السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لدي بنات بعمر (14,10, 9 ) سنوات لايقمن بأداء الصلاة إلا بعد تنبيههن على ذلك أكثر من مرة، وفي حال عدم تنبيههن قد يفوتنها! فما الحل؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لدي بنات بعمر (14,10, 9 ) سنوات لايقمن بأداء الصلاة إلا بعد تنبيههن على ذلك أكثر من مرة، وفي حال عدم تنبيههن قد يفوتنها! فما الحل؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمر العتيبي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه. الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، وبعد :
إن الصلاة هي أهم ما ينبغي أن يحافظ عليها المسلم بعد التوحيد، وهي أول ما يحاسب عليه الإنسان من عمله يوم القيامة، وهي الميزان في هذه الدنيا، ولا خير في من يترك الصلاة، ولذلك نحن نشكر لكم هذا الاهتمام، ونتمنى أن تكون هناك متابعة للبنيات في أمر الصلاة.
أرجو أن يجدن فيكم - في الوالدين - القدوة الحسنة على ذلك، لأن أهم شيء في المحافظة على الصلاة بالنسبة للأولاد هو أن يجدوا القدوة في آبائهم وأمهاتهم، إذا وجدوا ذلك الحرص والاهتمام بالصلاة، فإنهم سينشطون في أمر الصلاة، واقتضت حكمة الله تبارك وتعالى أن لا نجعل بيوتنا قبورا، إنما نجعل فيها من صلاتنا وقرآننا حتى ينشأ الطفل ويخرج إلى الدنيا فيجد أبا ساجدا لله وأما تركع لله تبارك وتعالى.
لا يخفى على أمثالك أن الشريعة تدعونا أن نأمر الأبناء وندعوهم للصلاة وهم أبناء سبع، ويصلح أن نأمرهم بالصلاة ونشجعهم قبل هذا السن، إذا جاء سن التمييز نعلمهم أن يصلوا، وكذلك عندما يجدوا الأب يصلي النوافل في البيت ويجدوا الأم تصلي الفرائض في البيت فإنهم سيتشبهون بهم ويقلدون الآباء والأمهات، فالإسلام أراد للصلاة أن تكون حاضرة حتى ولو الأطفال صغار جدا، إذا فتحوا أعينهم على الدنيا وجدوا أبا يركع لله وأما تسجد لله، فلا تجعلوا بيوتكم قبورا واجعلوا فيها من صلاتكم وقرآنكم.
ثم كذلك نحن ننصح بالاهتمام بالبنت الكبرى، لأن الصلاة أصبحت واجبة عليها في الغالب، فهي في سن البلوغ، وعند ذلك ينبغي أن تدرك أن الأحكام الشرعية أصبحت واجبة عليها، وأيضا بالتركيز على البنت الكبرى يكون في ذلك تشجيع لأخواتها الصغار على أمر الصلاة.
هذا التركيز والتشجيع للبنت الكبرى ينبغي أيضا نراعي فيها طبيعة المرحلة العمرية بأن نحاور الفتاة، بأن نذكر لها الاهتمام بالصلاة وأهميتها، بأن تشجعها الأم فتصلي معها، بأن نشجعها ونظهر الفرح عندما تؤدي الصلاة والطاعة لله تبارك وتعالى.
كذلك أيضا ينبغي أن نربط البرامج والمذاكرة بالصلوات، برنامج الخروج والرحلات، حتى يكون هناك اهتمام بأداء هذه الفريضة العظيمة التي شرفنا الله تبارك وتعالى بها، ولا مانع من أن نستمر التوبيخ خاصة الصغار، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال: (مروهم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها وهم أبناء عشر)، فتكرار الأوامر هدف مقصود من الناحية الشرعية، فمثلا من عمر ثلاث سنوات نقول صلي يا بنت صل يا ولد، ولا ينبغي أن نمل من هذا التكرار ومن هذا التنبيه.
