تعالى: {من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها}.
عليك بقراءة القرآن الكريم بانتظام ولو كل يوم جزءا أو حزبا، لأن القرآن هو مستودع الإيمان، عليك بالإكثار من ذكر الله تبارك وتعالى، لأن الله قال: {الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب}.
أسأل الله تعالى أن يشرح صدرك وأن يوفقك لكل خير، وأن يعينك على التخلص من هذا التكاسل، وأن يعينك على إقامة الصلاة في أوقاتها، وأن يجعلك من الصالحات القانتات، وأن يحرم بدني وبدنك وسائر المسلمين والمسلمات على النار، وأن يجعلنا وإياك ممن تبيض وجوههم يوم العرض عليه، وأن يجعلنا من أهل الجنة، إنه جواد كريم.
هذا وبالله التوفيق.