السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تحية طيبة وبعد، أنا متزوجة حديثا، منذ أربعة أشهر فقط.، في الأشهر الثلاثة الأولى كان زوجي يعطيني مصروف شهري ولم أكن أطلب الزيادة إذا احتجت لمصاريف أخرى، كنت أراعي ظروفه أنه متزوج حديثا وأنه كما يقول لديه بعض الديون.
ولكن لما كنا نذهب سويا للسوق كان يدفع عني، هذا الشهر أقصد الشهر الرابع، أعطاني مصروفي كالعادة وأخبرته أن المبلغ غير كافي حيث أن هذا الشهر لدي بعض الحاجيات والملابس مع العلم أني لم أتجرأ أن أطلبه إلا لما رأيت أمه وأخواته يطلبن منه وينفق عليهن، لكنني تفاجأت بالرد بأني موظفة وأنه لن يعطيني أكثر من هذا المبلغ، وأنه أي احتياجات أخرى يجب أن أتكفل بها بنفسي، علما أنه حتى لم يسأل كم أريد !! مما يعني أنه رافض الفكرة تماما.
في لحظتها قلت له أني أصرف من مالي دون أن أرجع لك وأنت تعلم أن هذا المبلغ لا يكفيني، وأنا لم أطلبك زيادة شهرية، وإنما هذا الشهر صادف وجود عدة أشياء في وقت واحد، فأصر بأنه لن يعطيني أي شيء وغير ملزم بأي تكاليف تجاهي أنا سوى هذا المصروف، أما البيت والعمال فإنهم مسؤوليته، سألته وإذا رزقنا بأطفال قال هم مسؤوليتي، فقلت له وأنا والدتهم وأيضا مسؤوليتك.
سكت عنه وتجنبته لما رأيت إصراره، علما أن إخوانه متكفلين بزوجاتهم من جميع مصارفيهن، دارت بي الدنيا والله العالم أني أضع المصروف الذي يعطيني إياه في محفظة ومالي من راتبي في محفظه أخرى، فإذا أردت الصدقة أو إعطاء أمي أو أخواتي أو هدايا صديقاتي فإنها من راتبي الخاص وليس من ماله.
مرت 3 أسابيع ولم يتغير الوضع شكيت الأمر إلى أمي، وأمي تقول اصبري.
سبحان الله كنت حامل وأجهضت، وبعد هذا الموقف علمت أنها خيرتي بأن لم يكتمل الحمل، فأنا لا أريد زوجا يحملني نفقتي ويفصل بين ما يصرفه على بيته وعلى الأولاد وبيني ويقيدني بمبلغ محدد، علما أن وضعه المادي جيد.
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ وديمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فمرحبا بك أختنا الكريمة في استشارات إسلام ويب.
نحن نتفهم أيتها الكريمة المشاعر التي تجدينها تجاه موقف زوجك هذا، وربما كانت مفاجئة لك إلى حد ما، ولكننا في الوقت ذاته ننصحك بما نصحتك به أمك أولا وهو الصبر على زوجك وإن قصر في بعض حقوقك، هذا على فرض أنه حصل شيء من التقصير.
نحن ندرك تماما الإدراك أيتها الأخت أن ما أصابك من مفاجئة من موقف زوجك هو عدم علمك بأحوال كثير من الأزواج مع زوجاتهم، ولو كنت تعرفين ذلك ما أصابك ذلك الموقف الذي أصبت به حين منعك زوجك المبلغ الذي طلبته منه، ونحن لن نبحث الموضوع من الناحية الشرعية وهل لك حق عليه أو ليس لك حق، فهذا أمر آخر، ولكننا قبل ذلك نقدم لك النصيحة ممن يريد لك الخير ويتمنى لك السعادة.
