السؤال
السلام عليكم.
منذ خلقت وأنا أخاف, ولا أبالغ أبدا ففي كل مرحلة من حياتي تتميز بالخوف من شيء معين، ما أن أتغلب عليه حتى يأتي شيء آخر أعظم منه أخافه.
وصل عمري 28 عاما، ووصل خوفي للخوف حتى من النوم والوحدة, أخاف من الموت، وكل صوت أو شعور، أو حدث حتى لو كلمة مع السلامة، أفسرها بقرب الموت، منذ أكثر من سنة.
ألجأ لأمي دائما، وكنت أتمنى أن أكون لها عونا بعد أن كبرت، لكني أصبحت عالة عليها, أمي بدأت تمل مني، وأصبحت تصرخ في وجهي، ولا ألومها، لكني بحاجة لذلك, أخاف الذهاب للمستشفيات، أخاف أن يكتشفوا في مرضا خطيرا، وأخاف من الأدوية، وأحيانا أخاف من الأكل والشرب، أخاف أن أختنق منها، أو يذهب الأكل لمجرى التنفس, أخاف من التمارين الرياضية، أخاف أن أتسبب في إيذاء نفسي بسببها، وأشياء كثيرة أصبحت أخاف منها, وأنا صغيرة عندما أخاف أقول لنفسي أني سأكبر، وسأصبح أقوى، وسأتغلب على الخوف! دائما أشك أن قلبي مريض وسيتوقف، ذهبت للطبيب قال قلبك سليم، وذكر أن عندي القولون العصبي، متهيج جدا وأعطاني دواء لمدة أسبوع, ذهبت له مرة ثانية ليفحص قلبي، ورفض، وقال ليس فيه شيء، ويجب أن تتوقفي!
في السابق كنت أتغلب على خوفي بمواجهة ما أخافه جاءتني أربع أو خمس سنين أخاف من الرياح، ثم أصبحت أفتح الشباك، وأخرج، كلما جاءت رياح حتى أصبحت شيئا عاديا لي، إما لأني لا أستطيع عمل ذلك لأني أصبحت أخاف من أشياء أكبر مني.
أنا ملتزمة دينيا، ومتفوقة دراسيا, مشكلتي الرئيسية هذه الأيام، والتي أرجو أن أجد لها حلا، هي النوم، أخاف أنوم، ويحصل لي شيء, لذلك لا أنام إلا في النهار منذ سنين والله, وأحيانا لا أنام إلا ساعات قليلة أو أواصل ليومين, كثيرا ما أرى كوابيس مزعجة، ومخيفة، أستيقظ منها مرعوبة, في الليل تنام أمي عندي، وأترك النور، والباب مفتوح، ولا أنام إلا في النهار، وبمشقة وأحيانا أتمنى أن النوم لم يخلق.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ منى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فالخوف والقلق والغضب والانفعال وحتى الوساوس هي كلها مشاعر وطاقات إنسانية تكون مطلوبة، لكن يجب أن تكون بمعدل معقول ومفيد، فمثلا الإنسان الذي لا يقلق لا ينجح، والإنسان الذي لا يخاف لا يحمي نفسه، والإنسان الذي لا يوسوس لا يكون منضبطا ومتدققا، وهكذا. لكن قد تخرج هذه الظواهر عن المعدل المطلوب وتنعكس سلبا على صاحبها.
أنت تعانين من قلق المخاوف، ويلاحظ أن مخاوفك بدأت من سن مبكرة، وهي متدرجة ومتنقلة، أي أنها تنتقل من موضوع إلى آخر، وهذا نشاهده كثيرا في المخاوف.
هنالك أيضا أمر يميز مخاوفك جدا وهي أنها ذات طابع وسواسي، مثلا ما ذكرته حول الخوف من الأكل والشرب وذلك خوفا من الاختناق، أو أن يذهب الأكل في مجرى التنفس، هذا خوف وسواسي قطعي ولا شك في ذلك.
