الصراع العنيف مع الوسواس القهري والهلع والكوابيس، ما علاجها؟

0 711

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إنني لأعجز عن وصف ما يقدم هذا الموقع من الخير للناس، لينعموا بالسعادة وراحة البال، فجزى الله كل القائمين على هذا الموقع كل الخير، وجعل مثواهم الفردوس الأعلى من الجنة، وأصلح لهم ذريتهم وأمرهم كله، وشرح ويسر أمورهم .

إنني لشخص - يعلم الله ما وصلت إليه من الحالات النفسية المؤلمة، وإلى الله أشكو!! باختصار شديد سأسرد لكم بعض معاناتي في سنين ، ولقد بدأ الوسواس القهري معي منذ الصغر، فاختفي وقت البلوغ وعاد بشكل عنيف في عمر السابعة عشرة.

في البداية كان دينيا، ولكنه تطور إلى أفكار غريبة، فأصبحت عندما ألمس شيئا أتخيل أنني أعبده! فتراني أعيد لمسه عدة مرات، لأثبت لنفسي أنه شيء عادي، وأقول في نفسي --هذا مخلوق خلقه الله وحده لا شريك له-- حتى أثبت لنفسي أنني أعبد الله وحده لا شريك له، وكذلك غيرها الكثير من العبارات.

عموما أنا تعايشت مع ذلك حتى أصبح عمري ثلاثة وعشرين عاما، وحينها بدأت معي نوبات الهلع الشديدة في شهر شعبان، وكانت أعراضها تأتيني بشكل عنيف، ولأكثر من ست مرات أو سبع مرات في اليوم، وتستمر طويلا جدا، سواء في سرعة نبضات القلب أو الدوخة أو التنميل، ووصلت لمرحلة خطيرة -والحمد لله على كل حال-
عموما أنا أخذت عقار سيبراليكس على مضض، وأنا كاره للعقارات، ولكني اضطررت لذلك، وكان هذا العلاج سحريا وقاتلا لنوبات الهلع، بإذن الله، فلم تمر أربعة أسابيع إلا وأنا قد نسيت الهلع تماما بفضل الله .

لقد تركت السيبراليكس بعد ثلاثة شهور من الاستخدام بدون تدرج، وحاليا لي أكثر من شهر قد تركته، ولم تعد نوبات الهلع، والفضل لله، ولقد كنت أجتهد في تمارين الاسترخاء والتنفس الباطني مع استخدام العقار.

أجتهد جدا، وسأقول لكم السبب، (السيبراليكس) كان علاجا مفيدا للهلع، ولكنه لم يوقف أمرين كنت أعاني منهما، وهما الوسواس القهري والكوابيس، الوسواس القهري لم يتوقف مع سيبراليكس، ولم يتحسن، بل وحتى إن سبب إكثاري لتمارين التنفس بعمق لأني كنت أوسوس أني آخذ الذكاء من الهواء الجوي! وأكتم أنفاسي لأجل أن أقفل عقلي عن خروج أو دخول شيء من الغباء أو الذكاء، وشر البلية ما يضحك، فكنت حتى لا ألمس إخوتي الصغار حتى لأنني أتخيل أنهم عندما يلمسوني أو ألمسهم تذهب طاقة الذكاء لهم، وتتسرب عبر اللمس، وإن هذا لشيء عجيب.

وصل الأمر إلى أن أتجنب السلام عليهم، وإن لمسني هؤلاء الأطفال الصغار أنهاهم عني، وآتي إليهم، وأقرب وجهي من المكان الذي لمسوني منه، وآخذ نفسا عميقا ظنا مني أن هذا يعيد الذكاء إلي، لأني أسحب ما فقدت من ذكاء من أجسادهم، وإن شر البلية ما يضحك.

هذا وغير وسواس الدين واستحضار النية بالصلاة الذي دفعني إلى الصلاة بالمنزل، لأني أعيد التكبير دائما و... إلخ.