المشكلة أن بعض الناس يهتم يوما أو يومين ثم يسكت بعد ذلك، وهذا يؤثر سلبا على الأبناء والبنات في أمر الصلاة، إذن نحن بحاجة إلى أن نذكرهم مرارا وننبه على أهمية الصلاة، ونضرب أيضا نموذجا في الاهتمام بأمر الصلاة، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم – كان يكون في مهنة أهله، لكن إذا حضرت الصلاة أسرع إليها، تقول عائشة - رضي الله عنها – (لم يشتغل بغيرها) (إذا حضرت الصلاة كأننا لا نعرفه وكأنه لا يعرفنا) يعني يهتم بأداء هذه العبادة اهتماما عظيما جدا، وأعتقد أن الرسالة الكبرى والهامة التي تصل إلى الأبناء هي اهتمام الآباء والأمهات بأداء هذه الفريضة.
كذلك أيضا ينبغي أن تجلب إلى البيت الأشرطة النافعة والكتب المفيدة التي تتحدث عن أداء هذه الفريضة، وخطورة ترك الصلاة، وما يترتب على ذلك من مخاطر على الأسرة وعلى الفتاة التي تهمل أمر الصلاة، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم – يقول: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر) وقال: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة) ويقول أيضا: (من حافظ عليها – يعني الصلاة – كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم تكن له نورا ولا برهانا ولا نجاة يوم القيامة، وحشر يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف).
كما أرجو أن تنبه البنيات إلى أنه إذا لم يواظبن على الصلاة فترة الشباب والقوة فمتى تكون المحافظة على الصلاة، وعلى أداء هذه الفريضة العظيمة؟! ولا يخفى على أمثالكم علاقة الصلاة كذلك بالتفوق والنجاح وبالرزق في هذه الحياة، فإن الصلاة مفتاح للخيرات، ولا عجب فهي قرة عين النبي - صلى الله عليه وسلم – وقد كانت محببة إليه، وقد قال: (جعلت قرة عيني في الصلاة) بل كان يقول (أرحنا بها يا بلال) وكان الصحابة الكرام – عليهم من الله الرضوان – إذا حزبهم أمر واشتد بهم الحال فزعوا إلى الصلاة، يتأولون قول الله تعالى: {واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين}.
نحن نريد أن يستمر التشجيع ويستمر التنبيه مع محاولة المناقشة والإقناع للفتاة الكبرى بأهمية الصلاة، وقد يكون أيضا من المفيد أن نحملها مسئوليات أخواتها الصغار، فنقول (إن محافظتك على الصلاة فيها تشجيع كبير لأخواتك الصغيرات، وأنت -ولله الحمد- أصبحت الآن ناضجة، أصبحت الآن عاقلة، ونحن فخورون بهذا المستوى الذي وصلت إليه، ونريد أن تحافظي على الصلاة، لأن في المحافظة على الصلاة لون من الشكر لله تبارك وتعالى الذي أعطانا هذه النعم وأعطانا هذا الاستقرار، وتفضل علينا بنعم لا نستطيع أن نحصيها. كما أن في محافظتك على الصلاة دليل على طاعتك لوالديك، فإن الصلاة واجبة) لكن عندما يأمر بها الوالد عندما تأمر بها الوالدة فإن الأمر يتأكد، لأنها مطالبة أن تطيع الله كذلك مطالبة أن تطيع الوالد والوالدة عندما يأمروها بالصلاة.
أرجو كذلك أن تتوجهوا إلى الله تبارك وتعالى دائما، وأرجو كذلك أن تعينوهم على أمر الصلاة بترتيب أوقاتهن من حيث ينامون في الوقت المناسب ويستيقظون في الوقت المناسب، حتى يعتادوا على المحافظة على الصلاة على هذه الفريضة العظيمة، ولا تظهروا العجز لأن هذا قد يصيبهم بالإحباط، وأعتقد أن مسألة الثواب والعقاب هو مبدأ لا غنى عنه، ولكنا دائما نقول لا يجوز إعطاء الثواب على الواجبات، فالصلاة من الواجبات.