نحن ننصحك أن لا تبني حياتك مع زوجك على المشاحة والاستقصاء في الحقوق، فإن هذا السلوك يخلق نفرة بين الزوجين تعظم هذه النفرة وتتولد منها الكراهية وتنمو هذه الكراهية يوما بعد يوم مما قد يؤدي إلى عواقب لا تحمد، وقد يندم الإنسان حين لا ينفع الندم، فالحياة الزوجية ينبغي أن تكون قائمة على التسامح بين الزوجين وغض الطرف من أحدهما عن تقصير الآخر لو حصل تقصير، وهذا السلوك هو الذي يحفظ لك بيتك، ويبني لك سعادة حقيقية، ولهذا جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - المحفز والمرغب للمرأة هي أن تسلك هذا السلوك هو وعدها بالجنة، فقال - عليه الصلاة والسلام - : (ألا أخبركم بنسائكم من أهل الجنة؟ الودود الولود العئود، التي إذا آذت أو أوذيت جاءت فوضعت يدها في يد زوجها وقالت: لا أذوق غمضا حتى ترضى)، فهي تغض الطرف عما يصيبها من الأذى ويقع عليها من الظلم وتبادر هي بطلب العفو والمسامحة من الزوج، بل وتخبره بأنها لا تستطيع أن تغمض عينها نوما إلا بعد أن يرضى زوجها عنها.
هذا السلوك -أيتها الكريمة- هو الكفيل بأن يغير أخلاق الزوج مهما كانت هذه الأخلاق السيئة، ولذا فنصيحتنا لك أن لا تنهجي منهج الاستقصاء في طلب الحق والمشاحة للزوج وإن كان لك في ذلك حق، ومواقفك المتسامحة ستحرج زوجك لا محالة وسيراجع نفسه يوما ما، ولا سيما أننا لمسنا من خلال ما ذكرت عن زوجك أنه رجل فيه قدر لا بأس به من احترام حقوقك، وفيه قدر كبير جدا من الاعتداء على حقك، ربما يكون هذا التقصير من الناحية المادية منشأه أنه يرى أنك تملكين مالا آخر، فدفعه هذا إلى أن يمنعك ما سألت، لا ينبغي أن تتخذي هذا موقفا دائما أيتها الأخت، ونحن على ثقة أنك إذا عملت بهذا ستكسبين زوجك ولن يبخل عليك بشيء.
ثم كوني على ثقة أيضا أنك مهما أنفقت على نفسك أو أعنت زوجك إذا احتاج إلى عون فإنك مأجورة على ذلك كله، فالمال لا يكتسب إلا لهذه الأغراض، وإذا أنفقته مبتغية وجه الله تعالى فإنك تؤجرين عليه.
أما الحدود الشرعية والحقوق التي جاءت بها الشريعة، فإن الله عز وجل فرض للمرأة على زوجها الكسوة والنفقة والمسكن بالمعروف، أي بما يتعارفه الناس من مثل هذا الزوج لمثل هذه الزوجة، فهذا القدر واجب، وقد ذهب كثير من الفقهاء إلى تحديد هذا القدر بأشياء تناسب زمانا تكلموا فيه، ولكن المرجع في هذا العرف وهو الذي أرجعنا إليه القرآن والسنة، فقد قال الله سبحانه وتعالى: {ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف} وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : (ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف)، فما تعارفه الناس هذا يجب على الزوج أن يؤديه، ولن نشعر أبدا بأن زوجك سيقصر في هذه الحقوق.
لذا فنصيحتنا لك أيتها الكريمة أن تغض الطرف وأن لا تبدئي حياتك بهذا النوع من المشاحة، وأن تشعري زوجك بأن لكما سواء وأنه لا فرق بينك وبينه، وهذا النوع من التعامل سيؤدي به لا محالة إلى أن يراجع حساباته، ويعلم أن ما أعطاك إنما يعطيه لنفسه، وبهذا تكسبين زوجك وتبتعدين عن المهاترات وربما الشقاق الذي يؤدي إلى فصام عرى المحبة بينكما.
نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يديم الألفة بينك وبين زوجك، وأن يحفظ لك أسرتك.