أخيرا: سأتحدث عن الكوابيس التي بدأت مع الهلع، بل وإن أول ليلة أتى فيها الهلع كنت قد رأيت فيها كابوسا قريبا، فأتاني في حينها الهلع بالليل، وأنا أشاهد التلفاز مرتاح البال! إن هذه الكوابيس تأتيني يوميا، وأتضايق منها كثيرا، لأني أشعر بأني بالحلم، وكأني موجود بها، فأرى ما الله به عليم.

لقد طبقت تقنيات كثيرة، ولم تنفع، ومنها عدم الإكثار من الأكل قبل النوم، والنوم بالليل، وغيرها، ولكنها لم تنفع، فإن هذه الكوابيس تأتي بشكل غير متوقع، ومتكرر للأسف الشديد.

للأسف: الطب النفسي عندنا سيء في منطقتي، وإني والله رجل أثق بكم، وفقكم الله لكل ما يحب ويرضى، إنه كريم عزيز .

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله الحربي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

نشكرك كثيرا على تواصلك مع إسلام ويب، وأنا أذكر بعض رسائلك السابقة، أسأل الله لك العافية والشفاء.

الوسواس القهري – وحقيقة أنا أحب الآن أن أسميه الاستحواذ القهري، وذلك حتى نبعده من الوسوسة ذات الطابع الديني، أو الوساوس بمفهومنا الإسلامي نحوه – والذي إن أصيب به الإنسان علاجه بسيط جدا، ويأتي من خلال الاستغفار وقراءة المعوذتين حتى يخنس الشيطان.

الاستحواذ القهري – كما اتفقنا أن نسميه – يمزق الإنسان كثيرا من الناحية النفسية، وهو مؤلم جدا، كان في الماضي يصعب علاجه، لكن خلال العشرين سنة الأخيرة والسنوات الستة الأخيرة على وجه الخصوص، اتضح أن كيمياء الدماغ تلعب دورا أساسيا في الإصابة أو استمرارية هذه الوساوس (الاستحواذات).

ما دمنا نتكلم عن كيمياء، وعن دماغ وعن أعصاب، هذا لا يمكن أن يعالج إلا من خلال الأدوية، وهذه حقيقة يجب أن نثبتها ويجب أن نتفق عليها -والحمد لله تعالى- الأدوية الآن أصبحت متوفرة، وأصبح فهم الأطباء لها واضحا، لكن الإشكالية في أن الإخوة والأخوات الذين يعانون ،أو بعضهم الذين يعانون من هذه الاستحواذات أو الوساوس تجدهم يترددون، ويتشككون حتى في هذه الأدوية.

ليس لهم الصبر أو الدافعية الإيجابية نحو تناولها، لكن الآن -الحمد لله تعالى- يمر علينا الكثير من الإخوة الذين يعانون من هذه الحالات، وحين نشرح لهم، ونوضح لهم نجد أن قناعاتهم قد تحسنت نحو الدواء، ومن ثم يأتيهم الفرج وتختفي الأعراض، بإذن الله تعالى.

الذي أريد أن أصل إليه هو أن أول خطوة علاجية في حالتك هي التركيز على الدواء، وما دام السبرالكس قد أفادك في جانب الهلع ولم يفدك في الجوانب الأخرى، فأنا أقول لك إن بديله هو البروزاك، والبروزاك نفسه اتضح الآن أنه مفيد لنوبات الهلع والهرع، وذلك بجانب فعاليته القوية جدا لعلاج الوساوس والاستحواذات، لكن الجرعة يجب أن تصل إلى ستين مليجراما في اليوم على الأقل، وهي ثلاثة كبسولات، والبعض قد يحتاج إلى أربع كبسولات في اليوم، ومدة العلاج على هذه الجرعة يجب أن لا تقل عن سنة بأي حال من الأحوال، هذا بالنسبة للفترة العلاجية، أما الفترة الوقائية فيمكن أن تمتد أيضا إلى سنتين أو ثلاث ولا مانع في ذلك.

