أريد دواء لكثرة التفكير، والوساوس القهرية.. لا يسبب الإدمان

0 700

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا أعاني من كثرة التفكير والوساوس في أمور دينية سلبية، تصورات ما أنزل الله به من سلطان، آسف لا يستطيع لساني ذكرها، وأفضل الموت على التحدث بها، تأتيني في الصلاة، وفي كل وقت، وبعد الاستيقاظ من النوم فورا لصلاة الفجر، مع أني -ولله الحمد- من المحافظين على الصلاة والأذكار الصباحية والمسائية، وأذكار النوم، وقراءة القرآن الكريم، وهذه الحالة تقريبا منذ أسبوعين.

في بعض الأوقات أريد البكاء بسبب ذلك، والتفكير في العلاقات الجنسية، مع العلم أني لست متزوجا، فهل هو السبب في ذلك؟ مما يسبب القلق والخوف والتوتر، وأحس بثقل الرأس وصداع خفيف، أعاني من شرود الذهن، وقلة النوم وعدم الراحة فيه، ويؤثر ذلك على القولون العصبي، والإحباط، وعدم الراحة النفسية.

أتمنى منك يا دكتوري العزيز أن تدلني على علاج، هل تنصحني بالأدوية النفسية؟ هل هي كما أسمع هي أدوية تسبب الإدمان؟ أي تستمر طول العمر؟ ولك جزيل الشكر والتقدير، ونسأل الله أن يكتب لك الأجر والثواب في الدنيا والآخرة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو عدي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فهذا الذي حدث لك هو وسواس قهري، وأتفق معك تماما أن الوسواس القهرية خاصة ذات المحتوى الديني مؤلمة جدا للنفس، لكن أقول لك يجب أن تقبلها كابتلاء بسيط، ومن ملاحظاتنا المتواضعة حول هذه الحالات أنها دائما تأتي للطيبين والصالحين من الناس، والوساوس معروفة بأنها تصيب الناس في الأشياء الحساسة والعزيزة عليها، أي أن الفكر الوسواسي في معظم الأحيان تجده متمركزا حول هذه الأمور الدينية وكذلك الجنسية.

الوساوس قديما كتب عنها أبو زيد البلخي كلاما متميزا، كما أن الإمام أبو حامد الغزالي أشار إليها، وقبل ذلك ورد في السنة ما يشير أن بعض أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم – قد اشتكوا إليه مما يأتيهم في نفوسهم ولا يستطيعون البوح به، ولأن يصيب أحدهم حممة من نار، ولا يتلفظ بها، وذلك لدرجة فظاعتها، والدلائل تشير أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يقصدون بذلك الوساوس القهرية.

فهي أمر معروف وقد أصيب به خير القرون، فيجب أن نقبله ولكن في ذات الوقت نسعى لعلاجه، وأفضل وسائل العلاج هي تحقير الوسواس، والوسواس ذو المحتوى والمنشأ الديني أو الجنسي يغلق عليه من خلال عدم مناقشته، الذين يحاولون مناقشة هذه الأفكار وردها من خلال أفكار مبنية على المنطق، أي أفكار حوارية بأن تحاول أن تضع الحجج المضادة لها، هذا ليس أمرا جيدا، وربما يجعل الوساوس تشتعل وتتزايد.

لذا وجدنا أن أفضل طريقة لعلاج الوساوس الدينية هو الإغلاق التام عليها وتحقيرها، وذلك ما قاله النبي -صلى الله عليه وسلم- لبعض الصحابة حين قال: (فليستعذ بالله ولينته) ومن خلال أن تخاطب الوسواس مخاطبة مباشرة وتقول له: (أنت وسواس، حقير، لن تجد إلى نفسي سبيلا، اذهب أيها الحقير، لا حوار معك، لا نقاش معك، ولا قبول لك)، وتستعذ بالله تعالى من الشيطان الرجيم وتنتهي، وإن كان سببه الشيطان فلا شك أنه سوف ينخس ويبتعد.

الوساوس من حيث الأسباب والعوامل نرى أن الجوانب الطبية تلعب فيها دورا كبيرا، حيث اتضح أنه تحصل تغيرات في بعض المواد الكيميائية في الدماغ، وهذه تسمى بالمرسلات أو الموصلات العصبية، لذا وبفضل من الله تعالى أصبحت الأدوية الطبية النفسية السليمة وغير الإدمانية تمثل المحور العلاجي الرئيسي، فأقول لك توكل على الله، وإن استطعت أن تذهب إلى الطبيب النفسي فهذا جيد، وإن لم تستطع فيمكنك أن تتحصل على أحد الأدوية المضادة للوساوس، ومعظمها لا تحتاج أبدا إلى وصفة طبية.

الدواء الذي سوف يناسبك يعرف تجاريا باسم (فافرين) واسمه العلمي هو (فلوفكسمين) وجرعته هي أن تبدأ بخمسين مليجراما ليلا، من الضروري أن تتناول هذا الدواء بعد الأكل، لأنه في بعض الحالات قد يؤدي إلى عسر بسيط في الهضم، لكن إذا تم تناوله بعد الأكل فهذا لن يحدث.

بعد مضي أسبوعين ارفع الجرعة إلى مائة مليجرام ليلا، استمر عليها لمدة أسبوعين، بعد ذلك ارفعها إلى مائتي مليجرام، وهذه هي الجرعة المضادة للوساوس القهرية، يمكنك أن تتناول هذه الجرعة بمعدل حبتين ليلا أو حبة صباحا وحبة مساء، ويجب أن تستمر عليها لمدة أربعة أشهر، بعد ذلك خفضها إلى مائة مليجرام ليلا، واستمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم اجعلها خمسين مليجراما ليلا لمدة شهرين، ثم توقف عن تناول الدواء، إذن الفافرين هو الدواء الرئيسي، وتوجد أدوية أخرى ممتازة، لكنه هو يعتبر من أحسنها.

هنالك دواء آخر أرجو أن تستعمله أيضا كدواء تدعيمي، هذا الدواء يسمى تجاريا باسم (دوجماتيل) واسمه العلمي هو (سلبرايد) الجرعة المطلوبة هي جرعة بسيطة أيضا، ابدأ في تناوله بجرعة كبسولة صباحا ومساء - وقوة الكبسولة هي خمسين مليجراما - تناول هذه الجرعة لمدة شهرين، ثم اجعلها كبسولة واحدة مساء لمدة شهر، ثم توقف عن تناول (الدوجماتيل)، لكن يجب أن تستمر في تناول (الفافرين) كما هو.

لابد أن ألفت نظرك إلى أن بعض الإخوة الكرام يتوقفون عن تناول الدواء بعد شعورهم بالتحسن، وهذا خطأ، والصحيح والمفترض والمتفق عليه علميا هو ضرورة إكمال مراحل العلاج، وكما تلاحظ مراحل تناول الدواء مقسمة إلى جرعة بداية أو جرعة تمهيدية، ثم جرعة العلاج، ثم جرعة الوقاية والتوقف التدريجي، فأرجو أن تتبع هذا المنهج، وأرجو أن تعيش حياتك عادية جدا، وسوف تختفي منك إن شاء الله تعالى أعراض القلق، والتوتر، والقولون العصبي، وحتى الشعور بالإحباط.

بارك الله فيك وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات