السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
منذ حوالي 18 عاما، وأنا أعاني من مرض الخوف من المجهول, خصوصا الجن؛ لأنه صارت لي وقائع شخصية مع مريض من الأسرة عافانا الله، وجميع المسلمين، ومن يومها، وأنا أشعر أني مطارد منهم، ويزيد القلق خصوصا أثناء النوم لوحدي أو لسماع أخبار العفاريت، والمردة مع أني ملتزم، -والحمد لله- ومحافظ على الصلوات والأذكار.
أيضا هناك قلق من المستقبل خصوصا بمصير أولادي أن يحدث لهم كذا وكذا خاصة أثناء سفري أو سفرهم , ووصل القلق مرحلة إلى أنني لا أستطيع النوم "أحيانا" إلا بأخذ "زاناكس" بدون وصفة طبية، ولمدة طويلة مع علمي أنه ضار وتعودي.
أعاني أيضا من النوم خصوصا إذا كان لدي "عمل، أو مهمة" يجب انجازها في الصباح الباكر, وإن لم أنم قد أواصل نومي، ولكن لا أستطيع النوم بسهولة في اليوم التالي مع شدة تعبي من مواصلة اليوم بدون نوم, مع أنه من الطبيعي أن أي شخص مرهق يجب أن ينام، ولكن يحدث معي العكس، والحمد لله على كل حال, لم أقم بزيارة طبيب نفسي؛ لأنه في الحقيقة لا أثق كثيرا في أن أجد طبيبا متمكنا في المدينة الصغيرة التي أعيش فيها.
أرجو إفادتي، ولا تنسونا من دعائكم، وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو عبدالسلام حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
شكرا لك على السؤال، وندعو الله تعالى لك براحة البال والاطمئنان.
إذا بدأنا بالأمر الأخير الذي ذكرته في سؤالك، وهو اضطراب النوم، فإنه في الغالب عرض للأمر الأول من القلق والخوف المترقب من المستقبل وما هو آت، وخاصة أنك تعاني من هذا الخوف والقلق منذ سنوات.
ومن طبيعة الخوف أنه غير منطقي أحيانا، وغير ملتزم بقناعات الشخص، فالشخص قد يكون مؤمنا ومتوكلا على الله تعالى، إلا أن الخوف يسيطر عليه وبالرغم من هذا الإيمان وهذا التوكل، فالخوف أو الرهاب غير منطقي وغير مفهوم في كثير من الأحيان.
وهناك من الناس من لديهم شخصية قلقة، بحيث يقلق هذا الشخص لأي أمر يعرض له في حياته، وإذا انشغل باله بأمر فربما لا نوم ولا اطمئنان.
وأميل عادة في علاج مثل هذه الحالات بعلاج القلق أولا، والعادة أنه مع تحسن القلق أو الخوف، يطمئن الإنسان، ويتحسن نومه وبقية جوانب حياته.
لعلاج القلق أكثر من طريقة، فهناك العلاج الدوائي باستعمال مضادات القلق ومضادات الاكتئاب بجرعات صغيرة، وهناك العلاج النفسي كالعلاج المعرفي السلوكي، وهناك ما له علاقة بإعادة ترتيب نمط الحياة، وعندي شعور بأن أكثر ما يناسبك هو الأخير بالنظر لنمط الحياة اليومي.
دعني أسألك، بالإضافة للصلاة والأذكار، هل لديك هوايات أو أنشطة تقوم بها للتخفيف عن توترك كالرياضة، والسباحة مثلا أو المشي، أو غيرها؟ فمثل هذه الأنشطة تزيل التوتر المتراكم في حياتنا من ضغط الحياة والمسؤوليات.
وهل تحرص على أن تعطي نفسك بعض الوقت للراحة والتخفف من أعباء الحياة ومسؤولياتها؟
هل تقضي وقتا طيبا هادئا مع زوجتك وأولادك، الذين تقلق عليهم طوال الوقت، تتحدثون وتتسامرن وتلعبون وتضحكون؟
هل عندك صديق أو بعض الأصدقاء الذين ترتاح إليهم، ويمكنك دعوتهم للخروج معا لتناول بعض القهوة، والدردشة الهادئة معهم؟
هل تبادر في بعض الأعمال الخيرية، ومساعدة المحتاج، فتخفف عنهم معاناتهم؟
هل تحافظ على نظام غذائي صحي ومتوازن، وبحيث تؤمن قدر الإمكان نمطا يوميا معتدلا؟
فكما تلاحظ أن العلاج الأنسب للقلق واضطراب النوم ليس بمجرد دواء للنوم، وإنما يتطلب إعادة ترتيب نمط الحياة.
أعانك الله وأراح بالك، وأمتعك بالنوم الهادئ.