الذي أنصحك به هو أن تبدأ في تناول البروزاك، كبسولة واحدة يوميا بعد الأكل لمدة أسبوعين، بعد ذلك اجعلها كبسولتين في اليوم لمدة شهر، ثم ارفعها إلى ثلاث كبسولات في اليوم، تناول كبسولة في الصباح وكبسولتين ليلا، استمر عليها لمدة سنة كما ذكرت لك، بعد ذلك خفضها إلى كبسولتين في اليوم لمدة عام آخر، ثم كبسولة واحدة في اليوم لمدة عام ثالث. هذا من ناحية البروزاك.

أنت محتاج أيضا لداعم رئيسي للقضاء على هذه الاستحواذات، أقصد بالداعم أنه دواء يدعم فعالية البروزاك، وفي ذات الوقت يساعد في القضاء على الأفكار الاستحواذية الظنانية التي تعاني منها، أرجو أن تتفهم هذه النقطة، أن الدواء الثاني والذي يعرف تجاريا باسم (رزبريادال) ويعرف علميا باسم (رزبريادون) هو دواء مدعم وليس دواء أساسيا، لكن المدعم ما دام هنالك حاجة له فلن تقل أهمية عن الدواء الأول وهو البروزاك.

الرزبريادون يتم تناوله بجرعة واحد مليجراما ليلا لمدة أسبوعين، بعد ذلك تكون اثنين مليجرام ليلا، تستمر عليها لمدة تسعة أشهر، بعد ذلك خفضها إلى واحد مليجرام ليلا لمدة عام، ثم توقف عن تناوله واستمر على البروزاك كما هو.

بعض الناس الذين لديهم مشاكل في النوم ننصحهم بتناول السوركويل، وأنت إن كانت هذه الأحلام ناتجة من ضعف في النوم، فأقول لك إن السوركويل - والذي يعرف علميا بـ (كواتبين) - سيكون دواء ممتازا وفاعلا وبديلا مناسبا للرزبريادون.

جرعة السوركويل هي خمسة وعشرون مليجراما ليلا لمدة أسبوع، بعد ذلك تكون خمسين مليجراما ليلا لمدة شهر، ثم ترفعها إلى مائة مليجرام ليلا لمدة ستة أشهر، ثم تخفضها إلى خمسين مليجراما ليلا لمدة ستة أشهر أخرى، ثم إلى خمسة وعشرين مليجراما ليلا لمدة ثلاثة أشهر، ثم يتم التوقف عن تناوله. هذا بالنسبة للعلاج الدوائي.

بالنسبة للأسس العلاجية الأخرى: أنت مستبصر ومدرك بها، فقصتك مع الوساوس الاستحواذية طويلة، ولا شك أنه حدث لك نوع من التطبع والإلمام التام بماهيتها وكيفية مقاومتها.

الوساوس الدينية أرجو أن لا تناقش، إنما تحجر وتحقر وترفض، لا نقاش، لا تحليل، لا تفصيل، لا أن ننظر خلف المعلومة. هذا مهم جدا، تخاطب صراحة وعلانية (أيتها الوساوس، أنت وساوس، أنت حقيرة، أنت مستحوذة، لا مجال لك في حياتي أبدا، أغلقت الباب أمامك ويجب أن يغلق) وينتهي الأمر على هذا.

هذا يجب أن يكون نوعا من الفكر المتصل، ويجب أن تصرف انتباهك من خلال الشروع والدخول في أعمال مفيدة، وهذا لن يأتي إلا من خلال الحصول على وظيفة، والإصرار على الاستمرارية فيها، والحرص بأن تطور نفسك، وعليك اكتساب المعارف، كن من رواد حلق العلم في المساجد وغيرها، مارس الرياضة، هنالك أشياء كثيرة جدا أنا أراها غير متوفرة في حياتك، فتغيير نمط الحياة هو الآن من أصول العلاج التأهيلي النفسي السلوكي.

وللفائدة عليك بمراجعة هذه الروابط حول علاج الكوابيس والأحلام المزعجة سلوكيا: ( 2744 - 274373 - 277975 - 278937 ).

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، ونشكرك على التواصل مع إسلام ويب.

مواد ذات صلة

الاستشارات