السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا أعمل منذ عام، وأعجبت بفتاة في نفس تخصصي، تصغرني بعام، وعرفتها في السنة قبل الأخيرة من الدراسة الجامعية، ولكني لم أتحدث معها إلا في حدود الدراسة، وتعلقت بها جدا، ولم أعد قادرا على نسيانها، ومنذ حوالي شهر كلمتها علي الفيس بوك، وبدأ بيننا حوار وأصبحنا نتحدث بالساعات، ولكني لم أصارحها بشيء، ولكني أنوي التقدم إليها فعندي سؤالان؟
هل أستمر في الكلام معها على الفيس بوك؟ مع العلم أني لن أستطيع أن آخذ قرار التقدم رسميا لها إلا بعد خمسة أشهر بسبب ظروف عملي؟
أنا متعلق بها جدا، ولو لم تكلمني يوما أحس بالحزن والقلق الشديد، وأنا عندي طموحات في عملي، أريد أن أحققها منذ أن كلمتها مرة أخرى، لم أعد أفكر في شيء غيرها، وأن الدنيا بدونها ليس لها قيمة، أصبحت أنتظر الكلام معها كالطفل الصغير ينتظر شيئا متعلقا به! أشعر بخلل كبير عندي، وأنا شاب كنت أظن أني متدين، وكان لي أهداف لخدمة ديني، لكني الآن لم يعد لي إلا هدف واحد .. هو تلك الفتاة التي أسرت قلبي! أنا أخشى على نفسي أن لا تكون لي! وأحس أني بهذه المشاعر لن أستطيع أن أقيمها التقييم الصحيح، وأني لن أرى عيوبا بها، فما توجيهكم ونصائحكم لي؟
هل أكمل معها كلامي علي الفيس بوك بدون أن أصارحها بشيء؛ حتي أتعرف عليها أكثر؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه، وبعد:
فإنا نرحب بابننا الكريم محمد، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يستخدمه فيما يرضيه، وأن يقدر له الخير حيث كان ثم يرضيه به، وأن يلهمنا وإياه السداد والرشاد، ونبشر شبابنا بأننا سعداء بخدمتكم، ونكرر ترحيبنا بهم.
بالنسبة لابننا الكريم يسأل عن أنه أعجب بفتاة، والكلمة الدقيقة أنه أعجب بها، هذا مجرد إعجاب؛ لأن الإعجاب قد يحدث من النظرة الأولى أو من الانطباع الأول، ولكن بالنسبة للحب نحن نتمنى أن لا يحدث إلا بعد الرباط الشرعي، إلا بعد أن تعلن هذه العلاقة؛ لأن هذه العلاقة (الحب الحلال) هو ما كان بعلم الأهل، ما كان وفق الضوابط الشرعية، أما ما عدا ذلك من علاقة يسميها الناس (الزمالة)، أو يتواصل فيها الشاب مع الفتاة من وراء ظهر أهله وأهلها، فهذا من الأمور التي نتمنى من الشباب أن ينتبهوا لخطورتها، {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم}.
وإذا تعرف الشاب على فتاة ووجد في نفسه ميلا إليها، فإن أول الخطوات التي ينبغي أن يقوم بها هو أن يطرق باب أهلها، ثم بعد ذلك إذا وجد القبول وحصل التوافق، وجاء بأهله وقابلوا أهلها فعند ذلك تبدأ الخطوات التي بعدها؛ تبدأ مرحلة الخطبة، والخطبة ما هي إلا وعد بالزواج، لا تبيح للخاطب الخلوة بمخطوبته ولا الخروج بها، لكنها تتيح للإنسان أن يتعامل مع هذه الفتاة فيتعرف عليها وتتعرف عليه، ومن حقهما أن يسأل عنها وتسأل عنه؛ لأن العلاقة الزوجية الإسلام يؤسس لها بهذا الأساس المتين؛ لأنها علاقة طويلة ينبغي أن تكون الأمور فيها واضحة.
أما ما ذكرت من أن العلاقة كانت في حدود الدراسة ثم حصل التعلق الشديد ولم تعد تقدر على نسيانها، ثم انتقلتم بعد ذلك إلى الكلام عبر الفيسبوك، وبدأ الحوار، وأصبحتما تتحدثان بالساعات، وإلى الآن أنت لم تصارحها بشيء، ولكنك تنوي التقدم إليها.