إذا أعطينا الطفل وافترضنا أننا سنعطيه على صلاة الظهر خمس ريالات فلن يصلي إلى الفجر إلا بعشرين ريالا، وقد يعتاد هذا الثواب بعد ذلك، ولذلك نحن نرجو أن يكون إن وجد الثواب أن يكون ثوابا معنويا كالتشجيع والثناء على محافظته على الصلاة، ولذلك مسألة العقاب ما نتمنى أن نستعجل فيها رغم أن النبي صلى الله يقول واضربوهم عليها لعشر، لكن الإنسان إذا تتبع قول النبي صلى الله عليه وسلم فإنه يلاحظ أنه يبنى على ما قبله، وهذا الكلام لمن أمر بالصلاة أبنائه وهم أبناء سبع، وظل ثلاث سنوات في الخمس صلوات اليومية يردد (صل يا ولد، صلي يا بنت) والطفل فعلا يحتاج إلى تكرار، يحتاج إلى تذكير، يحتاج إلى تشجيع، يحتاج إلى متابعة.
إذا فعل الإنسان هذا فقد يكون من المستحيل التقصير في الصلاة، أما إذا قصر الأب كما يحصل من بعض الآباء فلا يأمرهم، أو بعضهم يأمر ويشتد ثم يتوقف شهورا بعد ذلك فلا يسأل عن صلاتهم، ستكون المهمة صعبة، إذا كانت البنت الكبرى في سن المراهقة فإنا لا ننصح باستخدام العقوبة إلا إذا لجأنا إليها كآخر حل وآخر الدواء الكي.
لذلك نرجو أن نتنبه لهذا، ودائما هذه السن قد نحتاج فيها إلى الحوار، إلى التفاهم، إلى الثناء، إلى النقاش الجاد، إلى السعي في إقناع هذه الفتاة بأهمية الصلاة، قد نقول لها: (الصلاة فريضة، نحن نخاف عليك من غضب الله، أنت عنوان للبيت وتاج رؤوسنا، ألا تعلمين يا فتاتي أن الله يعلم السر وأخفى، إننا نريد أن نذكرك بأن هذه الصلاة لله، فليست للوالد وليست للوالدة، لكنها لله تبارك وتعالى، وندعوك إلى أن تحافظي عليها إذا كنا أحياء أو بعد مماتنا، إذا كنت وحدك أو كنت مع الناس، لأن الله تبارك وتعالى لا تخفى عليه خافية، والإسلام يدعونا إلى أن نكون من المحافظين على الصلاة دائمون، دائما هذا هو تعبير القرآن، فالمطلوب ليس مجرد الصلاة بل إقامة الصلاة، بل الخشوع فيها، بل المواظبة والمداومة عليها).
قد نقول لهذه البنت الكريمة ( أنت البنت الكبيرة وأنت المهمة عندنا في البيت، نريدك أن تحافظي على الصلاة وتشجعي إخوانك الصغار للمحافظة على الصلاة) هذا أيضا من العلاجات النافعة، أن نحملها مسؤولية إخوانها، لأنها عند ذلك ستتحمل مسؤولية نفسها، وسيصعب عليها أن تدعوهم إلى الصلاة دون أن تصلي، المهم أرجو أن تتخذ الحيل المناسبة والمحاولات المناسبة، ونتمنى أن لا نضطر لاستخدام العصا، مع أن ذلك أمر مشروع، ولكن آخر الدواء الكي، وهذه السن قد لا يصلح معها الضرب، لأن من البنات والأولاد من يعاند وقد يحملهم الشدة والقسوة والضرب على أن يؤدوا الصلاة من غير وضوء، أو يؤدوها بغير خشوع أو يؤدوها تحت هذه القبضة الحديدية، فإذا غاب الأب تركوا الصلاة.
أرجو أن نستخدم مع إخوانها مهارات التواصل الجسدي، فنوقظهم للصلاة برفق، ندعوهم إلى أن يناموا مبكرين، ندعوهم كذلك إلى أن يهتموا بالصلاة، نظهر الفرح والحفاوة والبشاشة لهم عندما يصلون، ويسجدون لله تبارك وتعالى، ونتجنب التحقيق والتدقيق معهم، لأن هذا قد يعلمهم الكذب والاحتيال علينا، لذلك المسألة ينبغي أن نغرس فيهم روح الإيمان، روح المراقبة لله تبارك وتعالى، ونسأل الله أن يصلح لنا ولكم النية والذرية، وأن يلهمنا جميعا أسباب فلاح الدنيا والآخرة.
وبالله التوفيق.