العلاج: أنت ذكرت لمحات عنه بقولك أنك في السابق كنت تتغلبين عليه من خلال المواجهة، المواجهة سوف تظل هي العلاج الرئيسي، ولتساعدي نفسك على هذه المواجهة يجب أن تحقري فكرة الخوف أولا، ولا تعطيها أي اهتمام، وتستبدليها بفكرة مخالفة لها تماما، وفي ذات الوقت يجب أن تتدربي على تمارين الاسترخاء، فهي تجعل الناس يقدمون على المواجهة بصورة أفضل وأنسب، وسوف يشير لك الأخوة في إسلام ويب لكيفية تطبيق هذه التمارين.
أنت في حاجة شديدة للعلاج الدوائي، والأدوية المضادة للمخاوف والقلق والوساوس متوفرة وهي جيدة جدا وسليمة في ذات الوقت، والدواء سوف يساعدك في تطبيق الآليات السلوكية التي تحدثنا عنها سلفا.
إن استطعت الذهاب، ومقابلة طبيب نفسي فهذا سيكون أمرا جيدا، وإن لم يكن ذلك ممكنا فالدواء المتميز والمتميز جدا، والذي يعرف تجاريا باسم (سبرالكس) واسمه العلمي هو (إستالوبرام) سيكون هو الدواء الأنسب جدا لك، جرعة البداية هي خمسة مليجرام – أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام – بعد عشرة أيام ارفعيها إلى حبة كاملة – أي عشرة مليجرام – ليلا، ويفضل تناول الدواء بعد الأكل، استمري على هذه الجرعة لمدة شهر، ثم ارفعيها إلى عشرين مليجراما يوميا، وهذه الجرعة العلاجية يجب أن تستمري عليها لمدة أربعة أشهر، ثم خفضيها إلى عشرة مليجرام ليلا لمدة ستة أشهر، ثم اجعليها خمسة مليجرام ليلا لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول الدواء.
السبرالكس دواء فعال جدا كما ذكرت لك، وهو غير إدماني وغير تعودي، ولا يؤثر على الهرمونات النسائية، فقط في بعض الأحيان قد يؤدي إلى زيادة بسيطة في الوزن لدى بعض الناس، لكن هذه يمكن التحكم فيها من خلال ممارسة الرياضة وترتيب الوضع الغذائي.
أرجو أن أؤكد لك حقيقة هامة وهي أنني قد تفهمت رسالتك تماما، وكل ما ورد فيها حتى موضوع الخوف من النوم، وأن يحصل لك شيء هو قلق ومخاوف وسواسية، وليس أكثر من ذلك.
كوني حريصة أيتها الفاضلة الكريمة على أذكار النوم، وتجنبي تناول الشاي والقهوة في فترة المساء، ويفضل أيضا أن تكون وجبة العشاء خفيفة، هذا يبعد الكوابيس المزعجة - إن شاء الله تعالى -، وانظري: ( 261797 - 272262 - 263284 - 278081 ).
في سياق آخر: أريدك أن تطوري من مهاراتك الاجتماعية وذلك من خلال التواصل مع زميلاتك وصديقاتك وزيارة الأرحام، ويا حبذا أيضا لو ذهبت، وانضممت لأحد مراكز التحفيظ في البلد الذي تعيشين فيه.
المشاركة في حلق القرآن، والاجتهاد في الحفظ حتى ولو كان جزء يسيرا منه هذا يقوي من مقدرات الإنسان الدافعية النفسية الداخلية، ولا شك أن مقابلة الصالحات من النساء أيضا يعتبر نوعا من التمازج الإيجابي الذي يطور من مهارة الإنسان، ويزيل من الخوف والقلق.
تمارين الاسترخاء مهمة جدا في مثل حالتك كما ذكرت لك: ( 2136015 )، وأرجو أيتها الفاضلة الكريمة أن تأخذي هذه الوصفة الإرشادية كأمر متكامل، أي التطبيقات السلوكية وتناول الدواء، كلها يجب أن تمشي مع بعضها البعض، وكذلك تغيير نمط الحياة بصورة إيجابية.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.