طبعا هذا ضياع لوقتك ووقتها، وأنت أول من شعر بخطورة الأمر الذي أثر على دراستك، وأثر على همومك الدعوية الكبيرة التي كنت تتطلع القيام بها، وهي أيضا في الجانب الآخر تتضرر من هذه العلاقة، فالإسلام لا يعترف بأي علاقة لا تنتهي بالزواج، لا يعترف بأي علاقة تكون في الخفاء، لا يعترف بأي علاقة لا يأتي فيها الشاب للبيت من الباب، ولذلك حفظا لوقتك ولوقتها أرجو أن توقف هذه العلاقة حتى تصححها؛ لأنها تحتاج أن تتوقف وتستغفرا الله تبارك وتعالى، وكلاكما يتوب إلى الله تبارك وتعالى، ثم بعد ذلك لا مانع من أن تأتي البيوت من أبوابها، تطرق باب أهلها، وعند ذلك تنتقل للخطوات الصحيحة؛ لأنك عند ذلك فقط ستعرف هل سيوافقون عليك، هل أهلك أيضا سيوافقون، لأن الأمر بهذه الطريقة ضياع للوقت.
نحن دائما نحذر من التجارب العاطفية قبل الرباط الشرعي، لأن الناس يدفعون ثمنها غاليا، فقد يتعلق الإنسان بفتاة ويحال بينه وبينها، أو تتعلق الفتاة بشاب ويحال بينها وبين الزواج به، فتقضي حياتها في ندامة وفي حسرات، وذاك أوان لا ينفع فيه الندم! بل قد يتزوج الإنسان بعد ذلك بأخرى، لكن يظل بفكره وروحه مع الأولى، وهي أيضا قد تتزوج بآخر، يرفض الأهل ولا تتم هذه الزيجة، لكنها تتزوج بآخر وتظل بقلبها وروحها مع الأول، الذي كانت تكلمه دون غطاء شرعي ودون موافقة أهلها.
ولذلك ينبغي أن تنتبه لخطورة هذا الكلام، ونحن نقدر المعاناة ونقدر أنك يصعب عليك اتخاذ هذا القرار، لكننا نؤكد لك ولها أن المصلحة لكما هي أن تخرجوا من هذه العلاقة الآن؛ لأن الأمور مستقبلا تتعقد وتزداد صعوبة، فالخروج في هذا اليوم أسهل من الخروج في الغد، ولذلك ينبغي رغم صعوبة الوضع إلا أن المسألة تحتمل!!
وأنت تقول الآن أنك بدأت تفقد الأهداف الكبرى، وأيضا هذا الحب الذي يعمي أو الميل يعمي أو الإعجاب الذي لا حدود له، كما قلت جعلك لا تستطيع أن تقيم التقييم الصحيح، الأمر كما قال الشاعر: (وعين الرضى عن كل عين كليلة) فأنت الآن بدأت تنظر بهذا الجانب، ولكن ينبغي أن تنصح لنفسك وتنصح للفتاة، والنصح للنفس ولها هو أن تتوقف فورا عن هذه العلاقة، وبعد ذلك كما قلنا لابد أن تأتي إلى البيوت من أبوابها.
ويمكن إذا أردت أن تتعرف عليها، يفضل أن يكون ذلك عن طريق أخواتك أو محرم من محارمك رفعا للحرج عنك وعنها، فليس من الحكمة أن تصارحها وتخطبها من نفسها، لأن الأصل عندنا أن الفتاة تطلب من أهلها، وأن الإنسان يطرق باب أهلها ليطلب يد الفتاة، لأن الفتاة لها أولياء، لابد أن يشاركوا في هذه المسألة.
أما بالنسبة للتعرف عليها فهذا يكون بعد الخطبة الرسمية، والخطبة من أهدافها أن يتعرف كل إنسان، كل طرف على الثاني، حتى يتم بعد ذلك الزواج، وهذا حق تكلفه الشريعة، فمن حق الشاب أن يسأل عن البنت التي يريد أن يتزوج بها، كما أن من حق الفتاة أن تسأل عن الشاب الذي تريد أن ترتبط به؛ لأن هذه العلاقة طويلة وعلاقة تحتاج إلى أن يتثبت فيها الإنسان، ونسأل الله أن يقدر لكما الخير حيثما كان، وأن يجمع بينكما على خير عن قريب في إطار الرباط الشرعي (الزواج).
والله الموفق.